حقق الفيزيائيون ولأول مرة عملية نقل كمي تحت الماء

تمكن علماء صينيون وبنجاحٍ من ارسال معلومات بين جسيمات متشابكة (الجسيمات المتشابكة: ظاهرة فيزيائية تظهر عند تفاعل مجموعة من الجسيمات مع بعضها بطرق بحيث لا يمكن وصف الحالة الكمية لكل جسيم بشكلٍ مستقل عن الآخر) من خلال مياه البحر، وهذه هي المرة الاولى التي يتم فيها تحقيق تواصل كمي تحت الماء.

وفي تجربة إثبات المفهوم هذه، تم ارسال المعلومات عبر خزان مياه يبلغ طوله 3.3 متر (10.8 قدم)، ولكن يتوقع الباحثون انه يجب ان يكونوا قادرين على استخدام نفس هذه التقنية لإرسال اتصالات غير قابلة للاختراق لمسافة ما يقارب 900 مترًا (0.55 ميلًا) عبر المياه المفتوحة.

تحدث الفيزيائي من جامعة واتيرلو (University of Waterloo) في كندا توماس جينوين (Thomas Jennewein) الى ديفين بويل (Devin Powell) الكاتب في مجلة العلم الحديث (New Science) قائلاً: “تحدث الناس عن فكرة الاتصالات الكمية تحت الماء من قبل، ولكني لا اعرف احداً قام بتجربة كهذه”.

وأضاف: “التطبيق الواضح للطريقة سيكون تحت سطح الماء اي يجب ان يكون مغموراً ولكن يتم الاتصال بطريقةٍ آمنةٍ في نفس الوقت”.

تعتبر هذه التجربة امراً مهماً، لأن الاتصال الكمي، او ما يعرف ايضاً بالنقل الكمي، يعد بالسماح للناس بإرسال رسائلهم المحمية من المتطفلين بواسطة قوانين فيزيائية. وتدعى هذه بعملية التشفير القصوى.

وتقوم هذه العملية على أساس التشابك الكمومي، او ما يعرف عنها بالظاهرة الغريبة التي أشار آينشتاين إليها بـ”العمل المريب عن بعد”. التشابك الكمومي أساساً يعني ان اثنين من الجسيمات ترتبط ارتباطاً وثيقاً بحيث ان مهما حدث لواحدة منها فأنه سيحدث للاخرى، بغض النظر عن المسافة التي بينهما.

وقد قام العلماء بالفعل من “نقل” المعلومات بواسطة هذه الآلية عبر مسافاتٍ شاسعةٍ ومن النقل عن طريق الياف بصرية وحتى النقل في الفضاء المفتوح.

تمكن فريق مستقل من الباحثين الصينيين في وقت سابق خلال هذه السنة، من استخدام التشابك الكمومي لنقل معلوماتٍ الى قمر صناعي عبر مدار ارضي يبلغ طوله أكثر من 500 كيلومتراً ( اي حوالي 311 ميلًا).

ولكن لم يستطع أحد حتى الآن من القيام بنفس العملية في الماء، لان الماء يعتبر شيئًا شفافًا وغير صالح للاستخدام عندما تحاول نقل شيء من خلاله. فقط تخيل انك توجه مؤشر ليزر ساطع نحو الهواء ثم الى الماء.

اخذ باحثون من جامعة شانغهاي جياو تونغ (Shanghai Jiao Tong University) لهذه التجربة بعضاً من مياه البحر الاصفر (Yellow Sea) ووضعوها في خزان يبلغ حجمه ثلاثة أمتار في مختبر.

ثم كونوا زوجاً من الفوتونات المتشابكة بوساطة اطلاق شعاع ضوئي عبر بلورة كريستال. مهما كان استقطاب احد الفوتونات، فإن الفوتون الاخر سيحمل الاستقطاب المعاكس تلقائياً.

ووُضعَت هذه الفوتونات على طرفي نهايات متناقضة للخزان، وأظهر الفريق انه على الرغم من كون الفوتونات منفصلة بواسطة أمتار من مياه البحر، إلا أنها تستطيع تبادل المعلومات بشكلٍ دقيقٍ لأكثر من %98 من الوقت.

وكتب باحثون في مجلة “المجتمع البصري” (The Optical Society): “تؤكد نتائجنا ان الجدوى من قنوات كم المياه البحرية، تمثل الخطوة الاولى نحو انشاء اتصالاتٍ كمية تحت الماء”.

لا يزال هذا الموضوع في ايامه الاولى، وليس مهماً بالنسبة للفرق الاخرى ان تكرر هذه النتيجة وحسب، بل ولكن يبقى ان نرى ما إذا كان يمكن القيام بنفس العملية لمسافاتٍ اكبر، ولا يقتصر على الخزانات بل ان يكون في مياه البحر.

واستناداً إلى حسابات الفريق، فإنهم يتوقعون انه من الممكن تحقيق اتصالاتٍ كميةٍ عبر المياه المفتوحة ولمسافة تقدر بـ885 متراً (أي 0.55 ميلًا) بإستخدام فوتونات الزجاج الملون.

لكن كتبت مجلة (New Science) ان هناك مجاميع اخرى من الباحثين قد وجدوا حداً لاتصالات الكم تحت الماء وهو حوالي 120 متراً (0.07 ميلًا).

وقال الفيزيائي من جامعة ميسوري (University of Missouri) في كولومبيا، جيفري اولمان (Jeffery Uhlman) لبويل: “إطالة المسافة سيكون شيئاً صعباً بسبب امتصاص مياه المحيط للضوء”.

المدى الذي يمكن ان نصل إليه في تمديد المسافة للاتصال الكمي سيبقى محدوداً، ولكن بعد ان قال العلماء ان الامر ممكناً، فأنها ستكون مسالة وقتٍ لحين البدء في توسيع المسافة.

 

 

 

 

 

 

 

ترجمة: Alaa Mageed

تدقيق: Jazmin Al-Kazzaz

تصميم: Tabarek A. Abdulabbas

المصدر: هنا