ما هو الصرع؟ وما هي أسبابه ونوباته؟

لكي يتضح لنا معنى الصرع، دعونا في البداية نتعرّف إلى الاختلاج بشكلٍ عام:
يعتبر الاختلاج من الظاهرات الرئيسية المهمة في بعض الأمراض العصبية والطبية، وحسب نظرية طبيب الأعصاب الإنكليزي (هولينغز جاكسون ) فإنه يعبّر عن انفراغ فجائي شديد غير منتظم في العصبات القشرية ذات البنية السليمة أو المريضة، مما يسبب اضطراباً مؤقتاً أو فقداناً للوعي أو تشنجات اختلاجية متتالية.
– إذن، ما هو الصرع؟ 
يُعَد الصرع اضطراباً دورياً في الوظائف العصبية، يرافقه تغيرات في الوعي والإدراك والذاكرة بالإضافة لظهور أعراض نفسية.
– ما هي أسبابه؟ 
ينجم الصرع غالباً عن تفريغ كهربائي فائض شاذ ضمن الدماغ، حيث يوصف بأنه خلل كيميائي كهربائي (كهرو كيميائي) في المخ تحديداً، وتظهر أعراضه بشكل نوبات.
وقد تسبّب بعض الحالات و الأمراض حدوث نوبات صرع عرضية تختلف باختلاف الأعمار، وتكون كالآتي:
– عند الرُضّع: نقص التأكسج – الاضطرابات في الوظائف الاستقلابية – الخمج (وهو دخول أحد الكائنات الدقيقة كالجراثيم مثلاً لجسم الإنسان وقد يكون مصحوباً بحالات التهابية).
– عند اليافعين: الرضح (الرضّ أو الكسر ) – تأثير الكحول (وذلك في فترات الحرمان أو الانقطاع عند المدمنين) – الأورام (كأورام الدماغ والندبات والأمراض القيحية، مثل التهاب الوريد الخثري).
– عند الكهول: الأورام – الاضطرابات في الوظائف الاستقلابية (مثل: نقص صوديوم الدم – التسمم المائي – نقص سكر الدم) – حادث مخي وعائي (وهو موت بعض خلايا الدماغ).
ما هي أشكال نوبات الصرع؟ وكيف تظهر أعراضها؟
أولاً – الاختلاج المتعمم (العام):
وفيه يشمل الاضطراب جميع أجزاء الدماغ، بحيث تظهر آثار الانفراغ الصرعي على الوظيفة الفيزيولوجية للجملة العصبية.
وهو يتضمن نوعين من النوبات:
1- الصرع الكبير (Grand mal): وتكون النوبة بشكل مفاجئ تبدأ عادةً بصراخ المريض وسقوطه على الأرض متشنجاً، ويلي ذلك حركات رمعية (انقباض واسترخاء) في عضلات اللسان والأطراف، وقد يرافق ذلك تبوّل لاإرادي، وعندما تنتهي الفاعلية الحركية يبقى المريض في حالة سبات تستمرّ عدة دقائق، وبعد تراجع السبات يُلاحَظ عند المريض نعاس وصداع.
2- الصرع الصغير (Petit mal): ويحدث دون خَدَر، حيث يتميز أنه يستمر لفترة قصيرة مع أعراض حركيّة قليلة، فهو يبدأ بفقدان للوعي يدوم بضع ثوان (لذلك يدعى : بالغيبوبة)، ونفضات في الأجفان، وربما يحدث سقوط مفاجئ أو تقلصات رمعية في الأطراف.
ثانياً – الشكل الآخر لنوبات الصرع، فهو:
– الاختلاج البؤري (الصرع الجزئي):
وفيه يشمل الاضطراب بعض أجزاء الدماغ.
و أيضاً، يتضمن نوعين من النوبات:
1- الصرع النفسي الحركي: وهو الأكثر شيوعاً في الصرع البؤري وغالباً مايسبق بــ”الأورة”: (وهي اضطراب إدراكي حسي)، بالإضافة إلى الأوهام والهلوسات، كأن يشتم المريض رائحة غريبة أو يستعيد مشهداً غير مألوف، فقد تبدو الأشياء المألوفة عنده غير مألوفة، والعكس صحيح.
وما يميّز هذه النوبة أن المريض يتظاهر فيها و كأنه واعٍ جزئياً، فيدعى سلوكه هذا بــ : “السلوك الآلي”، ويكون مترافقاً بحركات اختلاجيّة (مثل: التلمظ أو دوران الرأس والعينين بجهة واحدة).
وليس بالضرورة أن تظهر هذه الأعراض كلها، فمن الممكن أن يظهر بعضها فقط.
2- الصرع الجاكسوني: تبدأ نوباته عادةً بتقلّص قوي في أصابع يد واحدة ونصف الوجه أو في قدم واحدة، ثم ينتشر الاضطراب من الجزء المصاب أولاً إلى العضلات الباقية من نصف الجسم ذاته.
– أشكال أُخرى من نوبات الصرع:
• صرع المولودين حديثاً: يظهر عند الأطفال حديثي الولادة، وهو ناجم عن عدم نضوج الجملة العصبية، بحيث تكون نوبته قصيرة جزئية.
• الصرع الانعكاسي: يمكن إثارة نوبة الصرع عند الأشخاص المستعدين لذلك بمنبّه فيزيائي أو نفسي، مثلاً: التعرض لإضاءة قوية، أو الضجيج المفاجئ، أو إيلام جزء معين من الجسم، وفي حالات قليلة يكون ناتجاً عن ورمٍ في الدماغ.
– كيف يمكن تدبير نوبات الصرع والتخفيف منها؟
لابدّ من توضيح أمرين وهما:
1- نادراً ما تؤدي نوبة صرعية وحيدة إلى موت المريض، رغم وجود بعض الحالات.
2- لايمكن للأدوية أن تشفي المريض من الصرع، إنما يقتصر دورها على تخفيف نوبات الصرع والسيطرة عليها.
ولمساعدة مريض الصرع، يجب مراعاة ثلاث نقاط أساسية:
1- إزالة العوامل المسبّبة والمسرّعة:
فعندما يكون الصرع مترافقاً بورم دماغي، يمكن إزالته جراحياً، بالإضافة إلى ضرورة حماية المريض أثناء حدوث النوبة وذلك من خلال التأكد من أن مجراه الهوائي سالك، ووضع (قطعة قماش سميكة ) بين أسنانه لحمايتها، وعند حدوث تشنج قوي وانطباق فكّيه فلا يجب محاولة فتحهما لكيلا تتكّسر الأسنان.
2- تنظيم الصحّة الفيزيائية و العقلية والنفسية:
وذلك من خلال: حصول المريض على غذاء متوازن ومتكامل – حرمانه من المشروبات الكحولية – إنتظام ساعات النوم – المعالجة النفسية والدعم النفسي الذي توفره مراكز التأهيل المخصّصة لذلك.
3- استعمال الأدوية المضادة للصرع: كإستخدام مضادات الاختلاج التي تساهم في تخفيف نوبات الصرع في حوالي 75% من المرضى، ونذكر منها: (Phenytoin – valproate ).

 

 

 

 

 

 

 

إعداد : الحنين جبران

تدقيق وتصميم: Tabarek A. Abdulabbas
المصادر :
1- مبادئ الطبّ الباطني : (هاريسون ).
2- دليل الطبيب المُعالج : ( ترجمة : عبد الرزاق السباعي – معتز معصراني ).
3- الطبّ النفسي : ( الدكتور عادل صادق ).