يبين بعض العلماء أن كوكب الارض قد بدأ بعصر جديد وفي وقت يسبق عدة ملايين سنين مما ينبغي ان يكون

 

عصر جديد للأرض قد بدأ وفقاً لأبحاث العلماء منذ سنة 2010.

– كلما تقدمت بالعمر، كلما ازدادت سرعة الوقت

إن كوكبنا والذي يقدر عمره بـ4.57 مليار سنة قد يعرف هذا الشعور. بعد كل هذا، يبين بعض العلماء أن كوكب الارض قد بدأ بعصر جديد، وفي وقت يسبق عدة ملايين سنين مما ينبغي ان يكون.

الفترات الزمنية الجيولوجية للأرض، وهي الفترات الزمنية التي تُحدد بواسطة الادلة الموجودة في الطبقات الصخرية، عادةً ما تدوم لمدة أكثر من ثلاثة ملايين سنة.

ونحن بالكاد قد وصلنا لمدة 11,500 سنة في عصرنا الحالي، وهو مايعرف بـ “عصر الهولوسين” (العصر الذي يبدأ من 12,000 الى 11,500 سنة بعد ختام العصر الجليدي الحجري القديم ويستمر الى يومنا هذا). ولكن هناك جدل حول دخولنا في عصر جديد مسبقاً، والمسمى بـ”انثروبوسين”، او كما يعرف ب”عصر الانسان الحديث”.

الاسم ليس جديدًا تماماً. صاغ هذا الاسم الكيميائي الهولندي الحائز على جائزة نوبل والمشارك في هذا البحث، باول كروتزين (Paul Crutzen) عام 2002 ليبين تأثير التغيرات الغير مسبوقة التي أجراها البشر خلال ما يقارب 200 عام منذ الثورة الصناعية.

إن هذا التقرير هو جزء من دفعة جديدة لهذا العصر لجعله رسمياً.

يقول مسؤولوا البحث ان التأثيرات البشرية الحالية، والتي تتمثل بتدمير المساكن، والتلوث البيئي، وانقراض بعض انواع النباتات والحيوانات، كانت كبيرة جداً لدرجة انها ستكون بشكل حدود واضحة في الطبقات الصخرية للارض.

قال احد المشاركين في البحث، البولندي العالم في علم الحفريات البيولوجية في جامعة ليستر (The University of Leicester) في المملكة المتحدة، جان زالاسيويسز (Jan Zalasiewicz): “نحن ماهرون في استخدام الطاقة والتلاعب في البيئة لدرجة اننا الآن قوة محددة في العملية الجيولوجية على سطح الارض.”

وعلى الرغم من ذلك، قد يستغرق الامر سنوات او حتى عقود من اجل قيام الاتحاد الدولي للعلوم الجيولوجية، والهيئة المسيطرة الجيولوجية العالمية بتشكيل هذا العصر الجديد.

– نحن بحاجة لأدلة مقنعة

اذا كان مفهوم هذا العصر الجديد شيء رسمي، فيجب على العلماء اولاً ان يعينوا ويحددوا خط حدودي او علامة وضعت حرفياً في الاحجار الصخرية.

واوضح عالم التغير المناخي الكوني في جامعة لييدز (The University of Leeds) في المملكة المتحدة، آلان هايوود (Alan Haywood): “الامر المهم هو التفكير في كيفية، وبعد الاف او مئات الالاف من السنين مستقبلا، عودة العلماء الجيولوجيين في التنقيب والبحث والتعرف على الرواسب التي تبين بدايات عصر الانثروبوسين،”

وقال هايوود، والذي لم يكن ضمن فريق هذه الدراسة الجديدة :”الامر ليس منصفاً كما تظن، لأن العلامة يجب ان تكون دقيقة جداً، ويجب ان تكون معروفة في العديد من انحاء العالم المختلفة،”

احد الامثلة المرشحة للعلامة هو التوقيع الاشعاعي المميز والذي خلفته اختبارات القنابل الذرية، التي بدأت عام 1945. وقال هايوود: “إن هذه النتائج العرضية هي بالاساس في جميع انحاء العالم،”

وبطريقة مماثلة، يستخدم علماء الاثار عنصر الايريديوم (Iridium: وهو عنصر كيميائي يحتوي على عدد ذري 77. وهو معدن انتقالي صلب، وهش، ولونه ابيض – فضي ينتمي الى مجموعة البلاتين، وينسب هذا العنصر كونه العنصر الثاني اكثر كثافة) الذي خلفته ضربات النيازك في تحديد الحدود الفاصلة بين العصر الطباشيري والعصر الثالث، اي قبل حوالي 65.5 مليون سنة، في وقت انقراض الديناصورات الكبيرة (الخط الزمني ما قبل التأريخ).

وقال زميل البحث زالاسيويسز لوكالة ناشونال جوغرافيك الاخبارية (National Geographic News) انه من الممكن ان تكون اشكال الحياة اليوم، والتي كانت متحجرة سابقاً، بمثابة علامات مستقبلية للحدود الهولوسونية – الانثروبوسونية المقترحة.

على سبيل المثال، تبين الدراسات ان لدى العوالق البحرية الآن علامات نظائر الكربون المختلفة بشكل يختلف عما كانت عليه قبل ان يبدأ البشر بحرق الوقود الاحفوري على نطاق واسع.

وبالمثل، قد تساعد اثار التلوث الدائمة، مثل جزيئات الرصاص التي تنتشر عند حرق الوقود الحاوي على الرصاص، في تحديد العصر.

– دوافع خفية ؟

ان الضغط من اجل الاعلان الرسمي عن عصر الانثروبوسين هو اكثر من مجرد فضول علمي.

هذه الخطوة، والتي تتمثل بكتابة العلماء في العدد الاخير من مجلة العلوم البيئية والتكنولوجيا (Environment Science & Technology)، “بإمكان الاعلان ان يستخدم للتشجيع على تقليل انبعاثات الكربون وفقدان التنوع الجيولوجي” او “كدليل لتشريع قانون في تدابير الحفظ”.

قال هايوود، من خلال التأكيد على مدى تغيير البيئة، فإن اضفاء الطابع الرسمي سيكون “بياناً قوياً للغاية”.

وقال: “هناك مبررات علمية جيدة تؤكد قولنا بأننا انتقلنا الى عصر الانثروبوسين”، واضاف: “لا يجب ان نعتمد على قرار مناسب سياسياً”.

كما استبعد العالم زالاسيويسز السياسة كعامل حاسم.

وقال : “يعامل العلماء التغيرات التي تطرأ على العامل الزمني الجيولوجي بجدية كبيرة”، واضاف: “وخاصة هنا حيث نتعامل مع فاصل زمني يبدأ للتو”.

– العيش في الماضي ؟

بعض العلماء يقولون اننا لم ندخل عصر الهولوسين، فماذا عن عصر الانثروبوسين.

يقولون ان عصر الهولوسين، ليس عصراً على الاطلاق، بل هي مجرد فترة دافئة ضمن عصر البليستوسيني (Pleistocene) والذي بدأ قبل حوالي 2.6 مليون سنة.

وقال الجيولوجي من جامعة كامبردج (University of Cambridge) في المملكة المتحدة، فيليب جيبارد (Philip Gibbard): “الفترة التي نعيشها هي في الاساس من ضمن العصر الجليدي، وليس هناك ما يدعو الى التفكير بأنه انتهى”، اذا كان التأريخ هو الدليل.

وقال جيبارد انه على افتراض ان الاحتباس الحراري العالمي الذي هو من صنع الانسان لا يغير المناخ على نطاق زمني جيولوجي، فإن العصر الجليدي يجب ان يستمر لمليون سنة اخرى على الاقل، مع استمرار التقلبات بين فترات الحرارة والبرودة.

واضاف: “نحن نتوقع ان التقلبات بين الحرارة والبرودة التي شهدناها في الماضي القريب ستستمر ما لا يقل عن مليون سنة”.

وقال ايضاً انه اذا اراد العلماء فترة زمنية محددة من قبل وجود البشر، فلديهم واحدة بالفعل من عصر الهولوسين، والذي بداية تاريخه تستند اكثر على بزوغ الحضارة من التغيرات المسجلة جيولوجياً.

وقال جيبارد: “وهذا يعني ان مفهوم الانثروبوسين يشبه الى حد ما اضافة السكر الى الشاي”.

– العصر لا ينشىء في يوم

وقال زالاسيويسز، مهما كان القرار النهائي بشأن الانثروبوسين، فإنه لن يكون قرار متسرع. وكتب هو وزميله: “ان المقياس الزمني الجيولوجي يحظى بالاعتزاز من قبل العلماء الجيولوجيين، لانه شيء اساسي في عملهم”، “وانه لا يعدل بسهولة”.

وقد تم بالفعل تشكيل فريق خبراء يدعى بمجموعة العمل الانثروبوسية (Anthropocene Working Group) ضمن الاتحاد الدولي للعلوم الجيولوجية للنظر في هذه المسألة.
وقال زالاسيويسز ان اللجنة ستستغرق على الارجح من ثلاث الى خمس سنوات للتوصل الى قرار.

ومن ثم يتعين على اي قرار ان يمر بسلسلة من لجان المراجعة قبل التوجه الى الاتحاد الاوسع للتصديق عليه.

قال زالاسيويسز انه قد يكون هناك حاجة ملحة الى جعل الانثروبوسين امراً رسمياً هذه الايام، نظراً لوجود المصطلح “انه يستخدم بواسطة العلماء العاملون، ويستخدم في الادبيات العلمية”.

 

 

 

 

 

 

 

 

ترجمة: Heba Ali
تدقيق: Jazmin Al-Kazzaz
تصميم: Tabarek A. Abdulabbas
المصدر: هنا