مرض فصام الشخصية يعطل كامل نظام الاتصال في الدماغ

 

منذ 40 عامًا بعد كشف جهاز التصوير المقطعي لأول مرة لتشوهاتٍ في ادمغة مرضى الفصام، يقول العلماء الدوليون ان هذا الاضطراب “هو تعطيل كامل لنظام الاتصال في الدماغ” – هذه الدراسة نشرت في مجلة Nature journal Molecular Psychiatry في 17 اكتوبر والتي تمهد الطريق للبحث في المستقبل حول الامراض العقلية الموهِنة، وكما تقول منظمة الصحة العالمية الـWHO ان هذه الامراض تصيب اكثر من 1 مليون شخص حول العالم. إنَّ هذا هو اكبر تحليل للمادة البيضاء (White matter) وهي (الانسجة الدهنية التي تمكن الخلايا العصبية من التواصل مع بعضها البعض للتفريق بين الاضطرابات النفسية) لِتَمُرَّ وتبقى ممكنة عن طريق منحة (Keck School of Medicine of USC) كلية كيك الطبية لجامعة جنوب كارولينا، وهذه الدراسة تحل محل نظرية ان الفصام يحدث بسبب مشاكل الاسلاك والتوصيلات في الفص الجبهي والصدغي من الدماغ، هذه المناطق الامامية من الدماغ مسؤولة عن الشخصية وصنع القرار والادراك السمعي -و المشكلة هي ان حبال ايثرنت “Ethernet cords” موجودة في كل مكان حسب قول سنيد كيللي (Sinead Kelly) المؤلف المساعد في هذا البحث.
حيث قال كيلي وهو باحث في جامعة جنوب كارولينا: “يمكننا ان نقول نهائيًا ولاول مرة أن الفصام هو اضطراب في توصيل الاسلاك المتوترة للمادة البيضاء في جميع انحاء الدماغ. – وكلية كيك هي من الكليات الرائدة في العالم في دراسة امراض الدماغ إعتماداً على العديد من البحوث العالمية واسعة النطاق في الطب النفسي والاعصاب وعلم الوراثة – وأضاف كيلي الذي يشغل حاليًا منصب باحث في دراسات ما بعد الدكتوراه في جامعة هارفرد الامريكية: “إنَّ دراستنا ستساعد على توضيح المظاهر للأسباب الكامنة وراء مرض الفصام والتي تُرِكَتْ دون علاج، والتي دائمًا ما تؤدي الى البطالة والتشرد وتعاطي المخدرات وحتى الانتحار. وقال أيضًا: “هذه النتائج يمكن ان تؤدي الى تحديد المؤشرات الحيوية التي تمكن الباحثين من إختبار استجابة المرضى لعلاج الفصام.
– إنَّ ما يقرب من 26% من المشردين البالغين والقابعين في مأوى المشردين في امريكا ترافقهم هناك امراض عقلية خطيرة كفصام الشخصية وذلك حسب تقرير وزارة الاسكان والتنمية الحضرية في الولايات المتحدة الامريكية – وعلى الرغم من ان الباحثين وجدوا ان اسلاك الاتصالات المتوترة كانت موجودة في جميع انحاء ادمغة الاشخاص المصابين بالفصام ولكن الاسلاك المعزولة كانت سيئة بشكل واضح في الجسم الثفني (corpus callosum) والذي يسمح للاتصال بين نصفي الدماغ والشعاع التاجي (corona radiata) وهي المفتاح والهيكل المسؤول عن معالجة المعلومات.
إنَّ الفصام لديه تأثير بايولوجي على كامل الدماغ، والعلاج الطبي الحالي للفصام يعالج فقط الاعراض لان اسباب المرض لاتزال مجهولة. والكثير من المرضى يُطلَب منهم تناول عقاقير مضادات الذهان مدى الحياة، وبعض الافراد يعانون اعراض جانبية لهذه العقاقير. ومن هذه الاعراض هي الزيادة الكبيرة والواضحة في الوزن والرعشة والخمول العاطفي والنعاس الشديد. وقال نيدا جاهانشاد (Neda Jahanshad) القائد السابق لهذا البحث والبروفيسور المساعد في علم الأعصاب في مركز التصوير الجيني في معهد USC Stevens Neuroimaging and Informatics: “ان الدراسات السابقة لاتشير دائمًا الى نفس مناطق الدماغ فالآراء تختلف كثيراً بشأن المنطقة المسببة لهذا المرض، ويحتاج العلماء الى التوصل الى توافقٍ في الآراء قبل ان يتمكنوا من البدء في البحث عن اجابات”، واضاف ايضًا: “لكي يفعلوا ذلك فإنهم يحتاجون الى جمع وتحليل البيانات العالمية المتوفرة في مسح الدماغ.
وقال ايضًا: “بدون هذه الدراسة كان من الممكن ان تكون البحوث المستقبلية خاطئة، والآن وبدلاً من بحث العلماء عن الجينات التي تؤثر على امتداد الاسلاك، فقد بدأ العلماء بالبحث عن الجينات التي تؤثر على كامل نظام الاتصال والبنية التحتية للدماغ. وقال “لقد تبيَّنَ لنا إنَّ دراسة منطقة من الدماغ لايجاد ما هي الأسباب التي تؤدي لحدوث مرض الفصام لا يُعْتَبَرُ نهجًا جيدًا، فالتأثير العلمي في التركيز على جزء صغير معين من الدماغ لن يمنحنا فهماً كاملاً للموضوع.
في أكبر احصائية عالمية عن الفصام حلل الباحثون بيانات 1963 شخصًا مصابًا بالفصام و2359 شخصًا من الأسوياء في استراليا واسيا واوروبا وجنوب افريقيا وشمال امريكا حسبما ذكر جاهانشاد.

وقد تم دمج مشروع البيانات الكبير من 29 دراسة دولية مختلفة من قبل ENIGMA (Enhancing Neuro Imaging Genetics through Meta Analysis) وهو اتحاد عالمي برئاسة بول طومسون في كلية كيك للطب. وقد نشرت ENIGMA اكبر دراسات التصوير العصبي للتوحد والاكتئاب الشديد والإضطراب ثنائي القطب باستعمال مسح الدماغ لاكثر من 20000 شخصًا كما قال طومسون المدير المساعد لمعهد ستيفنز للتصوير العصبي والمعلوماتية. واختبر الباحثون جهاز diffusion tensor imaging وهو شكل من اشكال التصوير بالرنين المغناطيسي الذي يقيس حركة جزيئات الماء في المادة البيضاء من الدماغ وهذا المسح يقوم بمساعدة العلماء لإيجاد المناطق التي تعاني من عزل في نظام الاتصال بالدماغ.
وتساعد هذه الدراسة في تمهيد الطريق لاجراء تحقيق علمي اكثر تركيزًا ويمكن ان تكون الخطوة القادمة هي السعي وراء مايسبب هذه المشكلة في المادة البيضاء والتشوهات. واخيرًا فإنَّ مرض الفصام هو وراثي جزئيًا، لذلك ربما تكون هناك جينات محددة تعزز هذا الاضطراب عن طريق تعديلات طفيفة في الاسلاك وقال كيلي ان جامعة جنوب كارولينا لديها باحثين في مختلف التخصصات يسعون لمنع او علاج هذه الاضطرابات العصبية والنفسية مثل الفصام والزهايمر والصرع.

 

 

 

 

 

 

ترجمة: Aymen Kareem

تدقيق علمي: Tabarek A. Abdulabbas

تدقيق لغوي: Sahar F. Alzubaedy

تصميم: Nabaa A. Abdulabbas

المصدر: هنا