سماء ضبابيه تبرد بلوتو

 

 

 

يقول شي تشانغ (Xi Zhang)، عالم الكواكب في جامعة كاليفورنيا في سانتا كروز: “الضباب هو المسؤول عن كل هذا البرد للغلاف الجوي”. ويصف هو وزملاؤه النتائج التي تم التوصل إليها في العدد 16 من تشرين الثاني/ نوفمبر من مجلة Natural 1.

عندما حلقت المركبة الفضائية New Horizons التابعة لوكالة الفضاء الأمريكية ناسا الى بلوتو في يوليو 2015، اكتشفت أن الغلاف الجوي كان حوالي 203- درجة مئوية، فقط 70 درجة فوق الصفر المطلق. وهذا أكثر برودة بحوالي 30 درجة مما كان متوقعًا – سر كبير لعلماء الكواكب.

إن معرفة كيف يعمل الغلاف الجوي لبلوتو أمر بالغ الأهمية لفهم الغلاف الجوي المحيط بالعوالم الجليدية الكبيرة الأخرى في النظام الشمسي وما بعده.
“حتى نعرف سبب درجات الحرارة الباردة، لا يمكننا الاستقراء الى مواسم أخرى على بلوتو”، حسبما قالت ليزلي يونغ (Leslie Young)، عالمة الكواكب في معهد أبحاث الجنوب الغربي في بولدر بولاية كولورادو، والتي لم تشارك في الدراسة.

غطاء الضباب الدخاني

الغلاف الجوي لبلوتو غالبًا ما يتكون من النيتروجين، مع كميات صغيرة من المركبات مثل الميثان. ارتفاع الغلاف الجوي – ما بين 500 و1000 كيلومترًا فوق السطح – أشعة الشمس تؤدي لتفاعلات كيميائية والتي تحول بعض هذه الغازات إلى جزيئات الهيدروكربون الصلبة.

ثم تنحرف الجسيمات نحو الأسفل، وتتجمع مع بعضها البعض على مسافة 350 كيلومترًا فوق سطح بلوتو، لتشكل سلاسل كيميائية طويلة. وبحلول الوقت الذي تصل فيه إلى ارتفاع 200 كيلومترًا، تتحول الجسيمات إلى طبقات سميكة من الضباب، والتي رأتها المركبة الفضائية New Horizons في الافق تغطي بلوتو بشكل كبير.

قارن تشانغ وزملاؤه آثار التدفئة والتبريد لجزيئات الغاز في الغلاف الجوي لتلك الجزيئات الضبابية. وقد اقترحت دراسات سابقة أن وجود جزيئات الغاز، مثل سيانيد الهيدروجين، يمكن أن يساعد في تفسير لماذا جو بلوتو باردة جدا . ولكن فريق تشانغ وجد أن الضباب هو الطريقة الوحيدة للحصول على نموذجها لتتناسب مع درجات الحرارة التي قاستها المركبه الفضائيه New Horizons التي حلقت من قبل الى كوكب القزم.

يقول تشانغ: “الاختلاف الأساسي هو الحجم”. وعادة ما تكون الجزيئات أقل من نانومتر، في حين أن جسيمات الضباب اقل عدة مئات من نانومتر. وهذا يعني أن الغاز والضباب يتصرفان بشكل مختلف جدًا في طريقة الامتصاص وإعادة إشعاع الطاقة من الشمس. وتبين إن الضباب يتحول الى كل من تسخين وتبريد أكثر كفاءة من الغاز.

تقول سارة هورست (Sarah Hörst)، عالمة الكواكب في جامعة جونز هوبكنز في بالتيمور بولاية ماريلاند: “إنها فكرة أنيقة”.

وقال تانجي برتراند (Tanguy Bertrand)، عالم الكواكب في مختبر الأرصاد الجوية الديناميكية في باريس الذي درس الغلاف الجوي لبلوتو مع زميله فرانسوا فورجيت إن العلماء ربما لم يفكروا في الضباب على أنه هو سبب هذا البرد، وذلك لأن طبقات الضباب لا تمنع الضوء. يقول برتراند: “أجد هذه الدراسة مقنعة جدًا).

الأفكار المنافسة

غير إن باحثين آخرين اقترحوا أفكارًا مختلفة حول سبب غلاف بلوتو البارد. وقال روجر يل (Roger Yelle)، عالم الكواكب في جامعة أريزونا في توكسون، نهجًا من هذا القبيل في مؤتمر عقد في لاتفيا في سبتمبر/ أيلول. ويشير نموذج فريقه إلى أن مزيج من سيانيد الهيدروجين والأسيتيلين وغاز الإيثان يمكن أن يبرد الأشياء. ومن المعروف أن جميع الغازات الثلاثة موجودة في الغلاف الجوي لبلوتو.

لا يزال فريق تشانك وفريق ييل لم يتوصلوا بعد إلى استنتاجاتهم المتناقضة. ولكن بعد إطلاقه في عام 2019، يمكن للتلسكوب الفضائي جيمس ويب (James Webb Space Telescope) التابع لوكالة ناسا اختبار اقتراح تشانغ. إذا كانت جزيئات الضباب هي في الواقع العامل الرئيسي لتبريد الغلاف الجوي بلوتو، فإنها تجعل الكوكب القزم يبدو مشرقًا نسبيًا في موجات الأشعة تحت الحمراء المتوسطة. ويأمل تشانغ في مراقبة بلوتو مع تلسكوب ويب لمعرفة ما إذا كان فريقه على حق.

 

 

 

 

 

ترجمة: Hind A. Alsaffar

تدقيق وتصميم: Tabarek A. Abdulabbas

المصدر: هنا