كُويكب الهالوين يستعد للعودة في 2018

في الحادي والثلاثون من شهر اكتوبر لعام 2015 مر كويكب مسرعاً بالقرب منا بمسافة 486,000 كم اي ما مقداره حاصل ضرب 1.3 في المسافة التي تفصلنا عن القمر. سُمي هذا الجسم بـ 2015TB145 وكان قد تم اكتشافه قبل ذلك بأيام قليلة (في العاشر من شهر اكتوبر ) في هوااي بأستخدام تليسكوب بانستارز (panstarrs)، مع ذلك فأن تصادُف اقترابه من كوكبنا مع عيد القديسين (الهالوين) ساعد في جعله معروفاً بأسم كويكب الهالوين.
وجه العديد من الفلكيون التابعون لوكالات مختلفة آلاتهم نحو الكُويكب 2015TB145 من ضمنهم فريق وكالة ناسا والتي رصدته بأستخدام تليسكوب الضفة الخضراء (the green bank) الواقع في غرب فرجينيا وتليسكوبات آريسيبو (Arecibo) الراديوية في بورتروريكو .
ظهر الكويكب في بعض الصور المسجلة من ناسا بشكل مشابه لجمجمة بشرية نتيجة لانعكاسات الضوء في لحظات معينة اثناء دورانه.
علماء اوربيون من ضمنهم الباحث بابلو سانتوس سانز (Pablo Santos_sanz) من معهد الفيزياء الفلكية في اندنوسيا (IAA-CSIC) قاموا بتنظيم حملات لمراقبة كويكب الهالوين ليكتشفوا خواصه. وقد تم نشر النتائج في مجلة الفلك والفيزياء الفلكية.
يقول سانتوس: “ان هذا الكويكب هو من نوع ابولو القريب من الارض NEA وأن قُرب هذا الجسم الصغير يعني سطوعًا أكثر، لذلك قررنا دراسته بأستخدام تقنيات رصد مختلفة حيث استخدمنا في احدى الحالات تليسكوبات بصرية من مرقب سيرا نيفادا في غرناطة و مرقب كالار التو (Calar Alto) في آلميريا وايضًا استخدمنا مرقب لا هيتا (La Hita Observatory) الواقع في توليدو (Toledo)، وفي الحالة الثانية حللناه بواسطة الاشعة الحمراء المتوسطة بأستخدام آلة فيزار الكبيرة (visir) في التليسكوب VLT في المرصد الاوربي الجنوبي ESO الواقع في سيرو بارانال (Cerro Paranal) في تشيلي”
وأضاف الخبير: “لقد اكتشفنا من خلال الملاحظات في اسبانيا بأن فترة دوران هذا الجسم المحتملة هي 2.9 ساعة في عبارة اخرى فأن هذا يمثل طول اليوم فيه ، بالرغم من هذا فأننا لا نستطيع إلغاء احتمالية اخرى وهي ان تكون دورته 4.78 ساعة ، وهذا حل اخر متوافق مع بياناتنا البصرية ”
وبفضل ملاحظات الأشعة تحت الحمراء الوسطية في تليسكوب VLT استطاع الباحثون حجز الانبعاثات الحرارية للجسم. بأستخدام هذه المعلومة ونموذج الفيزياء الحرارية نستطيع معرفة خواص عديدة للكويكب.
وقد ذكر سانتوس سانز بعضها : ” أن قياس هذا الكويكب يتراوح بين 625 م و 700 م ، شكله بيضوي مسطح قليلاً و محور دورانه عمودي على الارض في الوقت الذي يكون فيه اقرب ما يكون للارض. اضافة الى ذلك فأن عزمه الحراري (مقدار الحرارة المخزون والسرعة التي تنتقل عندها الحرارة) متناسق مع الكويكبات من نفس حجمه”.
أن انعكاس سطح هذا الكويكب هو 5 او 6 % والذي يعني بأنه يعكس مقدار 5 او 6 % من ضوء الشمس حيث بين الفلكي الاسباني “هذا يعني بأنه مظلم جداً وعاكس أكثر بقليل من الفحم”
يثق الباحثون بأمكانية الحصول على بيانات اكثر عن 2015TB145 في المرة القادمة التي يقترب فيها من كوكبنا والتي ستكون في شهر نوفمبر لهذا العام 2018 ، رغم انه في هذه المرة سيكون أبعد بكثير عن المرة السابقة بما يعادل 105 في معدل البعد عن القمر. يواصل سانتوز سانز القول “ان هذا الاقتراب لن يكون مفضلاً لكن سنكون قادرين على الحصول على بيانات جديدة والتي قد تساعد في تحسين معرفتنا لهذه الكتلة و الكتل المشابهه الاخرى التي تقترب من كوكبنا”
“يبعد عنا كويكب الهالوين الان بمقدار 3.7 وحدة فلكية عن الارض أي 3.7 في معدل المسافة بين الشمس والأرض، وهو بحجم 26.5 هذا يعني بأنه لايمكن رصده من الارض الا بأستخدام تليسكوبات كبيرة او تليسكوبات الفضاء.”
توماس جي مولر (Thomas G Müller) باحث في معهد ماكس بلانك للفيزياء في ألمانيا (Max_plank _Institute für extraterrestrische physik) وهو كاتب مساعد في البحث يضيف: “اللقاء القادم مع الكويكب سيكون اكثر اثارة حيث سيصل في يوم الهالوين في عام 2088 حيث سيقترب من الارض بمسافة تعادل 20 مرة بعدنا عن القمر.
أن الاقتراب الذي حصل في ليلة الهالوين في 2015 كان أكبر اقتراب لجسم بهذا الحجم منذ عام 2006 ، والحادثة المشابهة القادمة هي عبور الكويكب 137108 (1999AN10) في 7 اغسطس عام 2027 وبعدها اقتراب كويكب 99942 Apophis في 13 من شهر ابريل لعام 2029 لمسافة 0.1 في بعدنا عن القمر.”
لقد تم تمويل هذة الدراسة من قبل المشروع الاوربي للأجسام القريبة والبعيدة SBNAF. ويُكمل مولر حديثه بالقول: “قُمنا بتشكيل فريق من الخبراء الفلكيين من بولاندا وهنغاريا و أسبانيا و ألمانيا وكان هدف المشروع هو توضيح خواص الأجسام الصغيرة على مسافات مختلفة من الشمس بما فيها الكويكبات القريبة من الارض مثل كويكب الهالوين حيث كان 2015TB145 هو واحد من أول أهدافنا حيث جمعنا عدة ملاحظات وتقنيات نمذجة ومفاهيم للتفسير العلمي . سيكون من الممتع مقارنة نتائجنا مع الاكتشافات المستقبلية وكذلك تطبيق تقنياتنا على العديد من الاجسام الخطرة المحتملة”.
يعتقد العلماء بأن كُويكب الهالوين ممكن ان يكون في الواقع مذنب ساكن فقدَ مكوناته الطيارة بعد دورانه حول الشمس لعدد غير محدود. بصورة عامة فأن الكويكبات والمذنبات تُعرف من خلال بنيتها (الأول يكون صخري بشكل أكثر ومعدني أما الاخير فيحتوي على نسبة أكبر من الجليد والصخر) ونوع مسارها حول الشمس، لكن في بعض الاحيان ليس من السهل التمييز بينها. حيث تتلاشى المحددات بينها وتصبح متشابهة بشكل كبير. على كل حال فأن كلاهما قد تشكلا وشهدا أولى مراحل نظامنا الشمسي والذي تشكل قبل 4,600 مليون سنة.

 

 

 

 

 

 

ترجمة : Sudad Mubarak

تدقيق : Tabarek A. Abdulabbas

تصميم : Aseel Saad

المصدر : هنا