تعزيز نشاط الدماغ في بعض المناطق قد يقي من القلق

 

إن زيادة النشاط في المناطق المتعلقة بالتفكير وحل المشاكل في الدماغ قد يخففُ أيضًا من القلق المتفاقم، وهو الامر الذي تشير إليه دراسة جديدة أجراها باحثون في جامعة ديوك (Duke University). وعرضت النتائج في مجلة سريبرال كورتكس (Cerebral Cortex).
وباستخدام التصوير غير الجراحي للدماغ (non-invasive brain imaging)، وجد الباحثون أن الناس المعرضين لخطر القلق *( الحصر النفسي) أقل عرضة لتنامي الاضطراب إذا كان لديهم نشاط أعلى في المنطقة المسؤولة عن العمليات العقلية المعقدة في الدماغ. وقد تكون النتائج خطوة نحو تفصيل العلاجات النفسية لعمل الدماغ الدقيق للأفراد المرضى.
وقال أستاذ علم النفس وعلم الأعصاب في جامعة ديوك أحمد الحريري (Ahmad Hariri) بأن “هذه النتائج تساعد على تعزيز استراتيجية يمكن للأفراد من خلالها أن يكونوا قادرين على تحسين أدائهم العاطفي ومزاجهم وقلقهم وتجربتهم من الاكتئاب – وليس فقط من خلال المعالجة المباشرة لتلك الظواهر، ولكن أيضًا عن طريق التحسين غير المباشر لأدائهم المعرفي العام.”
وتظهر النتائج السابقة لفريق الحريري أن الأشخاص الذين تُظهر عقولهم استجابة عالية للتهديد واستجابة منخفضة للمُكافأة هم أكثر عرضة لخطر ظهور أعراض القلق والاكتئاب مع مرور الوقت.
في العمل الحالي، أراد الحريري وماثيو سكولت (Matthew Scult)، وهو طالب دراسات عليا في علم النفس السريري في قسم علم النفس وعلم الأعصاب في جامعة ديوك، التحقيق في ما إذا كان النشاط الأعلى في المنطقة الدماغية التي تسمى قشرة الفص الجبهي الظهرانية (dorsolateral prefrontal cortex) يمكن أن يساعد في حماية هؤلاء الأشخاص المعرضين لخطر المرض العقلي في المستقبل.
وقال الحريري: “أردنا معالجة مجال فهم الأمراض العقلية المهملة، وهذا هو الجانب الآخر من الخطر. نحن نبحث عن المتغيرات التي تعطي الأفراد في الواقع المرونة والحماية من المشاكل النامية”.
ان قشرة الفص الجبهي الظهرانية هي مركز “السيطرة التنفيذية” في ادمغتنا، وهي التي تساعدنا على تركيز اهتمامنا والتخطيط للإجراءات المعقدة. كما أنها تلعب دورًا في تنظيم العاطفة والانواع الراسخة من العلاج النفسي بما في ذلك العلاج السلوكي المعرفي، وتنخرط هذه المنطقة في الدماغ عن طريق تزويد المرضى باستراتيجيات لإعادة صياغة أو إعادة تقييم مشاعرهم.
واستند الفريق إلى بيانات مأخوذة من 120 طالباً جامعياً شاركوا في الدراسة المتعلقة بتخليق الخلايا العصبية (Neurogenetics) لجامعة ديوك. أكمل كل مشارك سلسلة من استبيانات الصحة العقلية وخضع لنوع من فحص الدماغ الغير جراحي يسمى التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي (FMRI) والذي كان يعمل حينها في المهام التي تهدف إلى تنشيط مناطق معينة من الدماغ.
وقد طلب الباحثون من كل مشارك الإجابة على مسائل حسابية بسيطة تعتمد على الذاكرة لتحفيز قشرة الفص الجبهي الظهرانية. ورأى المشاركون أيضًا وجوه غاضبة أو خائفة لتفعيل منطقة من الدماغ تسمى اللوزة (amygdale)، ولعب لعبة التخمين المُستندة على المكافأة لتحفيز النشاط في المخطط البطني للمخ.
وكان سكولت مهتمًا بشكل خاص في الأفراد “المعرضين لخطر” مزج التهديد العالي ذا الصلة بالنشاط في اللوزة والنشاط المنخفض تجاه المكافأة ذات الصلة في المخطط البطني. من خلال مقارنة تقييمات الصحة العقلية للمشاركين في وقت مسح الدماغ، وفي المتابعة التي تحدث في المتوسط بعد سبعة أشهر، وجد أن هؤلاء الأشخاص المعرضين للخطر أقل عرضة لتطور القلق إذا كان لديهم أيضًا نشاط عالٍ في قشرة الفص الجبهي الظهرانية.
وقال الحريري: “وجدنا أنه إذا كان لديك قشرة فص جبهي ظهرانية نشطة ادائياً، فإن عدم التوازن في هذه الهياكل الدماغية العميقة لا يعبر عنه بتغييرات في المزاج أو القلق”.
ويقول الباحثون بان قشرة الفص الجبهي الظهرانية ماهرة بشكل خاص في التكيف مع الأوضاع الجديدة. اذ ان الأفراد الذين تُبدي أدمغتهم “إمضاءات” فيها تعرض للخطر قد يكونون أكثر عرضة للاستفادة من الاستراتيجيات التي تعزز نشاط الفص الجبهي الظهراني للدماغ، بما في ذلك العلاج السلوكي المعرفي، وتدريب الذاكرة العاملة، أو التحفيز المغناطيسي للدماغ (TMS).

ولكن الباحثين ينبهون الى أن البَت في الامر لم يحسم إذا ما كانت تلك التمرينات العديدة التي اجريت على الدماغ تحسن من الأداء العام للقشرة الجبهية الظهرانية، أو فقط تشًحَذَ قدرتها على إكمال المهمة المحددة التي يجري تدريبها. وهناك حاجة أيضًا إلى دراسات إضافية بشأن السكان الأكثر تنوعًا للتأكد من النتائج التي توصلوا إليها.
وقال سكولت: “نحن نأمل في المساعدة على تحسين العلاجات الصحية النفسية الحالية، وذلك أولاً من خلال التنبؤ بمن هو الأكثر عرضة للخطر حتى نتمكن من التدخل في وقتٍ أبكر ,وثانيًا باستخدام هذه الأنواع من النُهج لتحديد من يمكن ان يستفيد من العلاج المعطى له.”

 

 

 

 

 

 

ترجمة: Hussein Abdul-Rahman

تدقيق: Tabarek A. Abdulabbas

تصميم ونشر: Aseel Saad

المصدر: هنا