لغز أشعة الثقب الأسود الهائجة قد تم حله

 

تقدم فريق من العلماء بقيادة جامعة ساوثامبتون (the University of Southampton) خطوة نحو فهم هذه الظواهرالكونية الغامضة، والمعروف باسم التدفق النسبي، من خلال قياس مدى سرعة ‘اشتعالها’ وسطوعها بمجرد اطلاقها.

لا تزال كيفية تشكل هذه التدفقات لغزاً. تقترح احدى النظريات انها تتطور داخل ‘القرص المُزود’، وهو المادة الموجودة في المدار المحيط للثقب الاسود الذي يكون في طور التكوين. الجاذبية القصوى الموجودة داخل القرص تؤثر على وتمدد الحقول المغناطيسية، منتجة مادة ساخنة ومغناطيسية تسمى ب”بلازما” تنفجر بشكل اعمدة مغناطيسية متعاكسة على طول المحور الدوراني للثقب الاسود.

تنتقل البلازما على طول التدفقات المتمركزة وتكتسب سرعة هائلة، منطلقة عبر مساحات شاسعة من الفضاء. في مرحلة ما، تبدأ مادة البلازما بالسطوع، وقد تناقش العلماء في كيف واين يحدث ذلك.

اظهر فريق دولي من العلماء بقيادة الدكتور بوشاك غاندي (Poshak Gandhi)، وفي دراسة جديدة نُشرت بتأريخ (30 اكتوبر/تشرين الاول 2017) في مجلة علم الفلك الطبيعي (Nature Astronomy)، كيف انهم استخدموا رصد دقيق باطوال موجية متعددة لنظام ثنائي يسمى الطائر (V404 Cygni)، ويتألف من نجم وثقب اسود ويدوران حول مركز ثقلهما، مع حصول الثقب الاسود على المادة من النجم والتي تسقط في القرص، لتسليط الضوء على نقاشات هذه الظاهرة المثيرة للجدل.

يقع نجم الطائر الثنائي على بعد حوالي 7,800 سنة ضوئية في كوكبة الطائر، ويصل وزنه حوالي تسعة شموس مجتمعة تقريبًا. اخذ دكتور غاندي ومعاونيه البيانات في في يونيو/حزيران 2015، عندما شوهد نجم الطائر V404 يبعث احد اكثر الانفجارات سطوعاً للضوء من الثقب الاسود على الاطلاق، وهو ساطع كفاية ليكون مرئياً للتلسكوبات الصغيرة التي يستخدمها هواة الفلك، وحيوي بما فيه الكفاية ليدمر كوكباً مثل الارض اذا تمركز تأثيره بصورة صحيحة.

وقد لاحظوا وباستخدام التلسكوبات على الارض وفي الفضاء في الوقت نفسه تأخراً مقداره 0.1 ثانية بين الاشعة السينية المنبعثة من قرب الثقب الاسود، حيث تتشكل التدفقات، وظهور الومضات الضوئية المرئية، مشيرة للحظة التي تبدأ بها مادة البلازما بالسطوع.

تم حساب تأخير ‘طرفة العين’ هذا ليمثل مسافة قصوى تقدر ب 19,000 ميل (30,000 كيلومتر)، والذي من الصعب حله مع مسافة نجم V404 مع اي تلسكوب حالي.

وقال الدكتور غاندي من جامعة ساوثامبتون (the University of Southampton):”كان العلماء يراقبون التدفقات منذ عقود، لكنهم ما يزالون بعيدين عن فهم كيف تخلق الطبيعة هذه الهيكليات المذهلة والنشطة،”

“استطعنا الان، وللمرة الاولى، ان نحدد التأخير الزمني بين ظهور الاشعة السينية والضوء المرئي في ثقب اسود نجمي في اللحظة التي تنشط فيها بلازما التدفقات. هذا يعطي مجال للنقاش حول منشأ ومضات الضوء المرئية، ويعطينا مسافة حاسمة حيث تكون فيها بلازما التدفق تتسارع بقوة الى سرعة تصل الى الضوء.”

في الشروط الموجودة في “حرب النجوم” (Star Wars)، يمكن تشبيه مؤشر الاداء الرئيسي لهذه الدراسة تقريبا بقياس المسافة بين سطح نجم الموت (the Death Star)، حيث تبثق اشعة متعددة من الضوء، والنقطة حيث تتقارب فيها لتكون حزمة ضوئية واحدة.

قال الدكتور غاندي :”لكن فيزياء تدفقات الثقب الاسود لا علاقة لها بالليزر او بلورات كيبر (Kyber) الخيالية والتي تمد نجم الموت بالطاقة. للطبيعة طرق اخرى لتزويد التدفقات بالطاقة،” واضاف :”تلعب الجاذبية والحقول المغناطيسية الادوار الرئيسية هنا، وهذه هي الآلية التي نحاول حلها.”

وانشأت الدراسة صلة بين نجم الطائر V404 والثقوب السوداء الهائلة، و التي تقع في مركز المجرات الضخمة وتزن مليارات المرات اكثر من الثقوب السوداء النجمية. وقد تنطبق فيزياء التدفقات المماثلة على جميع الثقوب السوداء.

يقول الدكتور غاندي :”انه اكتشاف مشوق ومهم ويمكن ارجاعه الى نظرية التدفقات النسبية، ويساهم في تعزيز فهمنا للثقوب السوداء.”

رُصد انبعاث الاشعة السينية، والتي تمثل القرص المزود الذي يَمد التدفق بشكل اساسي، بواسطة تلسكوب التحليل الطيفي النووي او كما يعرف باسم نوستار (Nuclear Spectroscopic Telescope Array – NuSTAR) التابع لناسا (NASA)، في الوقت الذي اصبح فيه التدفق مرئي بشكل ضوء مرئي والتقط بواسطة كاميرا التراكام عالية السرعة (ULTRACAM)، والمثبتة على تلسكوب ويليام هيرشل (the William Herchel Telescope) في جزيرة لا بالما (La Palma) احدى جزر الكناري (the Canary Islands).

وعلق البروفيسور من جامعة شيفيلد (the University of Sheffield)، والباحث المسؤول عن كاميرا التراكام، فيك ديلون (Vik Dhillon) قائلاً :”تمكنا من اكتشاف هذا الامر بفضل كاميرتنا التي تجمع 28 صورة كاملة في الثانية. وتوضح الامكانيات غير المستغلة لدراسة الظواهر الفيزيائية الفلكية بسرعات عالية.”

كما رصد فريق البروفيسور روب فيندر (Rob Fender) من جامعة اوكسفورد (the University of Oxford)، في الوقت نفسه، موجات راديوية من الاجزاء الممتدة من مادة البلازما باستخدام التلسكوب الراديوي (Arcminute Microkelvin Imager – AMI- LA)، في كامبريدج (Cambridge) في المملكة المتحدة.

قال البروفيسور فندر :”مجموع عمليات الرصد هذه هي خطوة رئيسية اخرى نحو فهم كيفية تشكل التدفقات النسبية بواسطة الثقوب السوداء. تأتي الاكتشافات الراديوية من التدفق الخارجي، وهي مؤشر اساسي مقنع لنشاط التدفق الجاري. كانت الاشعة البصرية والسينية حاسمة في ذلك الاكتشاف.”

 

 

 

 

ترجمة: Amjed Rasool

تدقيق: Jazmin Al-Kazzaz

تصميم ونشر: Tabarek A. Abdulabbas

المصدر: هنا