القنادس تدمر القطب الشمالي

حتى في الوقت الذي يقلص فيه تغير المناخ بعض تجمعات الحيوانات القطبية مثل الدببة القطبية وحيوانات الوعل، قد تستفيد القنادس من ارتفاع درجات الحرارة لتوسيع نطاق معيشتها. لكن مع توجه القنادس نحو الشمال، فقد يؤدي وجودها الى زيادة تأثيرات تغيير المناخ سوءاً.

المسألة لا تقتصر فقط على انتقال القنادس الى بيئة جديدة،

خذ على سبيل المثال السدود التي يبنونها على الانهار والجداول والتي تبطئ تدفق المياه وتكوين البرك التي يبنون فيها اوكارهم. حيث تساعد السدود، التي يبنونها في الموائل الاخرى، على تصفية المياه من الملوثات والتخفيف من اثار الجفاف والفيضانات، ويُنظر الى هذا الامر بانه فائدة عمومية. لكن في منطقة التندرا، المنطقة الشاسعة الشجرية الواقعة في اقصى الشمال، يؤدي سلوك القنادس الى انشاء قنوات مائية جديدة يمكن ان تذيب الارض المتجمدة بشكل دائم.

قال الاستاذ المساعد في جامعة الاسكا (the University of Alaska) في مدينة فيربانكس والذي اجرى البحث عن القنادس، كين تايب (Ken Tabe) :”عندما تبدأ بإغراق المناطق ذات التربة الجليدية، فأنك عندئذ تكون قد بدأت بإذابة هذه التربة. ستبدأ بإذابة الارض التي تحوي التربة، وسينجرف كل من الماء والتربة وكل ما تحويها بعيداً.”

ان ما يتبقى هو منظر الطبيعة المتقن، مع المنحدرات الموحلة، والتي توجه الماء الدافئ نحو الطبقة المتجمدة، مما يؤدي الى ذوبانها. ينطلق ثنائي اوكسيد الكاربون والميثان نتيجة ذوبان الجليد، وهذا يسهم بدوره في الاحتباس العالمي ويساعد على زيادة سرعة ذوبان القطب الشمالي الذي تتغير درجة حرارته اسرع من بقية مناطق الكرة الارضية. يُقدر عالمياً ان التربة الصقيعية تحتوي ضعف كمية الكربون الموجودة حالياً في الغلاف الجوي.

القنادس بعيدة كل البعد من ان تكون عوامل اساسية للاحتباس العالمي، وهذا التمييز يعود للبشر في النهاية. تذوب التربة الصقيعية للقطب الشمالي بسبب ارتفاع درجات الحرارة. لكن الدكتور تيب قال بان عمل القنادس اليدوي يزيد سرعة الذوبان ويؤدي الى تفاقم تغيرات المناخ.

وقال :”للقنادس تأثير كبير على هذه المنطقة الطبيعية، سواء اردت تسميتهم بمهندسي النظم البيئية او انواع رئيسية،”

قدم الدكتور تيب عمل فريقه الاسبوع الماضي في الاجتماع السنوي للاتحاد الجيوفيزيائي الامريكي.

بسبب تعديل القنادس لمناطقها البيئية بشكل ملفت، فقد تمكن الباحثون من استخدام صور الاقمار الصناعية لتحديد مناطق استقرار القوارض. واستخدموا الصور لتعقب التغيرات حول البحيرات والجداول في منطقة تبلغ مساحتها حوالي 7,000 ميل مربع في منطقة المنحدر الشمالي في الاسكا، في الركن الشمالي الغربي من الولاية.

لا يمكن للقنادس العيش عادة شمال خط الاشجار، حيث تكون المنطقة باردة جداً وجافة وغير مناسبة للحفاظ على الاشجار والنباتات الخشبية التي تعتمد عليها القنادس للغذاء وتكوين مواد للسدود. لكن تغيرات المناخ والدفئ في القطب الشمالي يساعدان على ذوبان الجليد وتمديد فترة نمو النباتات. وبذلك ستختفي المنطقة المسمى بالتندرا.

تُبين الصور التي التقطت على مدى عدة عقود عمل القنادس على تضخيم هذا التأثير المدفوع بالمناخ. يلاحظ الباحثون مقدار التغير في الصور من سنة 1950 الى 1985 وهو ليس بالامر الكثير. لكن مع تدخل القنادس، فانه يصعب عدم ملاحظة مقدار التغيرات. قد تخلق القنادس برك مائية في المنطقة الطبيعية الثلجية. يتدفق الماء الاكثر دفئاً نسبياً حول المنطقة المتجمدة المحيطة به، وهذا ما يخلق المناطق المظلمة التي يمكن مشاهدتها من الاعلى.

تحول الدكتور تيب وزملاؤه الى التصوير الجوي وصور الاقمار الصناعية الجديدة عالية الدقة، وذلك للتحقق من القنادس مما اذا كانت المسؤولة عن التغيرات التي كانوا يراقبونها سابقاً. يمكن رؤية السدود في %90 من المواقع المحتملة للقنادس والتي حددوها في البيانات الاولية. وقدروا ان مجاميع من القنادس دخلت المنطقة منذ سنة 1999.

قال المدير المساعد لمعهد الدراسات القطبية في كلية دارتموث (Dartmouth College) والذي لم يكن منتسباً في البحث، ماثيو ايريس (Matthew Ayres) :”ان قصة القنادس تبدو معقولة بالنسبة لي، هناك الكثير من المؤشرات التي تدل على النمو الخشبي الذي يعتمدون عليه، وخاصة نباتات الصفصاف والحور في ذلك الجزء من العالم، تنمو اكثر وتمتد الى مناطق لم تكن موجودة فيها، او لم تكن موجودة بشكل يكفي احتياج القنادس.”

لا يستطيع الباحثون ان يقولوا بان القنادس تتحرك شمالاً بسبب تغير المناخ. من الممكن ان تستعيد القنادس الاراضي التي خسرتها عندما حوصرت وقضي على عدد كبير منها في القرنين الثامن والتاسع عشر. لكن الدكتور ايريس قال ان تحركهم يتماشى مع الانماط التي يراها علماء البيئة على مستوى العالم، مثل النباتات والحيوانات التي تهاجر نحو المناطق القطبية الدافئة.

يراقب الناس زيادة انتشار القنادس عبر القطب الشمالي. ونقلت صحيفة انكورج دايلي نيوز (The Anchorage Daily News) عن عالم الاحياء توم جونغ (Tom Jung) الذي قال انه اكتشف سداً للقنادس جنوب المحيط القطبي الشمالي في اقليم يوكون الشمالي (the northern Yukon Territory) في كندا.

وقال الدكتور تيب :”القنادس هي عوامل اضطراب تأتي من خارج النظام البيئي وتفرض بنائها، وانشطتها على المنطقة الطبيعية، ربما افضل نظير للقنادس في القطب الشمالي هو البشر.”

 

 

 

 

 

ترجمة: Tabarek Odei

تدقيق: Jazmin Al-Kazzaz

تصميم: Hassan Alaa

نشر: Tabarek A. Abdulabbas

المصدر: هنا