كيف تعمل ماسحات بصمات الأصابع؟

لا يقتصر استخدام اجهزة مسح بصمات الاصابع في الفئة الاولى من الهواتف الذكية هذه الايام وحسب، بل يمكن ان تتوفر في المنتجات معقولة السعر واجهزة الامان الاحتياطية. بالاضافة ايضاً الى وجود هذه التكنولوجيا في عدد من الاجهزة التي لا تتجاوز كلفتها عن 150$. تطورت التكنولوجيا كثيراً هذه الايام، واصبحت اسرع واكثر دقة في قراءاتها. ومع اخذ كل ذلك بالاعتبار، لنلقِ نظرة على كيفية عمل احدث ماسحات بصمات الاصابع وما هي الاختلافات فيها.

– الماسحات الضوئية

ماسحات بصمات الاصابع الضوئية هي اقدم طريقة لمسح ومقارنة بصمات الاصابع. وكما يوحي الاسم، تعتمد هذه التقنية على التقاط صورة بصرية، او صورة فوتوغرافية في الاساس، واستخدام خوارزميات للكشف عن انماط فريدة على سطح الاصبع، مثل النتوءات او علامات مميزة، وذلك بتحليل المناطق الغامقة والفاتحة للصورة.

ومثل كاميرات الهواتف الذكية، يمكن ان تكون لهذه المتحسسات دقة محدودة، وكلما زادت الدقة، كلما اصبحت التفاصيل الدقيقة التي يستطيع المتحسس تمييزها عن اصبعك ادق، مما يزيد من مستوى الحماية. مع ذلك، تلتقط هذه المتحسسات الصور بشكل افضل من الكاميرا الاعتيادية. يكون لهذه الماسحات عادةً عدد كبير من الدايودات (صمامات ثنائية) في كل بوصة لالتقاط وتحديد هذه التفاصيل عن كثب. وبالطبع، عند وضع الاصبع على الماسح سيكون معتماً، لذا تحتوي الماسحات الضوئية على مصفوفات من الدايودات الباعثة للضوء (LED lights) كضوء خاطف ليضيئ الصورة عند وقت المسح. ان هذا التصميم يُعد ضخماً نوعاً ما بالنسبة لهاتف ذكي، حيث تكون عوامل الشكل النحيف مهمة.

العيب الرئيسي في الماسحات الضوئية هو انه ليس من الصعب خداعها، ولأن هذه التكنولوجيا تلتقط صور ثنائية الابعاد فقط، فأنه يمكن استخدام الاطراف الصناعية وحتى الصور الاخرى ذات الجودة الجيدة لخداع هذا التصميم. ان هذا النوع من الماسحات الضوئية ليس امناً بما يكفي لحماية بياناتك المهمة. و يقل استخدام هذا النوع تدريجياً هذه الايام.

لن تُستخدم الماسحات الضوئية في اي شيء سوى في الاجهزة ذات الاسعار المناسبة لجودتها هذه الايام، تماماً مثل بدايات شاشات اللمس المقاومة. مع ازدياد الطلب على حماية اعلى، اعتمدت الهواتف الذكية جميعها على الماسحات الضوئية السعوية الممتازة، وادى انخفاض كلفة هذه التكنولوجيا الى بدائل سعوية تُطبق على المنتجات متوسطة الكلفة ايضاً.

مع ذلك، فمع التوجه نحو شاشات عرض اقل، قد تعود الوحدات البصرية الصغرى، حيث يمكن تضمينها تحت زجاج العرض ولا تتطلب سوى مساحة صغيرة. كشفت شركة ساينبتيكس (Synaptics)، والتي طورت مجموعة من الماسحات الضوئية للهواتف الذكية وغيرها من المنتجات، عن حساس بصمات الاصابع البصري (Natural ID FS9100). يمكن ان تعمل هذه الوحدة بنجاح تحت زجاج ذو سُمك 1 مليمتر ومع اصابع رطبة، وهو شيء يعبث بالبدائل السعوية. لذلك لا تستغني عن الماسحات الضوئية حتى الان.

– الماسحات السعوية

اكثر الانواع انتشاراً من اجهزة الماسحات الضوئية لبصمات الاصابع المستخدمة هي الماسحات السعوية. حيث ستجد هذا النوع من الماسحات الضوئية في اجهزة عديدة منها جهاز (Galaxy S8)، و(HTC U11)، و(LG G6)، وغيرها. مرة اخرى يعود الاسم للمكون الاساسي، شرط ان تكون مألوفاً مع الالكتورنيات الصغيرة، المكثف السعوي.

تستخدم ماسحات بصمات الاصابع السعوية مصفوفات من دوائر سعوية صغيرة جداً لجمع البيانات من حول بصمة الاصبع، بدلاً من انشاء صورج تقليدية لبصمة الاصبع. بما ان المكثفات السعوية يمكن ان تخزن الشحنات الكهربائية، فإن ربطها بلوحات موصلة على سطح الماسح الضوئي يسمح بإستخدامها لتتبع تفاصيل بصمة الاصبع. تتغير الشحنة المخزونة في المكثف السعوي قليلاً عند وضع طرف الاصبع على الصفائح الموصلة، بينما تترك الفجوة الهوائية الشحنة عند المكثف دون تغيير. يُستخدم دائرة المضخم العملياتي المتكاملة لتتبع هذه التغييرات، والتي يمكن تسجيلها بمحول تناظري الى رقمي.

تُحلل هذه البيانات الرقمية، بمجرد التقاطها، للبحث عن سمات بصمة مميزة وفريدة، والتي يُمكن حفظها للمقارنة في وقت لاحق. الشيء الذكي في هذا التصميم بالتحديد هو انه يصعب كثيراً خداعه من الماسح الضوئي. لا يمكن تكرار النتائج بإستخدام صورة وايضاً من الصعب خداعه باستخدام الاطراف الصناعية، بسبب ان المواد المختلفة ستسجل تغيرات مختلفة قليلاً في الشحنة الموجودة في المكثف السعوي. الخطورة الوحيدة التي يمكن ان تحدث هي بتهكير الجهاز او البرامج.

ان انشاء مصفوفة كبيرة كفاية من هذه المكثفات السعوية، والتي قد تتطلب تحديداً المئات ان لم تصل الى الالاف في ماسح ضوئي واحد، يوفر صورة تفصيلية للغاية من الارتفاعات والانخفاضات الخاصة ببصمة الاصبع والتي تتكون من اشارات كهربائية. كما في الماسح الضوئي، حيث استخدام مكثفات سعوية اكثر ينتج ماسح بدقة اعلى، مما يزيد من مستوى الحماية حتى نقطة معينة.

ان الماسحات السعوية تكون باهضة الثمن، وذلك بسبب عدد المكونات الكبير الموجود في دائرة الكشف. تمت مؤخراً بعض الانجازات في محاولة لتقليل عدد المكثفات السعوية باستخدام ماسحات التمرير السريع “swipe”، والتي تجمع البيانات من عدد اقل من المكثفات السعوية من خلال تحديث النتائج بمجرد سحب الاصبع فوق المتحسس. اشتكى بعض المستهلكين في ذلك الوقت بسبب ان هذه الطريقة صعبة للغاية وغالباً كانت تتطلب عدة محاولات لمسح بصمة الاصبع والحصول على النتيجة الصحيحة. لحسن الحظ، وفي هذه الايام، اصبح تصميم الضغط المستمر الاكثر شيوعاً.

وبالتطلع نحو القادم، فقد كشفت شركة ساينبتكس ايضاً عن احدث ماسح ضوئي (FS4600) الذي يدعم واجهة المستخدم الجديدة. وتشمل زر دعم رقيق يكون بمثابة مفاتيح التصفح، وقدرات استشعار الضغط، ودعم التمرير السريع. بالطبع، انه ليس الماسح الضوئي الاول الذي يدعم خاصية التمرير، حيث يدعم جهاز (Nexus 5X)، و جهاز (6P)، وجهاز (Google pixel) ميزات مماثلة، كما يفعل جهاز هواوي مايت اس (The Huawei Mate S) وبعض من طرازات اجهزة (Meizu). قد تدعم العديد من الاجهزة، مستقبلاً، مجموعة متنوعة كبيرة من ميزات التصفح والتمرير باستخدام ماسحات بصمات الاصابع الضوئية.

– الماسحات الضوئية بالموجات فوق الصوتية

احدث تقنية مسح بصمات الاصابع تدخل في الهاتف الذكي هي المتحسسات فوق الصوتية، والتي اعلن عنها لاول مرة بانها ستدخل ضمن اجهزة هواتف (Le Max Pro). شركة كوالكوم (Qualcomm) وتقنية (Sense ID) الخاصة بها سيكونان جزءاً رئيسياً من تصميم هذا الهاتف بالتحديد.

لالتقاط تفاصيل بصمة الاصبع، تتكون الاجهزة من جهاز ارسال واستقبال بالموجات فوق الصوتية. حيث يتم ارسال ذبذبة فوق صوتية الى الاصبع الموجود على الماسح. ستمتص بعض هذه الذبذبات وسيرجع البعض الاخر الى المتحسس، اعتماداً على النتوءات، والمسام، والتفاصيل الاخرى التي تُميز اصبع عن اخر.

لا يوجد ميكروفون يستمع لهذه الاشارات العائدة، بل يُستخدم متحسس يمكنه الكشف عن الجهد الميكانيكي لحساب قوة ذبذبة الموجة فوق الصوتية العائدة عند نقاط مختلفة على الماسح. يسمح المسح الضوئي لفترات اطول من الوقت بالتقاط بيانات اضافية، ويؤدي ذلك الى الحصول على نسخة دقيقة التفاصيل للغاية وثلاثية الابعاد لبصمة الاصبع. الطبيعة الثلاثية الابعاد لتقنية الالتقاط هذه تجعلها بديلاً اكثر اماناً من الماسحات السعوية.

على الرغم من ان هذه التكنولوجيا لم تظهر في الهواتف التجارية بعد، الا ان شركة هواتف فيفو (Vivo) عرضت نموذجاً يتضمن ماسح بصمات اصابع بالموجات فوق الصوتية من شركة كوالكوم. وعلى الرغم من ان هذه الاجهزة لا تثير الاستغراب مثل الماسحات الضوئية الاخرى حتى الان، ويرجع سبب ذلك جزئياً للاسباب المذكورة اعلاه، إلا ان النموذج الاولي لشركة فيفو نجح في اخفاء الماسح الضوئي تحت شاشة الهاتف الذكي، والتي قد تكون ميزة مفيدة بشكل خاص حيث تتطور الهواتف الذكية ليصبح تصميم اطاراتها اصغر واصغر. وبالحديث عن متحسسات الشاشات، تعمل كل من شركتي سامسونج (Samsung) و ال جي (LG) على تقنياتها الداخلية الخاصة ايضاً.

– الخوارزميات والتشفير

على الرغم من أن معظم ماسحات بصمات الأصابع تعتمد على قواعد الاجهزة المتشابهة الى حد بعيد ، يمكن أن يكون للمكونات والبرمجيات الإضافية دورًا كبيرًا في التمييز بين أداء المنتجات والميزات المتاحة للمستهلكين.

يرافق الماسح الضوئي المادي دائرة الكترونية متكاملة مخصصة للتعامل مع تفسير البيانات الممسوحة ضوئيا وإرسالها في شكل مفيد إلى المعالج الرئيسي للهاتف الذكي. تستخدم الشركات المصنعة المختلفة خوارزميات مختلفة قليلاً لتحديد خصائص بصمة المفتاح ، والتي يمكن أن تختلف من حيث السرعة والدقة.

تبحث هذه الخوارزميات عن المكان الذي تنتهي فيه الحواف والخطوط، أو حيث تنقسم الحواف إلى قسمين. وتسمى هذه السمات المميزة الأخرى بالتفاصيل الدقيقة. إذا كانت البصمة الممسوحة ضوئياً تطابق العديد من هذه التفاصيل الدقيقة ، فسيتم اعتبارها مطابقة. بدلاً من مقارنة بصمة الإصبع بأكملها في كل مرة، فإن مقارنة التفاصيل الدقيقة يقلص مقدار الطاقة المعالجة المطلوبة لتحديد كل بصمة ، وتساعد على تجنب الأخطاء إذا كانت البقعة الممسوحة ضوئياً ملطخة ، وتسمح أيضًا بوضع الإصبع خارج المركز أو تكون محددة بطباعة جزئية فقط.

بطبيعة الحال ، يجب الحفاظ على أمان هذه المعلومات على جهازك وحفظها بعيدا عن الشفرة التي يمكن أن تعرضها للخطر. بدلاً من تحميل بيانات المستخدم هذه عبر الإنترنت ، يمكن لمعالجات بنية إيه آر إم (ARM : نوع من انواع المعالجات الدقيقة الذي يستخدم للتعرف على اوامر محدودة) الاحتفاظ بهذه المعلومات بأمان على الشريحة الفعلية باستخدام تقنية (TrustZone) المستندة إلى بيئة التنفيذ الموثوق بها (TEE). تستخدم هذه المنطقة الآمنة أيضًا لعمليات التشفير الأخرى وللتواصل المباشر مع الأنظمة الأساسية للأجهزة الآمنة ، مثل ماسح بصمات الأصابع، لمنع أي تطفل على البرامج . لا يمكن الوصول إلى القطع المعتمدة من المعلومات الشخصية ، مثل مفتاخ كلمة المرور ، إلا من خلال التطبيقات التي تستخدم واجهات برمجة تطبيقات عميل (TEE).

نافست شركة كوالكوم بشأن ذلك على انه مبني في هيكلية نظام رقائق الهاتف المحمول الامنة، بينما اعتبرته شركة ابل (Apple) بانه “النطاق الامن”، ولكن كلها مبنية على مبدأ الحفاظ على هذه البيانات الآمنة في جزء منفصل من المعالج لا يمكن الوصول إليه من خلال التطبيقات التي تعمل في بيئة نظام التشغيل العادية. طوّر تحالف FIDO (Fast IDentity Online) بروتوكولات تشفير قوية تستخدم هذه المناطق المحمية للأجهزة لتمكين مصافحة رسائل سرية أقل بين الأجهزة والخدمات. لذا يمكنك تسجيل الدحول إلى موقع إلكتروني أو متجر عبر الإنترنت باستخدام بصمة إصبعك دون الحاجة إلى ترك البيانات الفريدة الخاصة بك على الإطلاق هاتف الذكي. وهذا يتم عن طريق تمرير المفاتيح الرقمية بدلاً من البيانات البيومترية للخوادم.

– الخلاصة 

أصبحت أجهزة مسح بصمات الأصابع بديلاً آمنًا تماما لتذكر أسماء مستخدمين وكلمات مرور لا حصر لها ، كما زيادة استخدام أنظمة الدفع عبر الهاتف المحمول الآمنة تعني أن هذه الماسحات قد تصبح أداة أمنية أكثر شيوعًا وأهمية في المستقبل.

ترجمة: 

Hussein Talib

Zubaidah Sabah

تدقيق: Jazmin Abdulhussein

تصميم ونشر: Tabarek A. Abdulabbas

المصدر: هنا