دراسة جديدة تُبين أن أحداث “المنهي” الملحمية يمكن أن تؤدي إلى كارثة تسونامي شمسية

 

تَظهر البقع الشمسية وتختفي من سطح الشمس في دورات مدتها 11 عامًا. تُبين الصورة اليسرى، التي تم ألتقاطها هذا الشهر الحد الأدنى الحالي للطاقة الشمسية (فترة نشاط البقع الشمسية المنخفضة)، بينما تُبين الصورة اليمنى التي تم ألتقاطها في أبريل 2014م آخر طاقة شمسية قصوى (فترة نشاط مرتفع للطاقة الشمسية).
(الصورة: © وكالة ناسا)

في حالة نسيانكَ تكون شمس الأرض ملحمية تمامًا. فهي موطن لينابيع شاهقة من البلازما، و “لمبات الحمم البركانية في شكل مصباح” من الغموض الذي يكون أكبر من مساحة الأرض بمقدار 500 مرة، وحقل مغناطيسي يتلوى، ينحرف، وينتقل، ويستقر، ويتحول إلى الفضاء في دورات مدة حدوثها كل 11 سنة أو نحو ذلك، بجدية هذا يعبث بمنظومة كهرباء الارض.

بينما يحاول العلماء فهم نوبة الغضب هذه في كل دورة 11 عامًا، تتميز هذه الدورات عند حدوثها بزيادة مفاجئة في نشاط البقع الشمسية بالقرب من خط الأستواء الشمسي. حيث أكتشف العلماء شكلاً جديدًا من ملحمية الشمس، والتي ربما يجب أن نكون على دراية بها. وكتب الباحثون أنه عندما تنتهي دورة شمسية واحدة وتبدأ مرحلتها التالية، قد تواجه الشمس تصادمات كارثية في المجال المغناطيسي – تُعرف بأسم “أحداث النهاية Terminator” – مما ينتج عنه تسونامي ضخم من البلازما يمكن أن يُشحن عبر سطح الشمس لعدة أسابيع في كل دورة.

وفقًا لمؤلفي دراستين جديدتين (نُشرت في 4 فبراير في مجلة Scientific Reports و 9 يوليو في مجلة Solar Physics)، حيث تقول أنه يمكن أن تكون أمواج تسونامي الشمسية هذه حلقة مفقودة من الدورة الشمسية، حيث تبدأ إنتاج البقع الشمسية (البقع العملاقة على الشمس)، التي تميل إلى التشكل بالقرب من خطوط المجال المغناطيسي القوية وتكون أكثر برودة من الأجزاء الأخرى على سطح الشمس (بالقرب من خطوط العرض الوسطى للشمس) بعد بضعة أسابيع فقط من بدأها تختفي بالقرب من خط الاستواء.

جاء في بيان العلماء : “لقد لاحظنا وراقبنا دورة البقع الشمسية منذ سنين، لكن الغموض في الآلية التي يمكن أن تنقل إشارة من خط الاستواء، حيث تنتهي الدورة، إلى خطوط العرض الوسطى للشمس، حيث تبدأ الدورة التالية في مثل هذه الفترة القصيرة نسبيًا.” حسب ما قاله موسومي ديكباتي العالم البارز في مراقبة المرتفعات العالية في مؤسسة Colorado Boulder والمؤلف المشارك لكلا الدراستين الجديدتين.
حيث يجادل ديكاباتي وزملاؤه بأن التسونامي الشمسي قد يكون هو الحل للغموض الذي تم مراقبته أعلاه.

بالنسبة للدراسة الأولى، درس الباحثون ما يعادل 140 عامًا من الملاحظات الشمسية المأخوذة من الأرض والأقمار الصناعية. وركزوا على حركة النقاط المضيئة الإكليلية/بشكل هالة (وهي حلقات صغيرة من البلازما تتشكل فوق النقاط الساخنة المغناطيسية في جو الشمس)؛ حيث تتألق هذه النقاط بالأشعة فوق البنفسجية الشديدة قبل أن تختفي عادةً خلال يوم واحد. على عكس البقع الشمسية التي تظهر فقط خلال فترات النشاط الشمسي العالي (المعروف باسم الحد الأقصى للطاقة الشمسية Solar Maximums)، يمكن أن تحدث النقاط المضيئة خلال فترات أقل نشاطًا (تسمى الحد الأدنى للطاقة الشمسية Solar Minimums)، مما يوفر رؤية أكثر شمولًا للنشاط الشمسي عبر الدورات، كما كتب الباحثون.

كشف تتبع ومراقبة هذه النقاط الساطعة عن نمط مثير للأهتمام. فقد ظهرت لأول مرة حول خط عرض 55 درجة (حوالي 20 درجة أعلى من البقع الشمسية تميل إلى الظهور)، ثم تهاجر نحو خط الأستواء بخط عرض بضع درجات كل عام. بمجرد وصول النقاط إلى حوالي 35 درجة، يبدؤون يتداخلون مع البقع الشمسية. حيث أن هذه النقاط والبقع تتحرك نحو خط الأستواء جنباً إلى جنب لعدة سنوات. وعندما يصلون إلى هناك، يختفون جميعًا في حدث “Terminator”. بعد عدة أسابيع من حدث النهاية Terminator، تبدأ النقاط المضيئة دائمًا في الظهور والعمل في خطوط العرض الوسطى للشمس.

يُظهر هذا المركب المكون من 25 صورة تم التقاطها بين أبريل 2012 وأبريل 2013 هجرة البقع الشمسية بأتجاه خط الأستواء خلال أقصى حد للطاقة الشمسية. حيث تمت ملاحظة عددًا قليلاً من البقع تظهر فوق خطوط العرض الوسطى لأي من نصفي الكرة الأرضية. تسونامي الشمسية يمكن أن يفسر هذا السبب، وهذا ما يدعيه مؤلفي الدراستين الجديدتين. (الصورة الائتمان: NASA Goddard).

يبدو أن بعض الخصائص الفيزيائية لهذه الأحداث المنهية Terminator تؤدي إلى بدء الدورة التالية في خطوط العرض العليا – لكن ماذا؟ وهذا هو المكان الذي يأتي فيه التسونامي.
في الورقة الثانية التي شارك في تأليفها اثنان من الباحثين الذين عملوا على الأولى، حيث أوضحوا كيف يمكن أن تنتهي أحداث النهاية Terminator في تصادم خطي بين مجالين مغناطيسيين كبيرين بالقرب من خط الاستواء، مما يؤدي إلى حدوث تسونامي مزدوج من البلازما.

وفقًا لهذه الدراسة، قد تكون خطوط المجال المغناطيسي مثل هذه – المسماة “خطوط المجال المغناطيسي الحلقية” – لأنها تمتد حول قطر الشمس في شكل دونات (أو حلقي) – مسؤولة عن ظهور نقاط شمسية ساطعة، كونها تتحرك عبر سطح الشمس. وكتب الباحثون أنه من المحتمل أن تكون خطوط الحقل بمثابة “سدود مغناطيسية”، محاصرين البلازما خلفها وهي تتقدم نحو خط الأستواء الشمسي.

عندما يلتقي خطان ميدانان متعارضان (أحدهما ينجم عن القطب الشمالي للشمس والآخر من القطب الجنوبي) عند خط الاستواء، تلغى شحناتهما المتعارضة بعضها البعض، مما ينتج عنه ما يسميه الباحثون “الإبادة المتبادلة”. تلتقط وتطلق خطوط الحقل البلازما المحاصرة خلفها في أمواج المد العاتية الضخمة التي تتسارع للأمام، وترتد بأتجاه بعضها البعض، وتتجه نحو الخلف نحو القطبين في تسونامي مزدوج، تسير مسافة 1000 قدم (300 متر) في الثانية.

في غضون أسبوع أو أسبوعين، تصل هذه الموجات إلى خطوط العرض الوسطى لأي من نصفي الكرة الأرضية، حيث تصل إلى مجموعة أخرى من خطوط المجال المغنطيسي التي تنتشر بالفعل في نقاط مضيئة للدورة الشمسية التالية. وعندما تضرب موجة المد هذه المجموعة الجديدة من الخطوط، فإنها تعيد خطوط المجال المغناطيسي هذه صعودًا نحو السطح، مما يتسبب في زيادة البقع الشمسية لمرافقة النقاط المضيئة.

وقد كتب الباحثون أن ذلك يفسر الفجوة المتسقة بشكل غريب بين إنهاء دورة واحدة وبداية الدورة التالية. حيث أظهرت المحاكاة الحاسوبية أن تسونامي الطاقة الشمسية من هذا القبيل ممكن من الناحية النظرية – ومع ذلك، في الوقت الحالي تظل مجرد فكرة رائعة حقًا.
لحسن الحظ، قد تتاح لعلماء الفلك قريبًا فرصة للعثور على دليل حقيقي على تسونامي الشمس؛ أستنادا إلى نشاط النقطة الساطعة بالقرب من خط الاستواء، و كتب الباحثون، من المقرر حدوث تسونامي شمسي مقبل بحلول العام 2020.

 

المصدر: هنا

ترجمة: Ahmed Hatem Yaseen
تدقيق: Mohamed Abd
تصميم: Abdulrahman M. Abdulsattar
نشر: Abilta E Zeus