قل وداعاً لناقدك الداخلي

البقاء طموحاً بدون كمالية أو شك.

أنت تعرف من هو ناقدك الداخلي. إنه الصوت الصغير داخل رأسك الذي يهينك وينتقدك. يبدو أنه يتناغم مثل مُتفرج وقح في قاعة السينما، يتكلم بصوت عالٍ عند أهم أجزاء الفيلم!

إنه الصوت الذي يقول، “آه ، لماذا قلت ذلك؟” ويعيد الخطأ في المحادثة لساعات أو حتى أيام. إنه أيضاً الصوت الذي يقارن ويمحو الأمل، ويذكرك بأن أهدافك بعيدة المنال.

الناقد الداخلي هو صوت ينشأ بمرور الوقت – يمتصه مقدمو الرعاية أو المعلمون أو المدربون أو الأشقاء أو الزملاء أو الرؤساء. بمرور الوقت، سيشبه هذا الصوت إلى حد كبير صوتك. ولكن هذا الصوت ليس صوتك الحكيم. إنه ليس صوتك حتى. إنه صوت تعلمته من شخص آخر، من المجتمع. إنه صوت الخوف والقيود.

تخيل أن ناقدك الداخلي كان صديقاً – وليس مجرد صديق، بل صديقاً في مقرباً جداً. دعنا نسمي ذلك الصديق جيل. أنت تدعو جيل إلى غداء لطيف ونشاط بعد الظهر. ثم، تخيل أنه بعد ظهر كل يوم، يحكم جيل وينتقد. ينتقد ملابسك، وما طلبته لتناول طعام الغداء، وخططك لعطلة نهاية الأسبوع، وما قلته لرئيسك أثناء المراجعة.

يغادر هو في نهاية اليوم وانت تبقى مع الشعور بالإستصغار وعدم الجدارة وعدم الكفاءة وخيبة الأمل في نفسك. هل تعتقد أنك ستندفع لدعوة جيل لتناول الغداء مرة أخرى؟ إلى متى تعتقد أن جيل سيبقى في دائرتك للصداقة؟

فلماذا ندعو ونسمح لناقدنا الداخلي بالبقاء كما يحلو له؟ نقول أشياء لأنفسنا لن نقولها أبداً لشخص يهمنا. الشيء المحزن هو أننا غالباً لا ندرك مدى سوء معاملتنا لأنفسنا – أو نعتقد أنها تستحق.

يخشى بعض الناس أنهم إذا هدأوا نقادهم الداخليين، فإنهم سيفقدون دافعهم. لكن النقد والكمالية ليسا مثل الطموح. تقول الباحثة والمؤلفة بريني براون (Brené Brown) :”إن فهم الفرق بين السعي الصحي والكمالية أمر بالغ الأهمية لوضع الدرع وعيش حياتك. تظهر الأبحاث أن الكمالية تعوق النجاح. في الواقع، غالباً ما يكون الطريق إلى الإكتئاب، والقلق، والإدمان، وشلل الحياة”.

كمعالج في مدينة نيويورك، فأنني أعمل مع الكثير من الأفراد الأكفاء والبارعين. في حين أن هذه السمات تبدو واضحة وضوح الشمس بالنسبة لي، فإن هؤلاء الأفراد أنفسهم يواجهون صعوبة هائلة في رؤية هذه الصفات في أنفسهم. من السهل أن لا تتطور بسبب التركيز المفرط على أدنى العيوب، بدلاً من التمسك بالمنظور الكبير الذي يعترف بالتقدم. لا يسهل ناقدك الداخلي نموك، فهو أشبه بعلامة الإلتفاف، يوجهك بعيداً عن تحقيق أهدافك.

إحدى طرق تهدئة ذلك الناقد الداخلي هي أولاً ملاحظة ذلك الصوت الذي يكمن في نفسك. قد ترغب في تسميته “الناقد” أو تسميته. يمكنك التفكير فيه مثل قائمة الأغاني – وتغيير الأغنية أو الفنان. يمكنك أن تتلاعب في هذا التمرين، وإعطاء الناقد الداخلي شخصية، مثل لاري ديفيد أو نقاد الدمى المتحركة. بمجرد القيام بذلك، سوف تتعرف بسهولة أكبر على هذا الصوت الناقد على أنه منفصل عن صوتك وستراه غير مفيد وغير دقيق.

هناك طريقة أخرى لتليين الناقد الداخلي وهي تعزيز قدرتك على التراحم الذاتي. الرحمة الذاتية هي الرغبة البسيطة التي لا نعاني منها. يساعدنا التراحم الذاتي على التقاط أنفسنا بعد إنتكاسة ويمنحنا الشجاعة لأن نكون متأثرين والتحرك نحو أهدافنا.

قد ترغب في تطوير ممارسة تأمل يومية للتعاطف مع الذات، والتي تعرف غالباً بإسم التأمل المحبة والطيبة. سيكشف بحث غوغل (Google) البسيط عن العديد من التأملات حول هذا الموضوع. كريستوفر جيرمر (Christopher Germer)، عالم نفس ومطور مشارك في برنامج (Mindful Self-Compassion Training)، لديه مجموعة رائعة من التنزيلات المجانية على موقعه على الإنترنت.

كل يوم، يمكنك “إرسال” رغبات رحيمة لك ولعائلتك وأصدقائك وأي شخص تحبه! أنت ببساطة تتحدث أو تفكر أو تكتب هذه العبارات. يمكنك تكييف الرغبة حسب ما قد تحتاجه أنت أو الآخرين في ذلك اليوم.
السلامة والصحة والسعادة والشجاعة هي بعض الأمثلة.

قد يبدو التأمل البسيط المحب للود مثل:

أتمنى العافية والسلام لعائلتي.

أتمنى العافية والسلام لأصدقائي.

أتمنى العافية والسلام لمجتمعي.

أتمنى العافية والسلام لجميع البشر في كل مكان.

أتمنى العافية والسلام لنفسي.

الرحمة الذاتية تحتضن فكرة أنك تستحق الآن – ليس متى أو إذا أو ربما – ولكن الآن، تماماً كما أنت. لذا قل وداعا للناقد الداخلي لماضيك وقل مرحباً لمستقبل مثمر وممتع!

 

 

ترجمة: بتول ستار

تدقيق: ياسمين القزاز

تعديل الصورة ونشر: تبارك عبد العظيم

المصدر: هنا