” العطف الذاتيّ يجعلُ الحياة اسهل “

 

عندما يتعلق الأمر بتطوير الذات فإن ثقافتنا غالباً ما تحتفي بأولئك الذين يتمتعون بالثقة بالنفس، الا أن بحثاً جديداً يشير إلى ان العطف الذاتي قد يكون طريقاً افضل للوصول للنجاح فمثلاً: الثقة بالنفس تشعرك بشعورٍ جيّد تجاه امكانياتك، أما العطف الذاتي فإنه يشجعك على معرفة نقاط ضعفك و حدود إمكانياتك، وما إن تتمكن من معرفتها وتقبلها ستتمكن من النظر إليها بشكل موضوعي و واقعي مما يؤدي إلى تغييرات إيجابية في حياتك.
●فهم العطف الذاتي:
استنادا إلى الفلسفة البوذية، يختلف العطف الذاتي عن احترام الذات أو الثقة بالنفس، فبدلاً من طريقة نظرتك لنفسك، فأن العطف الذاتي يشير الى ماهيتك أو طريقة معاملتك لنفسك. في الواقع، وتبعاً للدكتورة كرستين نيف استاذة علم النفس بجامعة تكساس، يتضمن العطف الذاتي معاملتك لنفسك بنفس الطريقة التي تعامل بها أصدقائك أو أفراد عائلتك إن فشلوا أو أخفقوا.
و عموماً، يشمل العطف الذاتي تقبل كونك انسان وهذا يجعلك معرض لارتكاب الاخطاء. كما انه يعني عدم اسهاب التفكير في تلك الأخطاء او لوم نفسك بسببها .
كانت دكتورة نيف اول من تدرس وتعرف العطف الذاتي وقد قدمت عدة طرق لتطوير مهارات العطف الذاتي, كما انها قدمت عدة تمارين لتعزيز العطف الذاتي منها التنفس بلطف و تأمل ميتا.
● المكونات الأساسية للعطف الذاتي:
١- اللطف مع الذات:
عندما تتعاطف مع ذاتك، تدرك أن جميع الناس غير مثاليون و أنهم يحيون حياة غير مثالية، وهذا يعني أن تتصرف بلطف بدلاً من انتقاد نفسك عندما تسير الأمور بشكل خاطئ . فمثلا: عندما يحدث خطأ ما قد يتبادر إلى ذهنك التفكير بـ” يجب ألا تحدث هذه المشكلة في حياتي” أو “لماذا لا اعيش حياة مثالية سعيدة و طبيعية كما يعيش الجميع”
بالتفكير السلبي تعيش معاناة إضافية لأنه يجعلك معزولاً، و وحيداً، و مختلفاً عن بقية الناس . اما عند ممارسة اللطف مع الذات يتبادر إلى ذهنك أن “الجميع يفشل بين الحين والآخر” بدلاً عن التفكير بـ “مسكينٌ أنا”
و بهذا التفكير انت تعترف أن لدى الجميع مشاكل و معوقات لأن هذا جزء من كونك انسان. حيث تكتسب الخبرة وتساعدك الاخطاء على النضوج بدلا من الدخول في حلقة لوم الذات.
٢- التأمل الواعي:
عندما تكون يقظاً تكون مستعداً لمواجهة الألم و المعاناة والتعرف عليهما. لا يرغب معظم الناس فعل هذا . فهُم عادة ما، في الحقيقة، يتحاشون ذلك؛ اذ يريدون تجنب الألم و الوصول مباشرة لحل المشكلة . لكن عندما تلقي الحياة حجراً عاثراً في طريقك فمن المهم أن تأخذ وقتا للتركيز حول كيف تشعر حيال هذه العقبات و لماذا قد تحصل هذه المشاكل.
و عندما تستطيع فعل ذلك فإنك تنضج وتتعلم من الموقف الذي أنتَ فيه.
و هناك أمر آخر عليك ان تكون يقظاً تجاهه و هو النقد الذاتي ، فالنقد الذاتي يمكن أن يكون قاهراً و يستمر بالتكرار في أذهاننا و هنا يلعب التأمل الواعي دوراً إذ يسمح لك بأن تكون مدركاً لنقائصك بدون ان تحكم على نفسك. و نتيجة قيامك بهذه العملية هو إدراكُك لما تحتاجه للتغيير بدون تحميل نفسك فوق طاقتها.
٣- اللامثالية:
عندما تتقبل فكرة أنه في الواقع لا تسير الامور بمثالية دائما سوف تشعر بأن عبئاً ثقيلاً أزيح عن اكتافك. و يساعد ذلك التفكير أيضا على ادراك أن ما تواجهه أمر طبيعي يمر به أي انسان اخر و لا يجب أن تشعر حياله بالسوء. إن إدراك عيوبك يساعدك على الإتصال بالآخرين إذ ستدرك أن الجميع يقاسي و يواجه المصاعب.
● منافع العطف الذاتي:
عموماً، يشمل العطف الذاتي إدراك الفرق بين اتخاذ قرار سيء و بين ان تكون شخصاً سيئاً. عندما تمارس العطف الذاتي، تعي أن اتخاذ القرارات السيئة لا يجعلك تلقائياً شخصاً سيئاً بل تدرك أن قيمتك غير مشروطة.
في الواقع, اظهرت الابحاث اتصال إيجابي بين العطف الذاتي والصحة العامة ، اضافة الى ذلك، فأن العطف الذاتي يعزز الشعور بقيمة الذات. ولكن ليس بطريقة نرجسية كما في حالات المبالغة بالثقة بالنفس.
أنّ الاشخاص الذين يمارسون العطف الذاتي يمتلكون ارتباطات اجتماعية و مستوى ذكاء عاطفي عالي و رضا عام عن الحياة و هم أيضا اكثر رعاية و دعم و تعاطفاً مع الآخرين .
أظهر بحث آخر ان الأشخاص الذين يتمتعون بالعطف الذاتي هم أقل قلقاً و اكتئاباً و أقل خوفاً من الفشل و اظهر البحث ايضاً أن العطف الذاتي يمكن أن يكون محفزاً لتطور الأفراد من خلال أخطائهم، و فشلهم، و نقائصهم؛ لأنهم ينظرون للمشكلة بموضوعية أكثر.
ترجمة : طيبة حمد
مراجعة : Abilta E Zeus
تعديل الصورة: فرات جمال

 

المصدر: هنا