قد تتسائل إذا ما كانت شخصية الفرد تبقى ثابتة أم لا؟ الجواب هو لا وإليك السبب

 

 

دائماً ما كان الجدال قائمًا حول موضوع “الشخصية”، وتحديداً فيما إذا كانت شخصية الفرد شيء ثابت أم انها شيء قابل للتغيير.
بعض العلماء يعتقدون أن الشخصية شيء فطري غير قابل للتغيير. والبعض الآخر كعالم النفس “ويليام جيمس” في جامعة هارفارد الأمريكية يعتقدون أن الشخصية تبقى في تغيّر دائم حتى يبلغ الشخص عمر الـ 30. كما ذكر في كتابه (أساسيات علم النفس – The Principles of Psychology): “في معظم الناس تثبت الشخصية بعد عمر الـ 30 ويكون من المستحيل التغيير فيها.”
خارج نطاق الدراسات النفسية، يوجد التجّار أصحاب إختبارات الشخصية الذين قد طوّروا نظرياتهم الخاصة عن الشخصية وعلى أساسها صنعوا إختبارات الشخصية خاصتهم لتحديد وتشخيص نوع الشخصية. معظم هذه الإختبارات تستند على أسس غير علمية وتصِف الشخصية على أنها “أنواع” أو “فئات”. العديد من هذه المنظّمات تفترض أن “الشخصية” و”نوع الشخصية” شيئين مختلفين تماماً وأن “نوع الشخصية” شيء ثابت غير قابل للتغيير. على سبيل المثال، ينصّ المقال الأخير في مجلة (فوربس-Forbes) الأمريكية بقلم الكاتبة مايرز بريكز:
“أجل الشخصية تتغير بالتأكيد، لكن نوع الشخصية لا يمكن تغييره. قد يبدو هذا تناقضاً، من المسلّم له أن الشخصية ليست ثابتة. لكن “نوع الشخصية” حسب رأي مايرز بريكز نظرية كارل جنك قصة مختلفة تماماً. “نوع الشخصية” لا ليس مجموعة أفكار ومعتقدات كما يعتقد البعض، أنه مجموعة من ردود الفعل التي لا تتغير حتى بعد التغيّرات الكبيرة في مهارات وقدرات وتفضيلات واهتمامات الشخص التي قد تحدث على مدى حياة الفرد.
لا عجب أن الناس يشعرون بالحيرة حول هذا الموضوع. هل الشخصية شيء ثابت أم أنها شي قابل للتغيير؟ هل تثبت الشخصية بعد عمر الـ 30؟ هل يوجد ما يُسمى بالـ”فئة” أو “نوع” يجب أن أنتمي إليه؟ ما هو “النوع” الذي لا يتغير حتى عندما تتغير شخصيتك؟
رأي العلم:
إليك مقتطف عن رأي العلم بخصوص موضوع تغيّر الشخصية، حيث تُظهر الأبحاث التالي:
• أن تمييز الشخصيات الى “أنواع” في إختبارات الشخصية هو شيء خاطئ على الرغم من كونه ممتع.
• حسب نظرية الصفات الخمس الكبرى للشخصية فأن الشخصيات لا يتم تشخيصها بـ”أنواع” بل تتم حسب خمس صفات أساسية هي: (الانفتاح، والضمير، والانبساط (بمعنى حب التفاعل مع الآخرين أو عدمه)، والقبول، والعصبية). ويتم تقييم كل شخص بمستوى معيّن بكل واحدة من هذه الصفات الخمس مقارنة بباقي الناس.
• أنه مهما كان مستواك بهذه العوامل الخمس فأنها تبقى في تغيّر دائم على مدى حياتك.
• أن مستواك في هذه العوامل الخمس يحدد مستواك الحالي في الحياة. و يمكن أيضا التنبؤ بها بواسطة الأدوار التي تلعبها حالياً، (لن تشعر بصعوبة أو مسؤولية تجاه شيء ما طالما أن هذا الأمر لا يعنيك).
• أن بيئة وطبيعة العمل يمكن أن تغير شخصيتك.
• أن أكثر من 90% من الناس يريدون أن يغيروا على الأقل جانب واحد من شخصيتهم نحو الأفضل.
• أن وضع أهداف وأتباعها يمكن أن يُحدث تغييرات جذرية في الشخصية. (إذا كنت تريد أن تكون شخص منتظم أكثر، يمكنك أن تكون كذلك).
• أن الشخص أذا كان مؤمناً أن لديه هدف بالحياة، يكون إحداث تغيير في شخصيته أسهل.
• أن بإمكانك إحداث تغيير ولو لدرجة معينة حتى بنطاق زمني لا يتجاوز الأسبوعين في جانب معين من شخصيتك.
• أن فترة 10 سنوات يمكن أن تُحدث تغييرًا كبيرًا جداً بالشخصية. وأن الناس حتى عندما يرون تغيّرًا في نفسهم عن أنفسهم في الماضي فأنهم غالبا ما يقللون من شأن ما يمكن أن يحققوه في المستقبل.
الخلاصة:
معظم الدراسات تُشير إلى أن شخصية الفرد تكون في تغيير طوال حياته. حتى أنها تتغير أكثر ممّا نتوقع أنها ستتغير. بالإضافة أن الشخصية لا يمكن وضعها في خانة “نوع” غير قابل للتغيير. بل أن الشخصية يمكن التنبؤ بها بالإعتماد على مستوى الشخص في الحياة والدور الذي يلعبه حاليًا.
الأساسيات :
كما يقول الدكتور دانيال كيلبيرت: دائمًا ما يواجه الناس صعوبة في تخيّل ما سيكونوا عليه في المستقبل وهذا لأنهم لا يقضون أي وقت لتخيل ذاتهم المستقبلية. يمكن لأغلبنا أن يرى التغيّر في نفسه وإهتماماته عبر السنين الأخيرة لكننا غالبا ما نقلل من شأن ما يمكن أن نحققه مستقبلاً. الخطوة الأولى هي بالتأكيد أن تتخيل نفسك مستقبلاً. كما يقول دكتور جامعة كاليفورنيا “هال هيرشفيلد”: تخيّل ذاتك المستقبلية هو أفضل خطوة يمكن أن تخطوها من أجل مستقبلك. بالإضافة إلى أن تخيل نفسك بالمستقبل بكامل التفاصيل و الصفات قد يكون خطوة ممتازة لتسريع عملية تطوّرك.
خلاصةً، الشخصية من الممكن بل من المؤكد أن تتغير. وإتجاه هذا التغيير يعتمد وبشكل كبير على مدى تخيّل الشخص لذاته المستقبلية ومدى سعيه لتحقيق رؤيته. مستوى التحفيز الذاتي والمرونة النفسية للشخص لها أثر أيضاً على قدرته على تصوّر وتحقيق ذاته المستقبلية.
ترجمة: حسين صباح
مراجعة وتعديل الصورة: تبارك عبدالعظيم
المصدر: هنا