إحساسُنا بالوقت مشوَّه عندما تلتقي أعينُنا بأعينِ الآخرين

 

 

يعبِّر التواصل البصري عن نوايانا وأحاسيسنا أكثر ممّا تفعل الكلمات، لكنّ الآليات الكامنة وراء استجابتنا لنظرة إنسان آخر ليست واضحة، هل هو رد فعل عاطفي يلفت انتباهنا؟ أم أنّ انتباهنا هو الذي يولع بأيّ نظرة، ثمّ تتولد المشاعر أثناء التواصل البصري؟
تستخدم كل خطوة بالترتيب مناطق مختلفة تمامًا من الدماغ، لذا فإنّ فهم العملية يمكن أن يساعدنا على فهمٍ أفضل للسبب الذي يجعل الاتصال بالعين غير مريح على الإطلاق بالنسبة للبعض.
قام عالما النفس نيكولاس بورا وديرك كيرزل من جامعة جنيف في سويسرا بتجنيد عدد من المتطوعين للمساعدة في سلسلة من التجارب. تضمنت الأولى 22 مشاركًا يراقبون مجموعة من الصور المتحركة تحتوي على 40 وجهًا غريبًا ذا ملامح هادئة. بعض المقاطع القصيرة جعلت الشخص في الصورة ينظر إلى جانب واحد، قبل أن يلقي نظره أسفل ماسورة الكاميرا. ظهر كل مقطع لفترة زمنية تتراوح بين 986 ملّي ثانية إلى 1.5 ثانية تقريبًا، وهي تتساوى مع مدة تبادلنا للنظرات مع الآخرين أثناء التفاعلات الاجتماعية. كان على المشاركين تحديد ما إذا كانت الصورة المتحركة مرئية لفترة قصيرة أو طويلة.
يقول بورا: “في حين أنّ النظرات العابرة لا تشوّه إدراكنا للوقت، وجدنا أنّه على العكس من ذلك، عندما تقاطعت النظرات قلل المشاركون بانتظام من الفترة الزمنية التي تضمنت اتصال العين هذا”.
قورنت نتائج التجربة الأولى مع التجارب التي تستخدم موضوعات غير اجتماعية وصور ثابتة للوجوه، حيث لا توجد فروق كبيرة في تقديرات الوقت. يقول بورا: “يبدو أنّ الأمر ليس مجرد نظرة، الحركة أيضًا مطلوبة”.
في التجارب الأخرى التي شملت مجموعات جديدة من المتطوعين، تم تغيير الوجوه على التوالي، وتم تقليصها إلى نطاق ضيق للعينين. مرة أخرى، بدا أنّ الوقت يمر بشكل أسرع قليلًا عندما التقت الأعين بنظرات سريعة.
يشير هذا التقليل من كل ثانية تمر إلى أنّ أسلاك انتباهنا للوقت تكون مشغولة في اللحظة التي نتواصل فيها بالأعين، ممّا يجعلنا نتصور أنّ الوقت الذي يمر حين لا ننظر سوى نحو شخص واحد أقصر قليلاً ممّا هو عليه بالفعل.
يقول بورا: “منذ سنّ مبكرة، نتعلم فك رموز مشاعر ونوايا محاورينا من خلال أعينهم، لذا فإنّ الالتقاء بعين شخصٍ ما حالة اجتماعية شائعة جدًا، كما أنّها تؤدي دائمًا إلى شعور معين”. لكن بالنسبة للبعض، وخاصةً أولئك الذين يعانون من اضطراب طيف التوحد، فهذا الشعور غير مريح على الإطلاق.
ترجمة: عذراء زين العابدين
تدقيق: فاطمة جبار
نشر وتعديل الصورة: فرات جمال
المصدر:هنا
  • Love