كوكب خارج المجموعة الشمسية يشع غلافه بجزيئات ماء متوهجة

وجد العلماء دليل قوي لطبقة الستراتوسفير (الطبقة الثانية للغلاف الجوي بالترتيب التصاعدي) لكوكب ضخم خارج النظام الشمسي.
هذه الطبقة، والتي تكون فيها درجات الحرارة عالية جداً، حارة لدرجة انها تغلي الحديد.
الكوكب (WASP-121b)، والذي يقع حوالي 900 سنة ضوئية عن كوكب الارض، هو كوكب ضخم يحتوي غازات خارج المجموعة الشمسية ويشار اليه بإسم “كوكب المشتري الساخن”.

قام بهذا الاكتشاف الجديد فريق دولي من الباحثين، بإدارة جامعة اكستر (University of Exeter) بمساهمات مع جامعة ماريلاند (University of Maryland)، وذلك من خلال مراقبة جزيئات الماء المتوهجة الموجودة في غلاف الكوكب (WASP-121b) بإستخدام تلسكوب هابل (Hubble) الخاص بوكالة ناسا الفضائية.
نُشر البحث في عدد لمجلة (Nature) التي نُشرت في 3 اغسطس/آب 2017.

اظهرت ابحاث سابقة أُجريت على مدى العقد الماضي ادلة محتملة على وجود غلاف الستراتوسفير في كواكب غير شمسية اخرى، لكنها المرة الاولى التي يتم فيها اكتشاف جزيئات ماء متوهجة، وتعتبر اوضح اشارة حتى الان لتبين غلاف الكوكب غير الشمسي.

قال استاذ علم الفلك في جامعة ماريلاند، والمساهم في هذه الدراسة، دريك ديمينغ (Drake Deming) :”عندما يتعلق الامر بالكواكب غير الشمسية البعيدة، والتي لا يمكننا رؤيتها بالتفصيل كبقية الكواكب الشمسية الاخرى، يجب علينا الاعتماد على التقنيات التي تنوب عنا بالعمل للكشف عن تركيبها”
“غلاف الكوكب (WASP-121b) ساخن جداً لدرجة انه يجعل بخار الماء يتوهج، وهذا هو اساس تحليلنا”.

استخدم العلماء، لدراسة غلاف هذا الكوكب الغازي العملاق، التحليل الطيفي لتحليل كيفية تغير سطوع الكوكب في اطوال موجية مختلفة من الضوء.
بخار الماء لهذا الغلاف، على سبيل المثال، يسلك سلوكاً يمكن التنبؤ به استجابة لاطوال موجية معينة من الضوء، اعتماداً على درجة حرارة الماء.
يحجب بخار الماء الضوء من تحته، عند درجات الحرارة المنخفضة، لكن تتوهج جزيئات الماء عندما تكون درجات الحرارة اعلى.

هذه الظاهرة مماثلة لما يحدث في الالعاب النارية، حيث تحصل على الوانها عندما تسخن وتتبخر المواد المعدنية لها، محركة الكتروناتها الى حالة من الطاقة العالية. اعتماداً على المواد، ينبعث الضوء من هذه الالكترونات في موجات محددة لانها تفقد الطاقة.
على سبيل المثال، ينتج الصوديوم اللون البرتقالي المائل للصفرة، وينتج السترونتيوم الضوء الاحمر

وبالمثل، تعطي جزيئات الماء في الغلاف الجوي للكوكب طاقة مشعة لانها تفقد الطاقة، لكن على شكل ضوء اشعة تحت الحمراء، والتي لا يمكن للعين البشرية رؤيتها.

يقول الباحث الزميل في جامعة جامعة ايكستر والباحث الرئيسي للدراسة، توم ايفانز (Tom Evans): ”تقترح النماذج النظرية بأن طبقة الستراتوسفير قد تحدد فئة خاصة من الكواكب غير الشمسية فائقة الحرارة، مع مضامين مهمة للفيزياء الجوية والكيمياء”.
“عندما وجهنا تلسكوب هابل نحو الكوكب (WASP-121b)، رأينا جزيئات ماء متوهجة، وهذا يعني ان للكوكب طبقة ستراتوسفير قوية”.

لكوكب (WASP-121b) كتلة وقطر اكبر من كوكب المشتري، مما يجعله اكثر ضخامة.

يدور هذا الكوكب غير الشمسي حول نجمه المضيف كل 1.3 يوم، والجسمين قريبين جداً من بعضهما دون شق جاذبية النجم للكوكب.
هذا القرب يعني ايضاً ان الجزء العلوي من الغلاف الجوي يسخن الى درجة حرارة عالية تصل الى 2,500 درجة سيليزية، حيث يكون الحديد في درجة حرارة كهذه بهيئته الغازية بدلاً عن هيئته الصلبة.

قال الاستاذ المساعد في علم الفيزياء الفلكية في جامعة ايكستر والمشارك في البحث، الاستاذ دايفيد سينغ (David Sing): “ان هذا البحث الجديد هو الدليل قاطع الذي كان يبحث عنه العلماء عند دراسة الكواكب غير الشمسية الساخنة”.
“اكتشفنا ان كوكب المشتري الساخن لديه طبقة من الستراتوسفير، وهي سمة مشتركة بين معظم كواكب النظام الشمسي”.

يمتص الاوزون، في طبقة الستراتوسفير لكوكب الارض، الاشعة فوق البنفسجية من الشمس، مما يرفع درجات حرارة هذه الطبقة من الغلاف الجوي.
تحتوي جسيمات النظام الشمسي الاخرى على غلاف الستراتوسفير ايضاً، على سبيل المثال، الميثان هو المسؤول عن التدفئة في هذا الغلاف لكوكب المشتري وقمر كوكب زحل تيتان (Titan).
في كواكب النظام الشمسي، يكون التغير في درجة الحرارة داخل طبقة الستراتوسفير عادة اقل من 100 درجة سيليزية. مع ذلك، فإن درجة الحرارة ترتفع بمقدار 1000 درجة سيليزية في طبقة الستراتوسفير لكوكب (WASP-121b).

قال المشارك في الدراسة، والزميل الباحث في جامعة ايكستير، نيكولاي نيكولوف (Nikolay Nikolov) :”قمنا بقياس ارتفاع كبير في درجة حرارة غلاف الكوكب (WASP-121b) على ارتفاعات عالية، لكننا لا نعرف الى الان سبب هذا الارتفاع في الحرارة”.
“نأمل معرفة سبب هذا الغموض بملاحظات قادمة على اطوال موجية اخرى”.

من مصادر الحرارة المرشحة هي اوكسيد الفاناديوم وغازات اوكسيد التيتانيوم، لانها تمتص بقوة اشعة النجوم باطوال موجية مرئية، مثل الاوزون الذي يمتص الاشعة فوق البنفسجية.
يتوقع ان تكون هذه المركبات موجودة فقط في اكثر الكواكب سخونة المشابهة لكوكب المشتري الساخن، اي مثل كوكب (WASP-121b)، لان الحرارية العالية مطلوبة للحفاظ على هيئتها الغازية.
يوجد اوكسيد الفاناديوم وغازات اوكسيد التيتانيوم بشكل شائع في الاقزام البنية (اجسام صغيرة تحتل نطاقا واسعاً بين الكواكب الغازية العملاقة في الفضاء)، او ما تدعى ايضاً ب”النجوم الفاشلة” والتي لها بعض القواسم المشتركة مع الكواكب غير الشمسية.

سيكون تلسكوب جيمس ويب الفضائي (James Webb Space Telescope) التابع لوكالة لناسا قادراً على متابعة الاغلفة الجوية للكواكب مثل مثل كوكب (WASP-121b) مع حساسية اعلى من اي تلسكوب موجود حالياً في الفضاء.

قالت الزميلة الباحثة لجامعة ايكستير والمشاركة في هذه الدراسة، الدكتورة هانا واكيفورد (Hannah Wakeford): ”ان هذا الكوكب الساخن جداً غير الشمسي سيكون علامة مرجعية لنماذجنا الجوية، وسيكون هدفاً رصدياً رائعاً يتحرك في عصر التلسكوب ويب”.

 

 

 

 

 

 

ترجمة: Aya Ghani

تدقيق:  Jazmín Al-Kazzaz

تصميم: Tabarek A. Abdulabbas

المصدر: هنا