من الممكن قريباً أن تتمّ الموافقة على العلاج الجيني الأوّل من نوعه لمرض وراثي من قبل إدارة الأدوية والعقاقير

 

 

 

أقرّت اللجنة الاستشاريّة للغذاء والدواء بالإجماع – الموافقة على العلاج الجينيّ التجريبيّ للمرضى المصابين بنوعٍ نادرٍ من العمى الوراثي ممّا مهّد السبيل لتكون هذه الموافقة تاريخيّة.
وعند موافقة الوكالة على التوصية، فإنّ العلاج لمرّةٍ واحدة سيكون أوّل علاج جينيّ يظهر بصورة واضحة في الولايات المتحدة ضدّ الأمراض الوراثيّة.
هذا و يقام العلاج في “سبارك” في (فيلادلفيا) ومقرّها، و ينطوي العلاج على حقن نسخة صحيّة من الجينات RPE65 – المسؤولة عن صنع البروتينات اللازمة للبصر – في عيون المرضى الذين لديهم نسخ معيبة من الجين.
وقد أوضح الباحثون أنّ العلاج لا يعطي المرضى رؤية مثاليّة ولكنّه يحقق تحسينات كبيرة.
كما وافقت إدارة الأغذية والعقاقير على علاجٍ واحدٍ فقط و يدعى العلاج الجيني – “كميريا Kymriah” ، والذي سيستخدم لسرطان الدم في مرحلة الطفولة. هذا النهج يتضمّن استخراج الخلايا المناعيّة، و تغييرها وراثيّاً في المختبر وإعادتها إلى المريض.
علاوةً على ذلك ، يمثّل “لوكستورنا Luxturna” ، منتج “سبارك “، ما يُعتقَد بأنّه العلاج الجينيّ الحقيقيّ، حيث أنّ الجينات الفعّالة تحلّ محلّ الجينات المتضررة بالعمل. فقد ورث حوالي 1000 إلى 2000 شخص في الولايات المتحدة أمراض الشبكيّة الناجمة عن تحوّر جين الـRPE65.
– إلّا أنّ الشركة لم تقدّم كلفة تقديريّة للعلاج، ولكن من المرجّح أن تكون عالية جداً ويتوقع المحللون في (وول ستريت) أنّ سعر العلاج سيتراوح بين 750000 دولار أمريكي إلى مليون دولار أمريكيّ لكلتا العينين , ومن شأنِ ذلك أن يثير جدلاَ ساخناً بالفعل بخصوص ارتفاع تكاليف المستحضرات الصيدلانيّة.
– الأطفال الذين يحملون الجين العاطل يتم تشخيصهم في سن مبكرة مع اضطرابات مثل خلل الكبد الخلقي أو التهاب الشبكيّة الصباغيّ وتكون لديهم رؤية محدودة تزداد سوءاً مع مرور الوقت، ممّا يؤدي إلى العمى الليلي وفقدان الرؤية الطرفيّة والمركزيّة والتي ينتهي جميعها تقريباً بالعمى الكلي.
وخلال اجتماع اللجنة على مدار يومٍ كامل ، تحدّث العديد من الشباب حول كيفيّة تغيير العلاج التجريبيّ لحياتهم، والسماح لهم، لأوّل مرة، برؤية النجوم ووجوه والديهم، والخروج ليلاً مع الأصدقاء وعن هذا قالت كاتلين كوري (Katelyn Corey) ، من سكان (لوس أنجلوس) البالغة من العمر 24 عاماً ، للجنة : ” قبل بضع سنوات، كنت على وشك فقدان كلّ شيء ” فقد كانت تتخلّف عن دراستها في الكليّة كما تدهورت رؤيتها وأصبح عالمها مظلم حرفياً ثمّ و بعد الحصول على العلاج الجينيّ في عام 2013، قالت: “لم أعد أعيش في فيلمٍ أبيض وأسود , ربّما لم أكتسب رؤية طبيعيّة، ولكنني اكتسبت كلّ استقلاليتي”. و استطاعت أن تتخرّج من الكليّة وحصلت على درجة الماجستير في علم الأوبئة.
واعترفت كوري وغيرها ممّن تحدثوا بأنّ رؤيتهم بعيدة عن الــ 20 من 20 ، و من غير الواضح أنّ التحسّن سيكون بشكلٍ دائم و لكن مع ذلك، استمرّت الآثار لمدة أربع سنوات أو أكثر ويمثّل تصويت اللجنة ثقةً كبيرة تشيرُ إلى تقدّمٍ ملحوظ في مجالٍ يكافح منذ عقود للتغلّب على النكسات المدمّرة.
– و في هذا الصّدد قالت (كاثرين هاي Katherine High) رئيسة قسم الأبحاث والتطوير في “سبارك” : ” كان أحد آمال مشروع الجينوم البشريّ هو استخدام الجينات لتطوير الأدوية وهذا ما كان أكثر تعقيداً ممّا يتخيله الناس، ولكن إذا نجحنا، فهذا يعني الكثير للأشخاص الذين يعانون من الأمراض الموروثة النادرة”.
وتجري حالياً مئات التجارب الجينيّة العلاجيّة في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك الأبحاث حول مرض سيولة الدم ومرض هنتنغتون، وفقاً لما ذكره: (التحالف من أجل الطب التجديديّ، مجموعة الصناعة ), لكنّ المهم ذكره هو أنّ لأمراض الشبكيّة وحدها، يجري أكثر من 18 تجربة بالعلاج الجيني، حسب ما أوضح ستيفن روز (Stephen Rose) ، كبير موظفي البحوث في مؤسسة مكافحة العمى، وقد موّلت المجموعة بعض البحوث السابقة للعلاج، واسمه الجيني هو فوريتيجين نيبارفوفيك (voretigene neparvovec).
لم تطالب إدارة الأغذية والعقاقير باتخاذ توصيات لجنتها الاستشارية، ولكنها عادةً ما تفعل ذلك , وتمَّ تحديد الموعد النهائي لتقرير علاج ” سبارك” في منتصف يناير (كانون الثاني) .

والجدير بالذكر أنّ “سبارك” تأسست في عام 2013 على أساس البحوث والاستثمارات الكبيرة من مستشفى الأطفال في (فيلادلفيا – تشوب) و في محاكمة مركزيّة تضم حوالي 30 مريضاً تتراوح أعمارهم بين 4 سنوات إلى 44 سنة , تمّ الاعتراف بأنّ معظم المرضى الذين تلقّوا العلاج أظهروا تحسناً عبَر متاهة الرؤية مع العديد من العقبات والسهام للاتجاهات.
وقد تم تصميم مسار تعقبي لقياس الرؤية الوظيفية لدى المرضى، أو القدرة على التعامل مع الأنشطة اليوميّة في ظروف منخفضة الرؤية، إلّا أنّ المرضى لم يروا أي مكاسب ذات دلالة إحصائيّة في “حدة البصر” – وهذا ما ورد في قراءة الرسم البياني للعين.
وخلال الاجتماع، أظهر الباحثون شريط فيديو لمريض يبلغ من العمر 6 سنوات، قبل أن يحصل على العلاج، اصطدم بعناصر على المسار ولم يتمكّن من إكماله بسرعة. وبعد أن بلغ العاشرة ، أي بعد سنوات من العلاج، كان قادراً على التحرك خلال هذا المسار بسهولة في ثوانٍ معدودة .
كما تمَّ تشخيص كريستيان جواردينو (Christian Guardino) البالغ من العمر 17 سنة من ثانوية في (باتشوج، نيويورك) ، بالاضطراب عندما كان عمره أقلّ من عامٍ .
وتقول والدته ( إليزابيثElizabeth ) : ” كان علينا أن نحافظ على جميع الأضواء فقد كان أعمى تماماً ولم يتمكن من التنقّل بنفسه”. لكن في عام 2012، أكدّ ( كريستيان Christian) ، الذي شارك في العلاج كجزءٍ من التجربة – على تحسّن رؤيته على الفور. فقد بيّنت والدته، أنّه أصبح بإمكانه أن يلعب الرياضة، والخروج مع الأصدقاء في الليل وقراءة الكتب، وإن كانت مطبوعة بحروف الكبيرة .
و يصف الشاب التغيير في حياته بأنه: “لا يصدق”. في الآونة الأخيرة، وقال أنّه دخل في تنافسات على قناة (إم بي سي ) في برنامج المواهب “أمريكا غوت تالنت”، مبهراً لجنة التحكيم بصوته القويّ و كان سعيداً بشكلٍ خاص ، لكونه قادر على رؤية الحكّام بوضوحٍ كبير .
وفي هذا قالت (جين بينيت Jean Bennett) طبيبة العيون في جامعة (بنسلفانيا) التي شاركت في تطوير واختبار العلاج الجينيّ: ” إنّ العلاج سيسمح للأطفال بأن يصبحوا أكثر استقلاليّة لإمكانيتهم في أن يتجولوا و يلعبوا الرياضة “.

 

 

 

 

 

 

ترجمة: Banen Adel

تدقيق: الحنين جبران

تصميم: Tabarek A. Abdulabbas

المصدر: هنا