الجيوش التي في داخلك

 

نحن نعيش في عالم مليء بالبكتيريا والفيروسات وغيرها من مسببات الأمراض القاتلة، وكثير منهم يحاولون غزو جسمك الآن، ولكن كن مطمئنًّا لأن جسمك لديه وزارة الدفاع -الجهاز المناعي- الخاص به.
هذه الشبكة تعمل بجد على مدار الساعة لحمايتك من الغزاة، في كل ثانية من كل دقيقة من كل يوم، معركة بين الخير والشر تحدث داخل جسمك.
الخير هو جهازك المناعي، جيوش الخلايا المصممة للدفاع عن جسمك من المرض والعدوى.
أما الشر فهو مسببات الأمراض من الفيروسات والبكتيريا، تلك المعركة الشرسة التي تنتهي بانتصار أحدهما في ساحة جسمك!
إن جهازك المناعي آلة بيولوجية فعالة وقوية، فهو يحميك من الملايين من الجراثيم ويحارب الفيروسات والالتهابات.
إنه يؤدي واجبه بإخلاص ويفعل ما يُفترض عليه القيام به.
إن خط الدفاع الأول (أو نظام الدفاع الخارجي) يتضمن الحواجز الفيزيائية والكيميائية التي تكون دائمًا جاهزة ومستعدةً للدفاع عن جسمك من العدوى.
وتشمل:
-الجلد: أكبر جهاز في جسمك، وهو بمثابة حاجز بين الغزاة (مسببات الأمراض) وجسمك.
الجلد يشكل حاجزًا ميكانيكيًّا لا يمكن للكائنات المُمْرضة اختراقه إلا إذا كان مشقوقًا.
-الدموع والمخاط واللّعاب:
الأنف والفم والعينان هي نقاط دخول واضحة لمسببات الأمراض، ومع ذلك، فإن الدموع والمخاط واللعاب تحتوي على الإنزيم الذي يقوم بكسر جدار الخلية للعديد من البكتيريا.
وتلك التي لا تُقتل على الفور تحاصر في المخاط وتُبتلع. البطانة الداخلية للأمعاء والرئتين تنتج أيضًا مخاطًا كفخ لمسببات الأمراض الغازية.
-الأهداب : شعيرات رقيقة جدًّا في بطانة الأنف والأذن الخاصة بك، تقوم بنقل المخاط والجسيمات المحاصرات بعيدًا عن الرئتين . الجسيمات يمكن أن تكون بكتيريا أو مواد مثل الغبار أو الدخان.
_حمض المعدة : يقوم بقتل البكتيريا والطفيليات التي تم ابتلاعها.
-البكتيريا المفيدة (الودية): لديك بكتيريا مفيدة تنمو على بشرتك، وفي الأمعاء وغيرها من الأماكن في جسمك مثل الفم، والتي تمنع البكتيريا الضارة الأخرى من الدخول
إذا تم كسر هذا الدفاع، يتم تنشيط خط الدفاع الثاني داخل جسمك.
خط الدفاع الثاني هو مجموعة من الخلايا والأنسجة والأعضاء التي تعمل معًا لحماية جسمك.
الدقة العسكرية للجهاز المناعي :
من الناحية العسكرية، الجهاز المناعي له قسمان: (فطري ومكتسب). داخل كل قسم هناك أفواج من خلايا مختلفة والتي تؤدي وظائف مناعية محددة.
إن الخلايا المناعية الفطرية تقتل أولًا ثم تطرح الاسئلة (كما قال الدكتور جيفري ويبر، نائب مدير مركز سرطان بيرلموتر في مدينة نيويورك)، أي “نفذ ثم ناقش”
يحتوي هذا الخط الدفاعي الأول(الداخلي) على أفواج من الخلايا منها :
_-الضامّة: وهي خلايا طويلة الأجل ، باستخدام أوتار مرنة تهاجم أهدافها.
-العدلات: وهي خلايا قصيرة الأجل تمثل خط الدفاع الأول ضد العدوى، أنها تقتل البكتيريا، ثم تموت، وتشكل القيح.
-الخلايا الجذعية: تمثل أجهزة “شرطة المرور” المناعية الفطرية، وتقوم بتوجيه الخلايا التائيّة(خلايا T) والخلايا البائيّة(خلايا إلى أهدافها.
-الخلايا البدينة والخلايا القاعدية: وهي تنتج الهستامين الذي يساعد الجهاز المناعي في مهاجمة المواد المسببة للحساسية.
أما نظام المناعة المكتسبة – وتسمى أيضًا المناعة التكيّفية – فهو أكثر تطورًا ويستغرق وقتًا أطول لوضع خطة للهجوم.
وخلايا المناعة التكيفية هي:
_-الخلايا البائية(B): وهي تتطور وتنضج في نخاع العظم وتصنع بروتينات تسمى “الأجسام المضادة” التي تحارب الفيروسات والبكتيريا.
_الخلايا التائية((T: تتشكل في نخاع العظام ايضًا، ولكن تنضج في الغدة الصعترية. وهناك نوعان رئيسيان من الخلايا التائية:
-الخلايا التائية المساعدة: التي تحفز الخلايا البائية لصنع الأجسام المضادة.
-الخلايا التائية القاتلة: التي تهاجم الخلايا مباشرة.
الخلايا المناعية التكيفية تستهدف الفيروسات أو البكتيريا، وذلك باستخدام المعلومات التي يتم تسليمها من الخلايا الجذعية والخلايا الفطرية الأخرى، وتخزّن المعلومات حول العوامل المسببة للأمراض حتى يتمكنوا من التعرف عليها واستهدافها مرةً أخرى في حال شن هجوم آخر.
المعركة المعقّدة :
عندما يقوم المُمْرض (الكائن المسبب للمرض) بغزو الجسم، تتجمع العدلات (الخلايا المعتدلة) في موقع الدخول وتحاول أن تبتلعه وتدمره، إذا تجاوز الغازي العدلات، قد تحدث عدة أشياء منها: سوف تنجذب البلاعم الكبيرة (الأكلات الكبيرة) مع بداية موت الخلايا المعتدلة الى الموقع.
هذه الخلايا تحاول ابتلاع الغازي، لكنها ترسل أيضًا إشارات إلى خلايا أخرى للمساعدة.
يمكن للخلايا الجذعية، التواصل مع ما يصل إلى 200 خلية أخرى (في وقت واحد) للعثور على المُمْرض وأخذ عيّنة لتقديمها إلى الخلايا التائية المساعدة والتي تتجمع في الغدد الليمفاوية في الجسم.
ستعرف الخلية التائية المساعدة مُمْرضًا واحدًا فقط، إذا كانت الخلية المساعدة التائية تعرف الغازي، فإنه سيتم استنساخه على الفور لزيادة الأرقام.
ثم تقوم الخلية المساعدة T بتنشيط الخلايا المناعية المناسبة للهجوم.
إذا كان الكائن الغازي فيروسًا،
فإن الخلية التائية المساعدة T ترسل إشارة للخلايا التائية السامة للإنقاذ.
هذه الخلايا تعمل ثقوبًا في جدران الخلايا المضيفة الفيروسية الغازية، مما يسفر عن مقتل الخلايا وتدمير الفيروس.
ويمكن أيضا تنشيط خلايا B لإنتاج الأجسام المضادة التي سوف تقبض على الفيروسات الحرة، ووضع علامات عليها للبلاعم الكبيرة لتنظيفها.
إذا كان الغازي هو بكتيريا -وعادة ما يتم ارسال الخلايا البائية ( B ) إلى هذه المهمة-
فإنها تقوم بضخ الأجسام المضادة (IgG) على البكتيريا.
هذا الالتصاق معًا يجعلها جذابة للبلاعم الكبيرة، والتي تقوم بالتخلص من كل هذه الفوضى.
إذا دخلت البكتيريا في النظام من خلال القناة الهضمية، فإن الأجسام المضادة التي أطلقتها الخلايا B هي عادة الأجسام المضادة “IgA” هذه الأجسام المضادة تعمل على منع البكتيريا من التمسك بخلايا الأمعاء، وتمنع العدوى .
وبذلك تكون قد حافظت على صحة جيدة تستمتع بها ليومٍ آخر !

 

 

 

 

 

 

 

ترجمة : Lamiaa Alaidee & Hind A. Alsaffar

تدقيق لغوي : Alfadhel Ahmed

تصميم : Aseel Saad

المصادر : المصدر1 المصدر2 المصدر3