نوع من الثقوب السوداء يمكن ان يمحو الماضي ويعبث بالمستقبل

استنتج فريق من علماء الرياضيات ان بعض الثقوب السوداء الموجودة في الكون الواسع يمكن ان تعيد ضبط محتوياتها، مما يسبب محو الماضي وتحويل المستقبل الى علامة تساؤل كبيرة.

ما ستبدو عليه وجهة نظر المراقب هو بالضبط كتخمين اي شخص. ولكن ان كان ذلك صحيح، فقد يكون لدينا اخيراً حلاً لاحد اكبر التساؤلات في علم الكونيات الحديث.

اذا تبعنا القوانين الفيزيائية لاستنتاجاتهم المنطقية، فإن كتلة النجم المنهار تتقلص الى نقطة صغيرة لا متناهية تدعى بالتفرد.

هذا مثل قول ان هناك اجزاء من الفضاء بقي على اسرارها عن بقية الكون، وهي اماكن حيث الفيزياء تنهار فيها.

للتعامل مع هذا الانهيار بين الكون القائم على القواعد كما نعرفها والاجزاء غير المكتشفة من الثقوب السوداء، حيث يطبق الفيزيائيون شيئاً يدعى بالرقابة الكونية.

هذه الرقابة تكون بشكلين.

يقترح الاول بان هناك حاجز داخل الثقوب السوداء، ويكون اعمق بكثير من “افق الحدث” (Event horizon) الذي سمع به معظم الناس، وابعد مما تلغيه الفيزياء بفاعلية ولا يمكن التنبؤ باي شيء.

يلغي هذا الحاجز المفارقات المقلقة عن بقية الفضاء والزمان، مما يحول من ان تصبح هذه الفوضى قضية ملحة.

بينما تحمل نسخة معدلة اقوى للرقابة الكونية فكرة انه لا يوجد شيء مثل الفوضى الفيزيائية. لذا سيتطلب الامر اخفاء ذلك الحاجز والسماح للفيزياء بمواصلة عملها الطبيعي.

عالم الرياضيات من جامعة كاليفورنيا (the University of California)، بيتر هينز (Peter Hinz)، لديه شكوك حول النسخة الثانية.

يقول هينز :”كان الناس يشعرون بالرضا لحوالي 20 سنة، حيث يتم التحقق من الرقابة الكونية منذ منتصف التسعينات وعلى الدوام. نحن نتحدى وجهة النظر هذه.”

يدرس العالم هينز وفريقه الاجسام الافتراضية غير الدوارة التي تسمى ب مترية رايسنر-نوردستورم-دي سيتير للثقوب السوداء. نظرياً، يكون لهذا النوع من الثقوب السوداء حاجز يسمى بـ افق كوشي (Cauchy horizon).

لا يوجد اي سبب او تأثير داخل هذا الجزء المشوه وراء افق كوشي، لكن المكان والزمان ينتشران بسلاسة ولحظة لا نهائية.

قال مؤيدوا نماذج الرقابة الكونية القوية بان هذه الافاق ستمحى بواسطة التفرد مع اقل انحراف في شد الجذبي لنجم منهار. والتي يجب ان تستبعد افاق كوشي لصالح نماذج الرقابة الكونية القوية.

تُبين هذه الدراسة الجديدة كيف يمكن للاثنان بالاستمرار تقنياً في التواجد حتى مع مثل هذه الاضطرابات، لكن فقط عند اتساع الكون المحيط بالثقب الاسود بمعدل سرعة مشابه للمحيط بنا.

السبب وراء هذا الاستنتاج معقد وثقيل جداً، لكن اليك نسخة مختصرة عن ذلك (tl;dr – too long; didn’t read.. طويل جداً؛ لم اقرأه.)

سيكون لثقوب ريزنر-نوردستورم السوداء دفعة داخلية طفيفة لمقاومة السحب الجذبي الهائل وذلك بفضل النماذج، وستقاوم بشكل مدهش اثارها المشوهة الزمنية والفضائية.

في هذه الاثناء، يضع عالماً اخذ بالاتساع مثل عالمنا حدود الوقت والطاقة لتخلخل الفيزياء المحيطة بالتفرد.

سيوفر الجمع بين هذين التأثيرين بعض الحماية لافق كوشي، مما يعطينا تفرداً مدمراً للفيزياء ولحظة لا نهائية خلف خط اللاعودة.

ستنفصل الكائنات في هذه المنطقة الغريبة عن ماضيها وستكون بلا مستقبل محدد.

العبور من خلال هذه المنطقة يعني انه لن يمكنك العودة ابداً، لكن هذا لا يعني انك ستسحق الى اجزاء ضئيلة ايضاً.

ان كنت لا تعلم شعور تجربة هذا الامر، فيمكنك الارتياح والتأكد بان الباحثين ليسوا متأكدين من ذلك.

يشرح الفيزيائي وعضو الفريق من جامعة لشبونة (the University of Lisbon) في البرتغال، جواو كوستا (João Costa)، ذلك باستخدام موضوع مماثل.

يقول كاردوسو (Cardoso) لادوين كارتليدج (Edwin Cartlidge) لموقع (Physicsworld.com) :”بالتفكير في تجربة قطة شرودنغر Schrödinger، فاننا نستطيع ان نحدد احتمالات ان تكون القطة حية وميتة.”

“لكن ان سقطت القطة داخل افق كوشي، فاننا لن نتمكن حتى من احصاء هذه الاحتمالات.”

هذا يجعل غموض الثقب الاسود اكثر غرابة من جنون ميكانيكا الكم. وهو امر يبين لنا شيئاً ما.

بما ان ثقوب ريزينير السوداء من المحتمل ان تكون غير موجودة، فيعتبر التمرين فلسفياً، لكن هذا لا يجعل التخمين عديم الفائدة.

ما تزال الرياضيات تعمل من اجل الثقوب السوداء التقليدية المحايدة، وتناقش انه يمكن ملاحظتها في تدفق الامواج الثقالية من الثقوب السوداء المتصادمة.

في هذا الحدث، سنكون قد رأينا اخيراً اول لمحة مثيرة للحيرة داخل اجزاء الكون حيث تُخبئ الاسرار بعيداً للابد.

 

 

 

 

ترجمة: Zubaidah Sabah

تدقيق: Jazmin Al-Kazzaz

تصميم ونشر: Tabarek A. Abdulabbas

المصدر: هنا