الأعداء الخمس للتفكير العقلاني

 

 

يمكن ان يتخذ اعداء التفكير المنطقي واحدة من عدة اشكال متداخلة تتضمن المغالطة الرسمية، و المغالطة غير الرسمية، والتحيز المعرفي، والتشويه المعرفي، وخداع الذات. ان كان من الصعب تعيين هذه الامور، فانه من الصعب تمييزها.

المغالطة هي نوع من عيوب الحوار وقد تكون متعمدة (تهدف الى الخداع)، او غير متعمدة، وهي الاكثر شيوعاً. المغالطة الرسمية هي نوع من الحجة الباطلة. حجة استنتاجية بشكل باطل، على سبيل المثال : بعض من A هو B. وبعض من B هو C. لذا فإن جزء من A هو C. اذا لم تستطع رؤية ان هذا الحوار باطل، فكامل A و B و C بـ”الحشرات”، و”حيوانات اكلة اللحوم”، و”الثدييات”. من الواضح ان الحشرات ليست ثدييات !

تُبنى المغالطة الرسمية ضمن هيكل النقاش بغض النظر عن محتواه الباطل. على النقيض من ذلك، فإن المغالطة غير الرسمية هي النوع الذي لا يُمكن تحديده إلا بتحليل محتوى الحوار.

تؤدي المغالطات الرسمية غالباً الى سوء استخدام للغة، على سبيل المثال، استخدام مصطلح او عبارة بطريقة غامضة، يعطي معنى في جزء من الحوار ومعنى اخر في جزء اخر منه (مغالطة الغموض). يمكن ان تصرف المغالطات غير الرسمية الانتباه عن ضعف الحجة او تغوي المشاعر بدل العقل.

يُمكن فهم خداع الذات في مصطلح دفاع الذات، كما ناقشت في كتاب “الاختباء والبحث” (Hide and Seek). يُعد الدفاع عن الذات، في نظرية التحليل النفسي، واحدة من العمليات اللاوعية التي نستخدمها لنشر الخوف والقلق اللذان يظهران عندما يكون من نحن عليه واقعياً (العقل الباطن) في صراع مع من نعتقد انفسنا (الذات العليا). على سبيل المثال، الشخص الذي يشتري ساعة بقيمة 10,000$ بدلاً من اخرى قيمتها 1000$ بسبب انك (تستطيع التمميز بين فرق الجودة) لا يخفي شغفه (غير المعترف به) ليكون محبوباً، بل ايضاً لتعزيز غرور الذات، اي يسمى الاهتمام بالجودة. في حين ان المغالطات الرسمية وغير الرسمية تتركز حول التفكير المنطقي الخاطئ، بينما خداع الذات يتركز حول الاختباء من، او حماية، النفس.

ان التحيز المعرفي غامض، بالرغم من انه ليس بالضرورة يكون خاطئاً، ويتلخص بـانه : مسار عقلي مختصر او مساعد الهدف منه توفير الوقت، والجهد، او عدم الراحة، غالباً مع تعزيز صورتنا الذاتية او نظرتنا للعالم، لكن على حساب الدقة والمصداقية. على سبيل المثال، نميل عند تفسير سلوك الاخرين الى المبالغة في تقدير الصفات الشخصية على العوامل الظرفية، اي التحيز، والذي يسمى بتحيز المطابقة او تأثير الاحالة، والذي ينعكس عندما يتعلق الامر بتوضيح سلوكنا الخاص. لذا، مثلاً، ان اهملت (شارلوت) جز العشب، فاني اتهمها بالنسيان، او الكسل، او الحقد. لكن ان انا لم اجز العشب، فسأعذر نفسي على اساس الانشغال، او التعب، او سوء الاحوال الجوية. تحيز اخر مهم وهو التحيز التأكيدي ، او الانحياز الى جانبي، وهو الميل للبحث او تذكر الحقائق والحجج التي تتوافق مع معتقداتنا الموجودة بينما نتجاهل تلك التي تتعارض معها، والتي قد تؤدي، وخصوصاً على مواقع التواصل الاجتماعي، الى حبسنا في غرفة الصدى.

التشويه المعرفي هو مفهوم من العلاج المعرفي السلوكي، طوره الطبيب النفسي آرون بيك (Aron Beck) في الستينيات واستُخدم في علاج الاكتئاب والاضطرابات العقلية الاخرى. يشتمل التشويه المعرفي على تفسير الاحداث والحالات لتتوافق وتعزز نظرتنا او اطار تفكيرنا، عادة على اساس ادلة قليلة جداً او جزئية، او بدون ادلة. تشتمل التشوهات المعرفية الشائعة في الاكتئاب على الانتقاء التجريدي والتفكير الكارثي.

يركز التجريد الانتقائي على حدث او حالة سلبية واحدة لاستبعاد حالة ايجابية اخرى، مثلاً : “شريكي يكرهني. لقد رمقني بنظرة مزعجة قبل ثلاثة ايام (على الرغم من انه يقضي وقت فراغه معي)”. التفكير الكارثي يبالغ بالعواقب، او الحالة، او الحدث، مثلاً : “يزداد الالم في ركبتي سوءاً، عند جلوسي على الكرسي المتحرك، لن اتمكن من الذهاب الى العمل ودفع الرهن العقاري. لذا، سينتهي بي الحالة بخسارة منزلي والموت في الشارع.” يمكن ان تؤدي التشوهات المعرفية الى حالة البيضة والدجاجة، حيث تتغذى التشوهات المعرفية على الكآبة، والتي بدورها تغذي التشوهات المعرفية. لا يقتصر التشويه المعرفي كما يُفهم على نطاق الاكتئاب والاضطرابات العقلية الاخرى، لكنه ايضاً صفة، من بين امور اخرى، لسوء تقدير الذات، والغيرة، والخلافات الزوجية.

 

 

 

 

ترجمة : Zainab E. Abdhassan

تصميم : Ali Husham

تدقيق ونشر : Jazmine A. Al-Kazzaz

المصدر : هنـا