هل بإمكان المعينات الحيوية أن تصبح علاجاً للسمنة؟

أشارت دراسة طبية أجريت على المرضى الذين خضعوا لعملية المجازة المعدية أو كما تعرف بتحويل مسار المعدة أن هنالك تغيرات تطرأ على مجتمع البكتيريا المتواجد في الأمعاء ويؤدي هذا التغير إلى إنقاص الوزن.

تعد السمنة من المشاكل ذات النسب الشائعة في العالم فوفقا لأحدث المعلومات التي صدرت من منظمة الصحة العالمية أن ١٣% من البالغين حول العالم يعانون من السمنة، وتزداد النسب في بعض مناطق العالم ففي الولايات المتحدة قد تصل النسبة إلى ما يزيد على ٤٠٪؜.

وتعد السمنة مقترنة بمجموعة من الأمراض الجسدية منها مرض السكري و أمراض القلب، و بعض السرطانات. وقد تؤثر أيضا على أمراض الصحة النفسية مثل التأثير على فقدان القدرة على الحركة وفي بعض الحالات الابتعاد المجتمعي وانخفاض القدرة على العمل.

البكتيريا المحاربة للدهون
ويقوم الباحثون من جامعة أريزونا في دراسة جديدة بالنظر لدور الميكروبيوم وهو ما يعرف بمجموع الميكروبات المتعايشة مع الإنسان في جسمه ودوره في السمنة.

ويعد وجود البكتيريا هامًا في وظائف الجسم مثل تنظيم الأيض. تنتج البكتيريا الموجودة في الأمعاء مستقبلات قد يكون لبعضها دور رئيسي في عملية هضم الطعام مما فد يساعد في التحكم بالوزن.

وقد وجد الباحثون أن المصابين بالسمنة لديهم تنوع أقل في بكتيريا الأمعاء، وبالتالي يتسم الميكروبيوم بأنه عامل في تحديد من يمكن أن يصاب بالسمنة ومن لن يصاب بها.

اختيار المجازة المعدية الجراحي أو ما يعرف بتحويل مسار المعدة

يتوفر الخيار الجراحي لمن لا يمكنه خسارة الوزن باتباع نظام غذائي وبالتمارين الرياضية، ولمن تشكل السمنة خطراً على صحته.

من إحدى هذه الخيارات عملية المجازة المعدية على شكل حرف Y التي تتضمن عمل جيب صغير من المعدة وتوصيل الجيب المنشأ حديثاً مباشرة بالأمعاء الدقيقة. وينشأ من العملية الجراحية تأثير على تغير مكون البكتيريا في الأمعاء.

ومن خلال المعلومات المتوفرة تحقق الباحثون كيف ومتى يمكن للميكروبيوم التغير بعد عملية المجازة المعدية وما قد يفهم بكيفية هضم الطعام.

صنف الباحثون المجتمعات الميكروبية لدى ٩ أشخاص ممن يعانون من السمنة بثلاث فترات زمنية، قبل خضوعهم للتدخل الجراحي، وبعد ٦ أشهر، وبعد مضي سنة من العملية.

وبالإضافة لمقارنة المجتمعات الميكروبية على مدى النقاط الزمنية المختارة، قارنها الباحثون بالمجتمعات لعشرة أشخاص خاضعين للسيطرة، و لتحليل جماعي حشدي لـ ٢٤ شخصًا قد خضعوا للعملية الجراحية لمدة تتراوح من ١٣ إلى ٦٠ شهرًا سابقًا.

النتائج ظهرت في مجلة الطبيعة الأغشية الحيوية و الميكروبيوم.

الميكروبات والأيض
وكما هو المتوقع خسر الأشخاص الذين خضعوا للعملية الجراحية الوزن، ومع ذلك فقد وجد الباحثون تغيرات في الميكروبيوم الذي تم تقييمه في موضعين أولها الغشاء المخاطي للمستقيم أي في بطانة المستقيم، والآخر في الفضلات.
وقد كان الاعتماد بشكل كبير في الدراسات السابقة للتقيم للفضلات، بسبب صعوبة أخذ العينات من أسطح الأغشية ويعود أيضاً السبب بأن أخذ عينات كهذه يعد اجراءً توسعيًا.

الغشاء المخاطي هو موقع ذا أهمية بالغة بالنسبة لتفاعلات المضيف الميكروبي، وقد فهم هذا الأمر من خلال دراسة عينات الفضلات. كما أشارت المؤلفة زهرا ازرا:
“كانت لدينا صورة ناقصة التمثيل عن كيفية تفاعل المجتمعات التي على الأغشية مع جهاز مناعة المضيف و أيضاً مع الخلايا الظاهرية.”

وجد الباحثون تغيرات ذات أهمية لكلا المجتمعين، فقد كان التغير للميكروبيوم الموجود في الفضلات أكثر وضوحاً، وقد حصل خلال فترة ٦ أشهر من إجراء العملية واستمر التغير على مدى زمني أطول.
وكانت التغيرات للميكروبيوم مرتبطة مع تغير تخمير الطعام، متضمنةً تغيرات في تكسير الدهون وأحماض المرارة المرتبطان بتحسين الأيض.
وقد أشار الباحث بأن هذه النتائج تسلط الضوء على أهمية التغيرات التي تحدث للميكروبيوم في الأغشية المخاطية وفي الفضلات التي تُعكس أيضاً على عملية الأيض بعد العملية الجراحية.

هل يمكن للمعينات الحيوية أن تصبح بديلاً للعملية الجراحية؟
تسلط هذه الدراسة الضوء على آلية عملية مجازة المعدة في خسارة الوزن مع تقيد المعدة والشعور بالشبع مبكراً بعد تناول الطعام.
وقد تكون بديل للجراحة التي تكون مكلفة وغير ناجحة على المدى البعيد. كما أشار الباحثون أن بعض الأشخاص قد يكسبوا الوزن الذي تم خسارته بعد العملية الجراحية، ويرجح ذلك لعدم مشاركة الميكروبيوم الموجود لدى هؤلاء الأشخاص في نزول الوزن الدائم.

وقال الباحث المشارك البروفيسور روزا “إن فهم سلوك الميكروب المتواجد في الأمعاء قد يمكن إرشادنا لعمل معينات حيوية تكون بديلاً لخيار الجراحة، أو أن تستخدم كمؤشر معرفي للأشخاص المؤهلين للاستفادة من الجراحة والاستفادة من استمرارية خسارة الوزن.

وعلى الرغم من أن هذه الدراسة فتحت أفقاً شيقاً، يجب الذكر بأنها أجريت على عينة صغيرة الحجم.
ويجب عمل دراسات موسعة لتأكيد النتائج التي وجدت في هذه الدراسة ولاختبار أن المايكروبيوم يدعم خسارة الوزن.

 

 

 

ترجمة: اسراء عبدالجليل

تدقيق وتصميم ونشر: تبارك عبد العظيم

المصدر: هنا