“مفتاح” بسيط لجذب إنتباه الأطفال بنسبة %30

 

 

إستخدام أسلوب الثناء والمديح عوضاً عن التوبيخ لتعزيز أداء المهمات وزيادته بنسبة %30.

أظهرت دراسة نشرت مؤخراً أن تركيز الأطفال على مهمة ما يزداد عند إستخدام المديح عوضاً عن التوبيخ بنسبة تصل إلى ما يقارب 20-30%. أجري البحث في 151 صف دراسي في 19 مدرسة إبتدائية تابعة لـ3 ولايات من الولايات المتحدة الأمريكية، وما يقارب ما مجموعه 2536 طالب من هذه المدارس الابتدائية.

نوع الدراسة التي أجريت كانت من نوع الدراسات العشوائية، التي يقسم فيها المشاركون عشوائياً إلى مجموعتين أو أكثر. مجموعة التحكم ومجموعة التجربة ويكون الإختلاف بين المجموعتين هو للتدخل الذي يتلقاه الأشخاص في المجموعة. وأُستخدم نظام إدارة الفصول الدراسية باستخدام طوارىء الفرقة والذي يعرف بأن جميع من في الصف الدراسي سوف يأخذ نفس الجزاء سلباً كان أو ايجاباً و باستخدام إدارة الذات المعرف بالإنجليزية بـ(CW-FIT).

ما المقصود بالمديح؟

تم تدريب المعلمين في الصفوف التي أُختيرت في مجموعة التجربة بنظام الـ (CW-FIT)، وتضمنت أهم المفاتيح في هذا الإجراء عدة نقاط منها:

1- تعليم الطلاب المهارات الإجتماعية المتوقعة.
2- تنظيم أسلوب طوارىء المجموعة بإستخدام وقت المؤقت.
3-تقديم تعزيز تفصيلي مثل تقديم نقاط ممنوحة على العلن وتقديم المكافأت الملموسة.
4-تقديم مستوى ثانٍ من الدعم للطلاب الذين يحتاجون إلى المزيد من الإهتمام مثل الطلب منهم تقديم المهام أو بطاقات مهارات الإدارة الذاتية.

و كإجراء في نظام إدارة الفصول الدراسية، يتم تدريب المعلمين على تقديم المديح بوتيرة أكبر من التوبيخ.

وتم تدريب المراقبين على تدوين عبارات استخدمها المعلم للمديح الإيجابي وعبارات التوبيخ المحددة مثل التوبيخ الجماعي للفصل الدراسي، أو التوبيخ لطفل معين. ولم يتم تدوين التوبيخ غير الواضح الذي لم يشمل تعليمات ذكرت بوضوح و لم يتم أيضاً تدوين حالات الإنزعاج أو التحديق أو الإيماء بالرأس.

شملت عبارات المديح الإيجابي على عدة جمل منها “عمل جيد يا سارة، إنك تتبعين الإرشادات وتقفين بالطابور بشكل هادىء”. ولم تدون عبارات المديح الإيجابي غير الواضحة مثل العبارات التي أقتصرت على الإبتسام، أو الإكتفاء بعبارة جيد.

هل للمديح جرعة محددة؟

إحتسب الباحثون نسبة المديح إلى التوبيخ لكلا الفصلين الدراسيين فصل التجربة وفصل التحكم. على سبيل المثال، تم احتساب النسبة في هذا الإحتمال بأن إذا مدح المعلم ثلاث مرات طالب ما ووبخ نفس الطالب مرة واحدة فإن نسبة المديح إلى التوبيخ تحتسب 0,75 أي بصورة أخرى أن التواصل في الغرفة الصفية كان مديحاً بما نسبته 75%.

والمثير للإهتمام أن نسبة المديح إلى التوبيخ مرتبطة بمدى الإلتزام بالمهمات المكلفة، وقد لوحظ أن الطلاب في الفصل الدراسي ذا نسبة المديح إلى التوبيخ مرتفعة، فقد كان تركيز طلابه بنسبة 30% أكثر من الطلاب في الفصل الدراسي ذا النسبة المنخفضة في معظم الوقت.

ومع ذلك فلا يوجد نقطة حاسمة أو نسبة يمكن إعتمادها، فلا يمكننا القول أن لكل توبيخ كان يجب أن يقابله خمس عبارات إيجابية، فلا وجود لمفتاح يعتمد كمستوى دقيق للمديح. وقد ظهرت علاقة خطية بين إزدياد المديح وزيادة سلوك الإلتزام بأداء المهام.

مضاعفة النتائج

نحن نعلم جيداً أن السلوك الذي يكافىء عليه الفرد سوف يقوم بتكراره. فالمديح هو عبارة عن مكافأة سريعة للطلاب. فعلى سبيل المثال عندما نقول” أدائكِ للمهام جميل يا سارة” فهنا لم نكافىء سارة فقط، بل يشير المعلم بأن هذا هو السلوك المتوقع من بقية طلاب الفصل الدراسي أيضاً.

إستخدم المعلمون في هذه الدراسة نظام إدارة الفصول بإستخدام أسلوب التدخل المرتبط بالأداء على مستوى المجموعة وإدارة الذات CW-FIT، الذي يقوم بجانب أسلوب المديح باستخدام المكافأت الملموسة والحسية للطلاب. فعندما يتردد لمسمع الطالب عبارات مثل” لقد قمت بعمل جيد بالتزامك بأداء مهامك” سوف يعي الطالب بحصوله على مكافأة ويزداد لديه الدافع لأداء المهام. وبتعبير آخر فإن المديح هو تعزيز أولي وسوف يحصل الطالب على تعزيز ثانٍ يتمثل إما بمكافأة فردية أو جماعية.

ومع هذه النتائج فإن الفصول الدراسية التي لم يتوفر فيها هذا النوع من الدعم السلوكي الإيجابي الرسمي، فإن المديح المخصص المستهدف للطالب قد ساهم في زيادة التركيز مما يشير بأن المديح لوحده كاف وذا قيمة.

إتسام التوبيخ بعدم الفاعلية

يستجيب الدماغ في المجمل بسهولة أكبر للعبارات التي تشمل “إفعل” مقارنة بعبارات “لا تفعل”. فعندما تقول لطفل “لا تفعل هذا الأمر” من دون إيضاح السلوك البديل فإن الفص الجبهي الأمامي من الدماغ لا يستقبل الأمر بسهولة ويطلق على هذا النوع من ضبط الذات بالتثبيط، فهو يتطلب مجهود كبير من المستقبل.

أما عن مهام الفص الجبهي فله دوراً أساسياً في الوظائف العقلية العليا كالحركة والتخطيط وتشكيل الكلام وله دور في تثبيط الإستجابة والتحكم بالدوافع والسلوك الإجتماعي.

فعندما يقول المعلم داخل الغرفة الصفية لطالب ما ” توقف عن مضغ قلمك” أو ” توقف عن التأرجح في مقعدك الدراسي” تنتج عن هذه العبارات إستنزاف لوظائف الدماغ التنفيذية ويصبح وجود قدرة أقل للتحكم الذاتي لما بقي من وقت للحصة الدراسية.

وتشير كاتبة المقالة روبين لتجربة التثبيط لنفهمها جيدا وتقول فيها:
لنقم بعمل تجربة التثبيط، أولاً أغمض عينيك، وركز على الجزء الذي تشعر بعدم الإرتياح فيه في جسدك، لنفرض بأنك تشعر بحكة بسيطة بأنفك، اشعر بهذه الحكة، وأشعر بأنك بحاجة لحكها. والآن يجب عليك عدم حكها. إرجع لما كنت تفعله سابقاً قبل اغماض عينيك ولا تحك أنفك.

ماذا حصل تلقائياً؟ لقد تضاعفت رغبتك بالحك فوراً.

ولكن إذا قلت:
أغمض عينيك، وركز على الجزء الذي تشعر بعدم الإرتياح فيه في جسدك، لنفرض أنك تشعر بحكة بسيطة بأنفك، اشعر بهذه الحكة، واشعر بأنك بحاجة لحكها. والآن ركز بقراءة هذه المقالة. أريدك أن تركز في هذه المقالة وفكر بعمق بما تعلمته وكيفية تطبيقه على حياتك.

لقد قمت بعمل جيد! أرى أنك نجحت بتركيز الإهتمام

والآن ماذا قد حصل؟ لقد أختفت الرغبة في الحكة.

فبالتالي، عوضاً عن تركيز إهتمامك بما مُنعت عن القيام به والذي أصبح في الوعي فوراً، فقد ركزت على ما يجب القيام به.

و يكمل المستشار في المدارس بقوله أنه يطلب من المعلمين زيادة نسبة المديح على التوبيخ لأن ذلك يعود بالنفع على زيادة سلوك ما. وهذا لا يعني أن نتجاهل الطالب غير المهتم أو غير الملتزم، لأن علينا بناء خطة تداخلية تعمل كإشارة لمساعدة الطالب غير الملتزم لتوجيهه للمسار الصحيح.

عند إنشاء نظام الإشارات هذا، فإن من المهم معرفة الطالب للتغير السلوكي الذي يطلبه المعلم منه. فعوضاً عن قول “لا تمزق الورقة” يجب قول “ضع ورقتك في ملفك المخصص”. ففي المجمل، عندما تبتدأ الجملة بـ”لا تفعل” فإننا نطلب مستوى عالٍ من ضبط الذات من قبل الطالب وهذا يتعارض لاحقاً مع السلوك الإلزامي لأداء المهام.

ومن الجدير بالذكر بأن الثناء مطلوب للطالب غير الملتزم عندما نلاحظ عليه الإستجابة. ففي الغرف الدراسية التي راقبها الباحثون كان إستخدام المعلم للإشارة جيداً ولكن تم التجاوز وإهمال المديح المراد، وهذا الأمر يقلل من الفرصة السانحة لزيادة تركيز الطلاب.

في المجمل، لا توجد نقطة محورية أو نسبة معينة ليستخدمها المُعلم، فكلما إزداد المديح وتم التأكيد عليه، وتقديم التوبيخ بحكمة وحذر، فسوف يلتزم الطلاب بأداء المهام.

 

المصدر: هنا

ترجمـــة: إسراء عبدالجليل
تدقيـــق: ياسمين القزاز
تعديل الصورة ونشر: Abilta E Zeus