دراسة الأنساق الثقافية المضمرة التي تعكس ملامح الإرهاب في رواية إرهابيس

دراسة الأنساق الثقافية المضمرة التي تعكس ملامح الإرهاب في رواية إرهابيس

للكاتب الجزائري عز الدين ميهوبي

يعد العنوان اللافتة الإشهارية الأولى للنص، يعمل على إغواء القارئ واستدراجه شيئاً فشيئاً للدخول إلى عالم النص . وأعتقد أن الروائي باختياره لهذا العنوان إرهابيس يكون قد حقق فيه وظائف متعددة ، وضمنه عناصر مهمة من حيث الشكل والمحتوى، تحث القارئ وتغويه ليدخل عالم الرواية ويتواصل معها بفاعلية ، ويكشف المستور. ومن بين أهم الوظائف المتحققة في هذا العنوان، الوظيفة الإشهارية التي من شأنها أن تساعد على تسويق الرواية وتحقيق مبيعاتها ؛ فعنوانها قد كسر السائد وخرج عن المألوف. إن العنوان إرهابيس هنا يتعدى كونه بنية لغوية خالصة منغلقة على نفسها، فقد حاول الروائي في إرهابيس الحفر في الأعماق القصية للتربة الحضارية في محاولته تفكيك سؤال الإرهاب ومعالجته من جوانب عديدة منها، إذ وضع الروائي عنوان روايته هكذا “إرهابيس” ثم كتب في الصفحة الداخلية IRHABIS(TAN) أرض الإثم والغفران ، وكأن هذه اللاحقة لا تجعل من الكلمة عربية أصيلة، وإنما هي كلمة دخيلة على العربية، تشكلت في سياق آخر مخالف لها _ وهي هنا_ ترتبط بمفهوم شحنته الثقافة الغربية الحديثة ومعها الثقافات الأخرى ومنها ثقافتنا العربية المعاصرة المغلوبة على أمرها في معظم الأحيان بشحنات مدروسة وألبسته لبوساً خاصة، ووجهته لتحقيق أهداف حددتها بدقة من أجل محو مفاهيم أخرى محددة وإبطال مفعولها و إزالتها؛ هذا المفهوم هو مفهوم الإرهاب في مقابل مفهوم المقاومة المشروعة .

يشير الروائي هنا إلى ماركوس قائد السفينة وهو يشير بيده نحو قوس داروين الصخري العائم في البحر ، ويقول للصحفيين : ” انظروا ، إنها معابد البحر …معابد لن تجدوها في بلدانكم المتخمة بالحداثة …هل تعرف داروين ؟ ولا يهمه إن سمع مني جواباً فيسترسل في القول : كان هذا الإنجليزي يأتي هنا ليتحدث مع السلاحف، ويقرأ تجاويف الصخور، ولما يعود إلى بيته في الجزيرة الهرمة، يقول: إن الإنسان كان في الأصل سمكة فسلحفاة ثم قرداً …ولا أعرف من أين أتى بهذا الكلام الفارغ . هل رأى القردة تقرأ شكسبير و السلاحف تردد أشعار كيبيلنغ!(1) “.

لعل الإشكالية تبدأ من حديث داروين صاحب نظرية النشوء والارتقاء الذي درس أصل الإنسان وصنفه تصنيفات محددة حسب مراحله التطورية، إن المسألة تبدأ من هذه النظرة العرقية الاستعلائية التي وظفت العلم بطريقة معوجة. لقد” أحسن أولئك الذين طمسوا اسم داروين من الخريطة، وأطلقوا على الجزيرة اسم إرهابيس تخليداً لأسطورة أتلانتس الغارقة في قاع المحيط، غير أن أهل هذه الجزيرة يسمّونها إرهابيستان(2) “.

ويبدو ماركوس الشخصية الرئيسة في الرواية وقد حنكته التجربة والخبرة في رحلاته المتتابعة إلى جزيرة إرهابيس المهجورة، التي ترحب بزوارها من ذلك ما قاله أحد القادة العسكريين عندما نزل المسافرون على متن مونكادا: ” أهلاً بكم في إرهابستان أو إن شئتم إرهابيس..لن تجدوا هنا أضواء لاس فيغاس ولا أبراج دبي، ولن تجدوا مطار فرانكفورت ، ولا ميترو موسكو …لكنكم تجدون رجالاً يريدون تغيير العالم(3) “.

من هم الذين يغيرون العالم؟ هل الإرهابيون هم الذين يغيرون العالم؟!!

تعد هذه الرواية مثالاً حيّاً لتفاعل الخطابات وتضافرها وتآزرها وتلاقيها وتحاورها وتناصها، وربما تصادمها أيضاً، فالخطاب الأساسي هو الخطاب الأدبي بما يحمله من خصوصيات شكلية ولغوية وأسلوبية وموضوعية لها علاقة بالمحتوى الحضاري _الثقافي الذي تعالجه، ومن خصوصيات فنية وجمالية وبلاغية أيضاً، تحفظ لها مكانتها في عالم الرواية وعالم الأدب. وهكذا فإن إرهابيس بعدّها خطاباً أدبياً روائياً سردياً، تنفتح على خطابات أخرى اندمجت معها واحتوتها وحاورتها و وافقتها وتبادلت التأثير معها، وبكلمة أخرى ، تفاعلت معها في خطابٍ واحد يحاول أن يفكك سؤال الإرهاب.

من بين أهم الخطابات التي كان لها قيمة وأثر واضح في رواية إرهابيس: الخطاب السياسي؛ لأن سؤال الإرهاب مضمخ بالسياسة؛ لأن الإرهاب سياسة، وكلاهما صناعة في المخابر الإستراتيجية العالمية، يتم تسويقها والترويج لها والإشهار بها، بل والتشهير بها أحياناً أخرى بواسطة خطاب آخر صُنع هو أيضاً في المخابر نفسها هو : الخطاب الإعلامي، هذا الخطاب المهم المؤثر في غيره من الخطابات والمتأثر بها في الوقت نفسه؛ فهو الذي يقوم بتوجيهها وتأجيجها، وهي التي تزيده تأثيراً وفاعلية وتجعله يعبر الحدود والآفاق، وتحاول كبح جماحه، والحد من تأثيره أحياناً أخرى.

فالسياسة إعلام، والإعلام سياسة، والإرهاب سياسة وإعلام. وهنا يدخل خطاب آخر على خط المواجهة بقوة: هو الخطاب الديني بعدّه الخطاب المرجع الذي يتم تصويره في سؤال الإرهاب على أنه العقل المدبر غالباً، وعلى أنه الضحية أحياناً أخرى،  المهم أنه يتشابك مع الخطاب السياسي والخطاب الإعلامي؛ لتزداد مساحة الخطابات اتساعاً وتفاعلاً في إرهابيس الرواية، وفي كاتبها أيضاً ، فهو الشاعر والكاتب و الإعلامي والرسام والسياسي .

” هذه ساحة أتلانتس…

نزل مانكو من سلم حجري، وتبعناه صامتين مشدوهين كأننا قطيع أغنام، ولما بلغنا سطح المكان المفتوح، قال لنا: انظروا إلى هذه الإشهارات المضيئة، و اقرؤوا ما فيها…تشير اللافتة الأولى إلى اسم الضاحية الحمراء، وبجانبها صورة لقبعة وسيجار. قال كوستا: إنها إشارة لتشي غيفارا…فعالجه مانكو برد سريع: الكوماندانتي…وليس تشي غيفارا . ليس صديقاً لك يا سيد كوستا

طبعاً طبعاً..

وحملت اللافتة الثانية اسم الضاحية الخضراء تعلوها صورة صومعة وسيف، فضحكت وقلت: بلا شك هذه اللافتة تشير إلى الحركات الإسلامية المسلحة ؟

وهل خشيت أن تقول أسامة بن لادن ؟ قال مانكو

وكتب على اللافتة الثالثة الضاحية السوداء ورمزها جمجمة ورصاصتان، لا أظن أنهما تعنيان الثورة والسياسة. قد تكون المافيا و المخدرات(4) “.

تزاحمت العلامات السيميائية في النص، أمّا الألوان: الخضراء والحمراء والسوداء فقد شاع استخدامها في الخطابات السياسية والإعلامية والدينية والقانونية أيضاً، وهي مشحونة شحناً إيديولوجياً واضحاً.

إن الذي يقرأ هذه الرواية وهي تعالج إشكالية الإرهاب وتحاول تفكيكها يستشف مسألة محورية فيها هي : العلاقة بالآخر، وهي مسألة جوهرية مطروحة بقوة على طاولة الحضارة العالمية المعاصرة وبخاصة بعد 11 أيلول عام 2001. فنحن لا نعرف الآخر، والآخر لا يعرفنا، وهذا ما يفسر العلاقة بيننا و بينه، فهي أقرب إلى القطيعة منها إلى التواصل و التفاهم.

إن الضواحي الحمراء و الخضراء و السوداء تلتقي كلها في إرهابستان . وإن لإرهابستان برلماناً ولا أحد يجرؤ أن يفرض رأيه بالقوة، الموت هنا ممنوع(5) ”  . ولها دستور وعلم وعملة نقدية ونشيد وطني، يعتمد إيقاع موسيقى (أفول الالهة) للموسيقار الألماني ريتشارد فاغنر، تقديراً لهتلر الذي كان معجباً به (6). ولإرهابيس بيان تأسيس كما يظهر في أدبياتها وهذا نصه كما في الرواية : ” شعوراً منا بالحاجة إلى عالم بديل، ليس فيه مرتزقة باسم القيم، ولا سماسرة باسم الثورة، ولا أنبياء يدعون العصمة في عصر النفاق، ولا زعماء يصنعون المجد من جماجم شعوبهم، فإننا نحن الذين أعلنا الحرب على عالم مزيف، وشعوب خنوعة، وساسة يمتهنون الكذب والنفاق، وعلى أفكار تقتل حق الإنسان في أن يرفض ويقول لأ، وعلى إيديولوجيات خبيثة وماكرة، قررنا هجرة هذا العالم الموبوء، وبناء عالم مختلف أسميناه على بركة الله إرهابيس يلتقي فيه القاتل والديكتاتور الذي يرى القوة وسيلة للاستقرار، والمتاجر في السلاح والمخدرات لتحقيق أمنية الحق في الموت الرحيم، إنها ليست فلسفة طوباوية ، لكنها حقيقة العالم الذي لا يعترف به الآخرون ليبارك الله إرهابيس(7) ” . توقيع الآباء المؤسسون(8) .

هذا هو البيان السياسي المؤسس لإرهابيس كدولة لها زوارها و روادها و ساكنوها الذين لا يموتون .

بل وأكثر من ذلك فإن لإرهابيس دستوراً ينظم إدارة حكمها ويحدد نظامها السياسي من الناحية القانونية . جاء في ديباجة هذا الدستور ” إرهابيس ليست دولة و لا مملكة ولا إمارة ولا امبراطورية، هي عائلة تجمع بين منظمات و حركات شعارها القوة أبداً(9) “. يشمل دستور إرهابستان اثنتي عشرة مادة قانونية، أمّا العائلات التي تسكن إرهابيس فهي : ” القاعدة و روافدها ، الحركات الثورية ، تحالف الإسكو_كابون (إسكوبار وألكابون)، مشاهير القتلة ، تكتل الدكتاتورية(10) “، “واتفقوا أن تكون هيئة الحكم تحمل اسم سيكويا الحكمة(11)، وسيكويا الحكمة تعني أطول أشجار الدنيا عمراً، ويقولون: إنها ولدت قبل الأهرامات.

ولإرهابستان إعلامها الخاص، فلها قناة تلفزيونية داخلية تسمى قناة العائلة وشعارها “الحق في ألا تقول الحقيقة(12) “، ولها صحيفة يومية اسمها :”الفلاذ(13)” . لا يدير هاتين الوسيلتين الإعلاميتين العراقي سعيد الصحاف، ولكنه الألماني جوزيف غولبز(14) “.

تحاول الرواية أن تؤرخ للإرهاب أو على وجه التدقيق تشير إلى بعض من تاريخه ، ” فتشير إلى أكثر  من مائتي عملية إرهابية وانتحارية بدءاً من اغتيال ولي عهد النمسا و زوجته يوم 28 يونيو 1914 بسراييفو، مروراً  بعشرات العمليات التي تخللت الحرب العالمية الثانية، وبدا واضحاً أن قلب العالم هم العرب المسلمون الذين نالوا حصة الأسد؛ من ذلك ما يفوق 80 بالمئة منها منذ نشوء إسرائيل ، وفي منحنى تصاعدي منذ السبعينيات إلى غاية تأسيس إرهابيس(15) “.

فيخصص الروائي الصفحات 42، 43 و 44 و 45 و 46 لذكر الشواهد التاريخية الكثيرة عن الجرائم المرتكبة في العالم موثقاً إياها وبتواريخها و عدد قتلاها.

وأخيراً ، ” لم تر شيئاً يا صديقي” عبارة كثيراً ما تتكرر في الرواية عند مقاماتها اللازمة المتصفة غالباً بالغرابة ، من ذلك أن إرهابستان كيان هجين يتقاطع في الدم، حتى أن القاتل والضحية يلتقيان فيها، ويتناولان القهوة و الشاي معاً(16) .

تقدم الرواية مفارقة أخرى بين سناء محيدلي المناضلة الفلسطينية التي فجرت نفسها يوم 9 نيسان 1985 في تجمع لآليات الجيش الإسرائيلي تحمل مرجعية، تختلف عن المرجعية التي تميز الأم ماتيلدا المعلمة المكسيكية التي التحق ابنها خيسوس في 1999م بكارتل لوتس زيتاس أقوى عصابات المخدرات، وحدث أن كان ضحية من ضحاياه ، فرأت أمه ماتيلدا أن تأخذ بثأره بتنفيذ عمليات عديدة ، فقتلت أشخاصاً كثيرين(17) .

لكن شتان بين الوطن المحتل وبين من ينتمي إلى عصابات المافيا والمخدرات، وبين من يدافع عن وطن وبين من يأخذ ثأراً شخصياً،  فهل سناء مارست الإرهاب ؟ وعلى من ؟ أم هي إحدى ضحاياه؟

توجد بإرهابستان مكتبة بها أكثر من عشرة آلاف عنوان، مرتبة ترتيباً متناسقاً منسجماً، وقد ذكر الروائي عناوين كثيرة كعينة تمثيلية عنها امتدت من الصفحة 54 إلى الصفحة 59 من الرواية.

إذن من قال: إن سكان إرهابستان ومن ينتمي إليها جهلة لا يقرؤون وإنما اختاروا عقيدة الموت من أجل هدف(17) ، لكنهم لا يعترفون بما يكتب عن الإرهاب من وجهات نظر اجتماعية ونفسية وإستراتيجية؛ إنهم يعتمدون على التجربة الواقعية والممارسة الميدانية، ولا يعيرون قيمة للكتب والمنشورات التي تصدر عن أمريكا وما جاورها، وما تصل إليه من نتائج غير صحيح، ومن هذا قولهم عن روبيرت باب صاحب كتاب الموت لأجل النصر: “المنطق الإستراتيجي للإرهاب الانتحاري” يصدر في رأيهم عن رؤية قاصرة؛ لأن صاحبه يعتقد أن السياسة وحدها تدفع إلى العمل الانتحاري(18) “، لكن أهم ما يميز مكتبة إرهابيس (بيان الإثم و الغفران)  ويشمل : مختارات من الكتب السماوية، وأقوالاً للحكماء والفلاسفة والثوار والمحاربين؛ ولذلك فهو جدير بالقراءة والفهم والتحليل و ربما بعد ذلك يتم الوصول إلى تفكيك سؤال الإرهاب حقّاً، ويتم معرفة من الإرهابي، وما هو الإرهاب؟ ، وما هي أشكاله و تجلياته؟ . ولكن من يحصل على هذا البيان، ومما جاء فيه : ” نحن أبناء الخطيئة الطالعين من تشققات الأرض العطشى التواقة للعدل و المحبة . لسنا أنبياء و لا حكماء، ولسنا كما يروجون قتلة و شذاذ آفاق…اخترنا الأحذية الخشنة والمسالك الوعرة ، والنوم في العراء؛ لأننا لا نؤمن بعالم يحكمه الخونة وباعة الضمائر وسماسرة السياسة و الدين والمعرفة ... (19) “.

ومما جاء في بيانهم :” نحن نعرف أعداءنا جيداً…وهم يعرفوننا أيضاً، اخترنا أن نكون متمردين لوجه الله و الشعب و التاريخ(20) “.

وأخيراً إن الإرهاب لا وطن ولا حدود و لا دين و لا لغة له. هذا ما أرادت الرواية أن تصل إليه ، من هنا نحن_ كمسلمين_ لسنا إرهابيين ، إننا ضحايا حاولنا أن نقاوم الضخ الإعلامي الغربي بوسائلنا البسيطة دفاعاً عن أنفسنا، مثل ما صرح الكوماندانتي : ” أنا ثوري و لست إرهابياً(21) “. لقد قتل على أيدي الذين كان يقاتل من أجلهم و ذلك ما يؤلمه(22).

وأخيراً مؤتمر إرهابيس الذي ترأسه موسوليني بمساعدة الألمانية “أولريكي” وأيمن الظواهري بحضور كل الأشخاص والقادة، وبعد السماع لعزف نشيد إرهابيس، وبعد استلام نسخة من بيان الإثم والغفران للصحافيين الحاضرين ” على سبيل الترويج لفكر إرهابيس لدى عالم الفساد والطغيان(23) “، وبعد الاتفاق على جدول أعمال المؤتمر افتتحت أشغاله بكلمة ألقاها موسوليني قال فيها: ” أيها الكبار …أبناء إرهابيس الأعزاء، شرفتموني برئاسة هذا المؤتمر مع أولريكي وأيمن، وهي ثقة كبيرة منكم جميعاً، أشعر بمدى ثقلها في هذه اللحظة التاريخية التي ستكون فارقة في قرار مصيري سنتخذه اليوم ، قرار العودة (24) ”  وأي عودة ؟

فالعودة هي شعار المؤتمر اقتناعاً منهم أن” هذا هو العالم الفاسد الذي تعرفون، سيبقى فاسداً إذا لم نقوّم حكامه وشعوبه، ونترك في كل عاصمة ندبة تاريخية(25)

وقد بدأت الاقتراحات تتوالى لتكوّن برنامج المستقبل، برنامج ما بعد العودة؛ فكل واحد يقترح ماذا يدمر ؟ ولكن إيغال أمير قاتل إسحاق رابين اقترح أن يضيف إلى المعالم العشرة المقترحة معلمين هما : الكعبة وقبة الصخرة؛ ليرتاح العالم تماماً. فأمسك الظواهري بالميكروفون بعد أن استأذن في الرد عليه : ” أسكت يا وقح …أنت إرهابي، كيف تجرؤ وتفكر في فعل كهذا؟ أنت سليل قتلة الأنبياء، تتحدث عن تدمير الكعبة المشرفة وقبة الصخرة المباركة، لولا أننا في مؤتمر لمسحت بك الأرض…لكن سيأتي يومكم، ولن ينفعكم شجر الغرقد الذي تختبئون وراءه(26) “. سقطت الأقنعة، ولربما أراد الكاتب أن يشير إلى أنّ التعايش المشترك في البلدان العربية هو شعار لا أكثر و لا أقل، وهو كمفهوم أوهن من بيت العنكبوت.

الخاتمة:

  1. لقد صار القاتل في هذه الرواية ضحية، وكأن التاريخ ينتقم لنفسه .
  2. لا تخلو الرواية من أبعاد أسطورية واضحة في أكثر من مقام.
  3. أتقن الكاتب لعبة الأسماء، فقد برع في اختيار أسماء شخوص الرواية

السيد كوستامارتينيز معد برامج في قناة غلوبو، البرازيل

السيدة ماريا كاستينوفا، صحفية بوكالة أنترفاكس ، روسيا

السيد كوامي سوماري صحفي دايلي غرافيك، غانا

السيد أمين الدراجي صحفي وكاتب سير ذاتية لشخصيات سياسية ، الجزائر

السيد جون كيمبس صحفي في دايلي غراف_ انكلترا

السيد جواد أمان الله صحفي بقناة جيو ، باكستان

بالإضافة إلى غارسيا و مانكو مؤسس مملكة الأنكا(27)

هذه الأسماء عبارة عن وفد صحفي متنوع من بلدان عديدة، وكل اسم من الأسماء يناسب البلد الذي جاء منه، ولم تقتصر التسمية على الأشخاص فحسب، وإنما طالت أسماء الأماكن المتخيلة في الرواية : ” كان الشارع طويلاً نظيفاً، وبه عشرات المحلات ذات تسميات غريبة بعض الشيء منها: حلاق الديناميت ، مخبزة الصاروخ اللغوي، أقمشة ألغام الموسم، سوبر ماركت البارود، مطعم اليورانيوم…الفلوجة للمجوهرات ،ستالينغراد للهدايا(28)“. إن كل اسم من هذه الأسماء له قواعده الخلفية وأسراره الخفية ومرجعياته المحددة الدالة عليه.

  1. إن كلاً من القصيدة والأغنية قد سجلت حضوراً لافتاً في إرهابيس ، وقد أجاد الكاتب توظيفها بكفاءة واقتدار وفي المقامات اللازمة، فضلاً عن مقتطفات من أقوال القادة أمثال هتلر و موسوليني و غيرهم …
  2. ولكن اللافت للنظر أن قارئ الرواية سيتساءل لماذا لم يوجد جورج بوش الابن و الأب في إرهابيس؟
  3. الرواية فيها أنساق ثقافية مضمرة يصعب تحديد دلالتها بدقة، فكلمة (العودة) كانت عنوان مؤتمر إرهابيس، وهي عبارة عن عودة الإرهابيين إلى أوطانهم، لكن ما معنى اختيار كلمة (العودة)؟ هذه الكلمة التي لها معاني عميقة في المنظومة التاريخية العربية، هل أراد الكاتب الربط بين الدلالتين دلالة الرواية ودلالة السياق التاريخي؟
  4. أرى أن الرواية فيها حشد هائل من الأحداث التاريخية والرموز والعلامات السيميائية حتى نأى النص بهذا الحمل الدلالي، فكان هذا الاستدعاء الهائل للرموز أمراً مبالغاً به.

تحرير: آلاء دياب

ملحق المصادر والمراجع:

  1. عزّ الدين ميهوبي ، رواية إرهابيس (أرض الإثم و الغفران) ، د. د، الجزائر، الطبعة الأولى،2006م، ص6
  2. نفسه ، ص7
  3. نفسه ، ص10
  4. نفسه ، ص15
  5. نفسه ، ص15
  6. انظر: نفسه ، ص16
  7. نفسه ، ص20
  8. نفسه ، ص2021.
  9. وهم إرنستوتشي غيفارا، الشيخ أسامة بن لادن، السيدة أولريكي ما ينهوف، السيد أوم شيريكو آل كابون ، السيد بابلو اسكوبار، كارلوس، بوكاسا، كيم جونغ إيل وبتزكية من موسوليني، وستالين، وبول بوت، وبينوشية، وعيدي أمين وصدام حسين والقذافي ، وتشاوسيسكو واعتذار هتلر لوعكة صحية.
  10. عزّ الدين ميهوبي ، رواية إرهابيس (أرض الإثم و الغفران) ، ص21
  11. نفسه ، ص22
  12. نفسه ، ص27.
  13. نفسه ، ص30
  14. نفسه
  15. نفسه
  16. نفسه، ص42
  17. انظر: نفسه ، ص46
  18. انظر: نفسه ، ص48
  19. نفسه ، ص48
  20. نفسه ، ص52
  21. نفسه ، ص59
  22. نفسه ، ص66
  23. نفسه ، ص101
  24. نفسه ، ص106
  25. نفسه ، ص242
  26. نفسه ، ص242
  27. نفسه ، ص253
  28. نفسه ، ص259
  29. نفسه ، ص117

نفسه ، ص73