الجينات القافزة تلعب دورًا كبيرًا فيما يجعلنا بشرًا

يمكن التفريق بين الانسان وقرد الشمبانزي بسهولةٍ وبشكلٍ مباشرٍ.
حيث يتشارك النوعان في صفة انهما من المخلوقات الرئيسية الاولية، ولكن على مدى الملايين من السنين، تحولت صفاتها الى ميزاتٍ يمكن تمييزها بسهولة.
تطور شكل قردة الشمبانزي، حيث اصبح الجبين اكثر بروزاً، والانف مسطحًا، ونهاية الرأس منحنيةً، والجزء الي يضم الانف والفم من الوجه بارزاً. بينما يبرز انف الانسان من وجهٍ مسطحٍ نسبياً تحت نهاية رأس مقببة.

اختلفت سمات الوجه هذه بمساعدة الطفيليات الجينية، والفتات المتنقلة من المواد الجينية التي تدخل في تركيب الحمض النووي (DNA) للمضيف.
ولدى هذه الطفيليات العديد من المسميات، منها الجينات القافزة (Jumping Genes)،و الجينات المتنقلة (Transposable Genes)، و الترانسبوزونات (Transposons).
بعضٌ من هذه الطفيليات عبارة عن اثار فيروساتٍ سابقة اندمجت مع التركيب الكروموسومي للمضيف، او كمرشد للجينات الوراثية.
والبعض الآخر عبارة عن قطع ذاتية الادامة من موادٍ وراثيةٍ اندثر اصلها بمرور الزمن.

تقول عالمة الاحياء التطوري جوزيفا غونزاليز (Josefa González): “كانت العناصر المتنقلة معنا منذ بداية التطور. البكتيريا لديها عناصر متنقلة”.
لا تفكر جوزيفا بالعناصر المنتقلة على انها حمض نووي دخيل.
بل انها جزء من المجموعة الكروموسومية التي لدينا مثل الجينات.

وتقول العالمة غونزاليز من معهد الاحياء المتطورة (The Institute of Evolutionary Biology) في برشلونة :”لا يمكنك فهم عمل المجموعة الكروموسومية مالم تفهم عمل العناصر المتنقلة،”.
وتدرس كيفية تأثير الجينات المتنقلة على تطور ذبابة الفاكهة.

يقول عالم الوراثة التطورية في جامعة يوتا (the University of Utah) في مدينة سالت ليك (Salt Lake City)، سيدريك فيشكوت (Cédric Feschotte): ” إن المجاميع الكروموسومية لمعظم الكائنات الحية تنتشر مع المادة الاساسية للاجزاء الكروموسومية”.
تتراكم بقايا اجزاء الاحماض النووية لتشكل مايشبه بقايا الطحالب القديمة مثل التي شكلت جرف دوفر الصخري الابيض (the White Cliffs of Dover). باربرا مكلينتوك (Barbara McClintock) الحائزة على جائزة نوبل، اكتشفت لأول مرة العناصر المنتقلة (اجزاء الكروموسومات) في اوائل الاربعينيات في سلالة من نباتات الاذرة، وكان هناك مايقارب ال%85 من هذه العناصر.
يعتبر مثال نبات الاذرة مثال مغالى فيه، لكن لدى البشر ايضاً العديد من هذه العناصر المنتقلة، وتشكل مايقارب نصف المجموعات الكروموسومية لدى الانسان.

تعتبر معظم هذه العناصر المتواجدة في المجموعات الكروموسومية لدى الانسان “ميتة”، اي بمعنى انها غير قادرة على الانتقال.
الغالبية من هذه العناصر تكون على شكل فتات او اجزاء صغيرة منتشرة في المجموعات الكروموسومية.
اعتقد العديد من الباحثون ان هذه العناصر الخاملة هي مجرد عناصر وراثية لا فائدة منها.

غير ان هذه العناصر كانت بعيدة كل البعد عن ما يعتقد بأنها شيء غير مرغوب فيه، بل كانت كنزًا تطوريًا محفوظًا.
تم معالجة بعض من هذه العناصر فيما بعد لتصبح عناصر مفيدة تساعد العديد من انواع الكائنات الحية الاخرى، من ضمنها البشر الهوموسابين (Homo spaiens)، للتكيف مع البيئة الملائمة أو اعطائها صفات مميزة جديدة.

يقول غينادي غلينسكي (Gennadi Glinsky)، عالم الاحياء السرطانية في جامعة كاليفورنيا (University of California) في سان دييغو: “إن اجزاء العناصر المنقولة هي الجوهر الرئيسي الذي يصنع البشر”.
البعض من الجينات الاولى التي تشكل أجنة البشر سابقاً هي بقايا من العناصر المنقولة التي تساعد الآن في تطور الأجنة المباشر.
نحن البشر مدينون ايضاً ببعض اجزاء جهازنا المناعي، وقدرتنا العقلية، لهذه العناصر المنقولة.

يقول غلينيسكي :”بدون هذه العناصر، ليس لنا وجود”.

 

 

 

 

 

ترجمة: Banen Adel

تدقيق: Jazmin Al-Kazzaz

تصميم: Tabarek A. Abdulabbas

المصدر: هنا