إدمان الوجود: هل أنت مدمن على نفسك؟

من المقبول بشكل عام أن هناك فئتين رئيسيتين من الإدمان، وهما الإدمان الكيميائي (على سبيل المثال، الإدمان على المخدرات) والإدمان السلوكي (على سبيل المثال، الإدمان على الهواتف المحمولة أو وسائل التواصل الاجتماعي). ومع ذلك، كجزء من نظرية نفسية جديدة قام باحث بتطويرها ووصفها في العديد من الأوراق الأكاديمية، يبدو أن “الإدمان الوجودي ontological addiction” يشكل فئة ثالثة من الإدمان تتوافق مع إدمان معتقداتنا فيما يتعلق بمن نعتقد أننا عليه، وكيف نعتقد أننا موجودون.
 
تعكس نظرية إدمان الوجود، التي تستند إلى أدلة من علم النفس التأملي وكذلك التلاميذ العلميين الآخرين، نموذجًا ميتافيزيقيًا جديدًا للأداء البشري والصحة العقلية. تشمل الأمثلة على الأدلة الداعمة، الدراسات التي توضح أن تقنيات التأمل التي تهدف إلى تقويض الأنا والإيمان غير المرن في الذات يمكن أن تزيد من مستويات الرفاهية والحكمة أكثر من الذهن. وتشمل الأمثلة الأخرى البحث الذي يُظهر أن كونك أقل ارتباطًا بالذات (والظواهر المختلفة التي ترتبط بها) يرتبط بالرفاهية النفسية والشعور المتزايد بالاتساق.
 
تشير معظم النماذج النفسية المتعلقة بالذات والوظيفة البشرية إلى أن الذات موجودة ككيان منفصل ومستقل. ومع ذلك، تؤكد نظرية الإدمان الوجودي أن الذات (وفي الواقع جميع الظواهر) لا تظهر ككيان مستقل منفصل ولكنها تعتمد على أسباب وظروف لا تعد ولا تحصى. لنأخذ جسم الإنسان (أي جزء أساسي من الذات) كمثال، فإنه موجود في الاعتماد على الرياح والأنهار والمحيطات والنباتات والحيوانات – نتنفس نفسًا للآخرين ويتنفسون في -نفس. حقيقة أن الظواهر مترابطة بشكل أساسي (أي إلى حد كونها بلا حدود منفصلة) تعني أنها من طبيعة “غير ذاتية”. وبعبارة أخرى، نحن “فارغون” من الذات الموجودة أصلاً ولكننا “ممتلئون” بكل الأشياء.
يُعرّف إدمان الوجود على أنه “عدم الرغبة في التخلي عن اعتقاد خاطئ ومتجذر بعمق في”الذات” أو “الأنا” الموجودة أصلاً وكذلك”الوظيفة الضعيفة “التي تنشأ عن مثل هذا الاعتقاد”. من خلال الاعتقاد بأنهم موجودون بطبيعتهم وبشكل مستقل، تؤكد النظرية أن الأفراد يوطدون إحساسهم بالذات إلى نقطة يرتبطون بها بأنفسهم كمحور مركزي في عالم تعتبر فيه جميع أشكال الحياة والأشياء والمفاهيم الأخرى منفصلة ومحيطة. وفي كل مرة يحدث هذا، يتم تأكيد الإيمان بالذاتية وهذا يؤدي إلى مكافآت في شكل إحساسٍ أكثر أمانًا بالذات. في نهاية المطاف، يصبح الأشخاص الذين يعانون من إدمان الوجود مدمنين على نظام المكافأة هذا بحيث يتطلب مستوًا متزايدًا من الانغماس في الذات للحفاظ على إيمانهم الخاطئ في “أنا موجود أصلاً، لي أو أنا”. أما من حيث الجوهر، فإن الإدمان الوجودي يعني أن الفرد يصبح “مدمنًا ذاتيًا”، وتؤكد النظرية أنه عندما يصبحون أكثر انشغالًا في أنفسهم، يصبحون سطحيين بشكلٍ متزايد وغير سعداء وأقل قدرة على احتضان الحياة في الوقت الحاضر.
 
يختلف إدمان علم الوجود عن ظروف مثل النرجسية على أساس أن الأنا يمكن أن تتخذ أشكالًا عديدة ويمكن أن تظل بارزة في الأشخاص الذين لا يرتبطون عادة بوجود غرور كبير. على سبيل المثال، في حين أنه قد يكون من السهل التعرف على شخص نرجسي أو شخص لديه عقدة تفوق على أنه لديه نفسية منفتحة، فإن الشخص الذي يعاني من عقدة النقص يمكن أن يكون أنانيًا بسبب التفكير من حيث “أنا وأنا ثم أنا” (على سبيل المثال، “أنا لست بنفس أهمية الآخرين” أو “هذا الشخص أفضل مني”). وبالمثل، قد لا يُعتقد عادةً أن الشخص الذي يبدو لطيفًا أو محترمًا يمتلك غرورًا كبيرًا، ولكن يعتمد الكثير على ما إذا كان مدفوعًا بإمكانية الحصول على نوع من المكافأة أو الكسب أو الاعتراف.
 
اختبار لقياس إدمان الوجود
 
الأسئلة العشرة التالية مقتبسة وممتدة من اختبار أعدته The Sun. وتهدف الأسئلة إلى مساعدتك على التفكير في مدى تحكم الأنا لاختياراتك وأفكارك وسلوكياتك. أجب على كل سؤال بالإجابة إما: “أبدًا” أو “نادرًا” أو “أحيانًا” أو “غالبًا” أو “دائمًا” ثم سجل إجابتك على النحو التالي:
“أبدًا” = 1 ” نادرًا ” = 2 ، ” أحيانًا ” = 3 ، ” غالبًا ” = 4 ، ‘دائمًا’ ‘= 5.
تشير الدرجات الأعلى إلى مستويات أكبر من الأنا وتسجيل 4 أو أكثر في ستة من الأسئلة العشرة على الأقل يمكن أن يكون مؤشرًا على إدمان الوجود.
 
كم مرة خلال العام الماضي:
 
١- فكرت في كيفية زيادة ثروتك أو مكانتك أو ممتلكاتك؟
٢- شعرت أنك على حق والآخرين كانوا على خطأ؟
٣- تم الإساءة؟
٤- شعرت انك متفوق أو أدنى من شخص آخر؟
٥- كنت غير قادر على التخلي عن موقف بعد أن نصحت بذلك؟
٦- فكرت في كيف يراك الآخرون أو ما يفكرون فيك؟
٧- شعرت بالندم بعد فعل شيء لطيف؟
٨- وضعت اهتماماتك قبل مصالح الآخرين؟
٩- هل شعرت أنك بحاجة إلى أن تشغل نفسك أكثر لتجنب أن تكون بمفردك؟
١٠- صرت متعباً او تحت الضغط أو على غير ما يرام بسبب الحفاظ على المظاهر؟
ترجمة: سعدون بنيان
تدقيق وتصميم ونشر: تبارك عبد العظيم
المصدر: هنا