خمس خطوات لتقوية الجهاز المناعي في محاربة فيروس كورونا

 

من الطبيعي أن نشعر بقلة الحيلة أمام هذا الجيش الخفي، حيث أنه عدو لا يجابه بإطلاق النيران ولا بجيوش العسكر.
لكننا نمتلك قوة كبيرة بمقدورها حمايتنا من تلك الفيروسات. تلك القوة هي؛ جهازنا المناعي، الذي يمكنه محاربة مسببات الأمراض بمجموعة من خلاياه المناعية، مثل خلايا -تي القاتلة- (T KIller Cells) بالإضافة لكريات الدم البيضاء.

وكلما كان جهازك المناعي صحياً أكثر كان قتاله لهؤلاء الأعداء فعالاً. إذاً، دافع عن نفسك من خلال إبقاء جهازك المناعي بأفضل حالاته.
هنالك خطوات يمكنك اتباعها لضمان فعالية جهازك المناعي، الذي يمثل خط الدفاع الأول والأقوى في جسمك.

الربط بين العقل والجسد

الربط بين العقل والجسد ليس مجرد نظرية على الورق، بل هو استجابة مناعية يتم التحكم بها بواسطة شبكة معقدة من الإشارات بين الجهاز العصبي، وجهاز الغدد الصماء، والجهاز المناعي، بالإضافة إلى المشاعر والعواطف. فالتوتر مثلاً ومن خلال تأثيره على جهازين رئيسيين في الجسم من الممكن أن يسبب خللاً في جهاز المناعة.

هذه الأنظمة الغدية – (وطائية/نخامية/كظرية) التي يرمز لها ب (HPA) و(عصبية/كظرية/نخامية) التي يرمز لها ب (SAM) – تقوم بإفراز هرمونات تتضامن من الأحداث والعواطف السلبية، مثل هرمون الكورتزول الذي يُحدث تغيّرات سلبية طويلة الأمد على مناعة الجسم.

عقلك وجسدك لا يتوفران على موارد غير محدودة، لذا يتوجب عليهما توزيع الطاقة بشكل يتلائم وحاجة الجسم.
ومن ضمن العديد من الخيارات المتاحة أمامهما لتوزيع تلك الطاقة، فإنّ الأولوية دوماً ما تكون لصالح الدفاع والحماية أو الحفاظ والشفاء والنمو.

عندما تشعر أنّ هنالك خطراً – حقيقي كان أم خيالي، في الحاضر أم في المستقبل – فإنّ الدفاع يأتي في المرتبة الأولى، لأن البقاء على قيد الحياة هو الأهم. لسوء الحظ فإنّ هذا الدفاع لا يشترط أنْ يكون من قبل الجهاز المناعي، وإنما قد يتمثل بـ(الكر والفر)، وهذا أمر طبيعي عندما يكون عليك الإستجابة لحدث مشحون بالتوتر ومحدد بفترة زمنية قصيرة. لكن الأمر يختلف عندما تتعرض لأحداث متراكمة طويلة الأمد وممتلئة بالتوتر.

إنّ فيروس كورونا يمثل خطراً على الجهاز المناعي لثلاثة أسباب:

1-لأن الخطر حقيقي وجدي
2-لا يوجد زمن انتهاء معين للفيروس، حيث توجد الكثير من الريبة
3-كل هذا يفسح المجال أمام الإصابة بالتوتر الشديد الذي يجعل من جهازك المناعي ضعيفاً، وسيكون الشفاء صعباً إذا زاد التوتر.

 

دعونا نحارب

فكر في الخلايا المتعددة في جسمك التي يتكون منها جهازك المناعي (جيوشك الخاصة). مثلما يتحرك الجنود في البلاد، والمدن، والقرى، ويوزعون الموارد للتعامل مع هذا الوباء، دعنا نفكر كيف يستطيع كل منا إعداد جيشه الخاص من خلاياه المناعية.

واحدة من أساسيات الحفاظ على الجهاز المناعي قوياً هي جعل الجهاز العصبي في حالة توازن ؛ وهذا بدوره يؤدي إلى توازن جهازين آخرين هما:الجهاز الودي، والجهاز اللاودي، اللذان يعملان سوياً على تعزيز التعافي والشفاء. في الحقيقة، هنالك أدلة تشير إلى أنّ أولئك الذين يمتلكون أجهزة مناعية مضطربة هم الأكثر عرضة للإصابة بفيروس كورونا، مثل الأشخاص
المصابين بالأمراض القلبية. فضلاً عن ذلك فالتوتر يؤثر أيضاً على فعالية التنفس.

ستجد هنا خمس خطوات للحفاظ على توازن جهازك العصبي، وتعزيز قدراتك على التحكم بالذات، وتقوية وظيفة جهازك المناعي:

1. تبنَّ عقلية السيطرة والإيجابية خلال هذه المحنة

خذ هذه التجربة كتحدٍ لتجاوزه. من السهل جداً الاختفاء أو الهروب من المخاظر التي قد تواجهك. وهذا قد يكون تصرفك الغريزي والطبيعي. لكنه يتركك تشعر بقلة الحيلة وبالتوتر الشديد. بالأضافة إلى ذلك، من خلال التجنب، أو الهروب عقلياً أو جسدياً، أنت تعطي لنفسك رسالة سلبية محتواها “عدم قدرتي على معالجة الوضع، وعجزي عن إشباع حاجياتي”.

وهذا يسبب فقدان للثقة بالنفس. إذا حاولت بدلاً من ذلك تقبل التحدي ومواجهة صعوباته، والتفكير بعقلانية، ثم تتخذ القرار “سوف أواجه هذا التحدي”، فإنك تزرع الثقة في نفسك، وتجعل من نفسك مرناً في التعامل مع هذه الأمور.
خذ هذه المحنة كفرصة للتعلم والنمو. إذا كنت تنظر لحياتك على أنها رحلة إستكشاف ذاتية. إسأل نفسك “ما الذي يمكنني تعلمه من هذه التجربة؟”
إبحث في أعماقك لتجد قوتك الدفينة. هذا تحدٍ للوصول إلى أعماق نفسك ويجب أن يكون بحثك عنها مستمراً.

الزبائن يسألونني “ما الذي أبحث عنه عندما أقوم بذلك؟”، “كيف أعرف أني أقوم بالأمر بصورة صحيحة؟”
تخيل شجرة طويلة، كلما أرادت الشجرة أن تنمو وترتفع للسماء أكثر، عليها أن تغرس جذورها في أعماق الأرض أكثر، ويجب أن تكون جذورها قوية دوماً. الشجرة لاتسأل ابداً “هل أنا أتعمق في الأرض بشكل صحيح ؟”.

حاول أن تكون إيجابياً ومتأملاً. هذه فرصة لتعزيز الإيجابية. بإمكان الإيجابية والأمل مساعدتك في تقوية جهازك المناعي.
أعلم أنه من الصعب أن تكون إيجابياً بمثل هذه الأوقات، لكن إيجاد شيءٍ إيجابي في محنة مماثلة يمكنه التقليل من التوتر.
بالطبع، هنالك الكثير من الأحداث المقلقة، ولكن بعد أن حاولت كل ما بوسعك لمعالجة المشاكل الناجمة، دعها تذهب من فكرك لدقيقة، وغير أفكارك المتشائمة وإجعلها إيجابية. فكر بما يجب عليك العيش من أجله.

درب نفسك على الفصل بين (المشكلة)، وإستجابتك لها. عليك التفكير بما يجب فعله في هذا الوقت. هنالك الكثير من الأفعال التي لا تؤدي لإرتفاع في نبضات القلب، وضغط الدم، وتشديد العضلات، حيث تعتبر هذه الأمور جزء من استجابة الكر والفر.
بدلاً من ذلك، يجب عليك أنْ تركز على اللحظة لتلاحظ إستجابتك له، ولتعرف إذا كان التوتر هو الأستجابة المناسبة لتلك الأحداث أم لا. قرر ما هي الأفعال الضرورية التي يجب عليك إتخاذها، أو خطط لتلك الأفعال بينما أنت في (وضعية هادئة).

هذه الوضعية تدربك على البقاء هادئاً بينما تفكر في إتخاذ القرارات. قل لنفسك، “الآن أنا في وضعية هادئة”، من أجل تهدئة توترك وأعصابك كي لا يتضرر جهازك المناعي.

 

2. عبر عن مشاعرك، جربها ثم تخل عنها

لا تتجاهل مشاعرك وعواطفك، فهي لا نذهب من تلقاء نفسها. إليك بعض الخطوات للتنفيس عن مشاعرك:
كن منفتحاً على تجربتها حتى لو كانت غير مريحة. البديل الآخر عن ذلك هو دفعها بعيداً أو تجاهلها. وهذا يؤدي إلى قلق أكثر، بل وربما كآبة.
إسمح لمشاعرك أن تخرج إلى السطح. لا تحكم عليها (بالسيئة) أو (الجيدة). حاول ببساطة تقبلها كجزء من واقعية الآنية. هذا يجعل الأمر أسهل للتعامل مع مشاعرك السيئة.
تحسَس مشاعرك. إقبلها وإقبل الوضعية الآنية – ليس حباً بتلك المشاعر، لكن تقبلاً للواقع فحسب. إسمح لها بالحركة خلال جسمك. فنحن لا نستشعر مشاعرنا في الرأس فقط.

وبعد زمن كافٍ من التعبير عن المشاعر والشعور بها. حاول أن توجه تفكيرك نحو أمور أكثر إيجابية، وأترك تلك المشاعر السيئة. وإنْ كنت تواجه صعوبة في تركها، فإنّ هذا يعود إلى الغضب الذي لم يخرج من نفسك.
بالرغم من عدم وجود سبب لهذا الغضب، عبر عنه وأخرجه (بشكل آمن). ومن ثم تحقق إنْ كان هذا الغضب يرحل بعيداً.

3. خذ وأعطِ دعماً عاطفياً

في هذا الوقت نسمع في كل مكان، “إبق بعيداً”، “عزل اجتماعي”، ” إبق في المنزل”، وبالتالي فمن الصعب جداً أن نختلط بالآخرين. بالرغم من هذا، علاقتنا مع الآخرين تعد مهمة في حياتنا.
نحن كائنات اجتماعية. نحن ننمو بتطور العلاقات مع الآخرين؛ يعود جزء من نمونا إلى الدعم والحب الذي نشاركه مع الآخرين. العلاقات والتواصل الاجتماعي أمر إيجابي ويساعدنا في التحكم بذاتنا فيسيلوجياً.

إنْ كان لديك آخرون تعيش معهم، حاول أن لا تأخذ وجودهم على محمل الجد. خذ وقتاً لتخبرهم أنك تقدرهم وتحبهم. وإن كنت تواجه مشكلة معهم، فإعلم بأنك ومع وجود كل تلك التوترات في حياتك، لا تحتاج مزيداً من الحمل على كاهلك.
جد طريقة للتخلي عن مشاكلك، أبعد كل شيء يقف في طريق الحب والشعور بمشاعر دافئة تجاه الآخرين.
أنشأ قائمة أسماء بالأشخاص المهمين في حياتك ثم حاول التواصل معهم. نحن نتجنب كثير من التواصلات مع أقربائنا. حاول أن لا يكون تواصلك معهم مرتبطاً بالمشاكل والتوترات في الأوضاع الحالية.

غيّر حديثك ليكون حول أمور أكثر إيجابية مثل الحب، والعناية، والتقدير، وفكر في التخطيط للخروج معهم بعد إنتهاء مشكلة كورونا.
لا تسمح لنفسك بأخذ مشاعر الآخرين السيئة. سوف تصادف كثير من الناس القلقين أو المرتبكين بسبب هذا الوضع. من السهل جداً إمتصاص كل تلك التوترات والمخاوف التي يظهرونها.
قل لنفسك “لستُ مضطراً لأخذ هذه المشاعر السيئة من الآخرين، يمكنني العثور على طرقي الخاصة للبقاء إيجابياً”.

4. مارس الرياضة لتخفف من التوترات الجسدية

عندما نستجيب للتوترات بـ(الكر أو الفر)، يقوم جسمنا بشد العضلات وزيادة ضربات القلب ورفع ضغط الدم.
هذا يجعل الاسترخاء أمراً صعباً. وأيضاً، إن كنت تشعر بمشاعر سلبية مثل الغضب و الإحباط، فإنّ هذا يؤدي لإبقاء جسمك نشطاً على الدوام. ممارسة الرياضة هي طريقة جيدة لتحرير هذه الطاقة المنشطة، مما يجعل الإسترخاء أمراً سهلاً.

5. المرونة تحتاج من جسمك أن يجرب التعافي

لأجل أن يبدأ جسمك بالتعافي، يحتاج إلى الشعور بالآمان أو الراحة من هذه المخاطر. بينما توجد خطورة في الخارج، يجب أن تخصص جزءاً من وقتك لتقول، “في هذه اللحظة أنا آمن تماماً”، “يمكنني الإسترخاء والتعافي”.
مارس بعضاً من طرق الإسترخاء أو التأمل كل يوم في وقت مخصص لذلك. حتى لو كنت عازلاً لنفسك في المنزل، فالتوتر لا يزال موجوداً. فهو يتسلل إلى دماغك من خلال الوسائل الإعلامية، والإنترنت، وبالطبع؛ الوعي بما يجري في العالم الخارجي.

 

المصدر : هنا

ترجمة : محمد كريم
تدقيق : أحمد علي
تعديل الصورة : علي هشام
نشر : فرات جمال