هل فكرت يوماِ ما بأن ترى العالم من منظور نظمي؟

 

 

 

في هذه السلسلة من التفكير المنظومي، اشارككم المفاهيم الرئيسية والأدوات اللازمة لتنمية وتطوير النظم العقلية للتعامل مع المشاكل المقعدة وحلها وتحويلها إلى نظام الاقتصاد الدائري. 

 

قمت بالتدريس لآلاف الساعات في ورشة العمل لغرض استدامة وتصميم النظام، وعلى مر السنين وجدنا طرق محسنة لإشراك الناس بطريقة سريعة مع النظم العقلية ثلاثية الأبعاد والتي هي مطلوبة للتفكير والعمل في الاقتصاد الدائري. إن الهدف من انشاء هذه المقالة ونشرها عبر الإنترنت هو لتوسيع قدرة المحترفين على الاعتماد بسرعة على النظم العقلية لغرض التأثير الايجابي.

 

الكلمات تمتلك قوة مؤثرة، فنحن نستخدم كلمات معينة تُعرف عمداً على أنها مجموعة مختلفة من الأوامر والمعروفة بالتفكير. الكلمات مثل: “مركب” و  “نشوء” و “ترابط” و “حلقات التغذية الراجعة” قد تكون مبهمة ومرهقة لبعض الأشخاص. ولأن لديهم معاني محددة مرتبطة بالنظم، اسمحوا لي أن اكشف عن ستة نظم اساسية:

 

  

هنالك اكثر من ستة أنظمة، ولكني اخترت اهمها والتي يجب عليك بالفعل التعرف عليها،وفي خضم تقدمنا في مخطط سلسلة  التفكير المنظومي، سأقوم بتوضيح بعضا من المسطلحات الأخرى التي تتمثل بالتفكير المنظومي. 

 

1.الترابط 

 

يتطلب التفكير المنظومي تغيير في النظم العقلية، وبعيدا عن الاقتصاد الخطي او الدائري، ان المبدأ الاساسي الذي يعتمد عليه هذا التغيير هو الترابط. نحن نتحدث عن الترابط من الناحية البيولوجية العلمية وليس من الناحية الروحانية. 

 

وبشكل اساسي، كل الأشياء متصلة ببعضها لغرض النجاة. الانسان يحتاج إلى الطعام والاكسجين والماء للبقاء على قيد الحياة، والأشجار تحتاج إلى ثنائي اوكسيد الكربون وضوء الشمس لتنمو. جميع الأشياء معتمدة على أشياء اخرى، وان البقاء على قيد الحياة يتطلب غالباً سلسلة من التفاعلات المعقدة. 

 

حتى الجمادات تعتمد على سلسلة من أشياء اخرى لتتكون: الكرسي على سبيل المثال يحتاج إلى شجرة لغرض الحصول على خشبها، والهاتف يحتاج إلى تيار كهربائي ليعمل. إذن، عندما نقول “كل شيء مُترابط” من مفهوم التفكير المنظومي، نحن نُعرف المبادئ الأساسية للحياة. ومن هذا المبدأ، نستطيع أن نُغير الطريقة التي ننظر بها إلى العالم، من المنظور المنتظم والمتوقع “الرؤية الشمولية” إلى منظور ديناميكي (حيويي) وغير منتظم، وسلسلة َمن العلاقات المرابطة وحلقات من التغذية الراجعة. 

 

يستخدم التفكير المنظومي هذه الآليات لحل المشاكل الحياتية المعقدة على الأرض. 

 

                      “النظام هو مجموعة من المكونات المرتبطة التي تعمل

                            معاً في بيئة معينة لإداء اي وظائف مطلوبة لتحقيق 

                             أغراض النظام” – دونيلا ميدوس

 

2.المركب

 

بشكل عام، يشار إلى المركب على أنه مجموعة من مركبين او اكثر ويكون بالمحصلة عنصر جديد. 

لكن عندما نتكلم عن التفكير المنظومي، التركيب هو الهدف، على انه نقيض التحليل، وهو تجزئة التعقيدات إلى أجزاء يمكن التحكم بها. بينما التحليل يتلائم مع النظرة الشمولية، حيث ينقسم العالم إلى أجزاء مختلفة. 

 

ولكن جميع النظم ديناميكية وغالباً معقدة؛ وبالتالي نحتاج إلى نهج شمولي لفهم الظواهر. التركيب هو فهم الكل والجزء في الوقت ذاته، إلى جانب العلاقات والترابطات التي تصنع الديناميكية الكلية …

 

بشكل اساسي، التركيب هو القدرة على رؤية الترابط. 

 

3.النشوء 

 

من منظور التفكير المنظومي، نحن نعلم ان الأشياء الكبيرة نشأت من أجزاء صغيرة: النشوء هو الناتج الطبيعية للاشياء التي تأتي معاً. وبأختصار، ان النشوء يصف المفهوم العالمي لكيف نشأت الحياة من عناصر بيولوجية فردية بطريقة متنوعة وفريدة من نوعها. 

 

النشوء هو ناتج اندماج الأجزاء؛ وهو يعبر عن التطور العشوائي والتنظيم الذاتي، نحن نستخدم في بعض الأحيان مسطلح “النشوء” لنصف ناتج الأشياء المتفاعلة مع بعضها. 

 

مثال عن النشوء هو ندفة الثلج. فإنها تتكون من عوامل بيئية وعناصر بيولوجية، عندما تكون درجة الحرارة مناسبة، تتشكل جزيئات الماء على شكل كسيري متبلور جميل حول جزيء واحد من المادة. وكذلك التلوث وابواغ البكتريا او حتى خلايا الجلد الميتة. 

 

وبشكل نظري، يرى الناس غالباً أن النشوء نظرية صعبة الفهم، ولكن عندما تفهمها، سيبدأ عقلك بربط النتائج ويعززها بأمثلة مأخوذة من ارض الواقع. 

 

“اليرقة لا توحي بأنها ستصبح فراشة”

_ ريتشارد بوكمينيستر فولر.

 

4.حلقات التغذية الراجعة

 

بما ان كل الأشياء مترابطة مع بعضها هنالك تدفق ثابت بين عناصر النظام. نستطيع مراقبتها وفهمها ونتدخل في في حلقات التغذية الراجعة عندما نفهم نوعهما وعملها الديناميكي. 

 

هنالك نوعان من حلقات التغذية الراجعة هما، التوازن والتعزيز. المربك بالأمر هو أن تعزيز التغذية الراجعة ليس دائماً أمر جيد. يحدث هذا عندما تكون العناصر في نظام الدعم متشابهة، كالنمو السكاني او نمو الطحالب بشكل كبير في البركة. فأن وفرة عنصر واحد في حلقات التعزيز قادراً على أن يكرر نفسه بأستمرار، مما يجعله في بعض الاحيان مهيمناً. 

 

نظام موازنة حلقة التغذية الراجعة، حيث العناصر في النظام توازِن الأشياء. بدأت الطبيعة في هذا النظام مع الحيوانات المفترسة/عملية الصيد_ ولكن إذا قَل عددالحيوانات في النظام البيئي، سيحدث انفجار سكاني في البيئة الأخرى، والذي يعتبر صنف اخر من نظام تعزيز التغذية الراجعة. 

 

5.السببية 

 

ان فهم حلقات التغذية الراجعة يدور حول اكتساب منظور السببيه: كيف يمكن لشيء ما ان يؤدي لشيء اخر في نظام ديناميكي (حيوي) ومتطور بشكل مستمر (جميع الانظمة حيوية وتتطور بأستمرار بطريقةٍ ما؛ هذا هو جوهر الحياة) 

 

ان السبب والنتيجة مفاهيم شائعة جداً في العديد من المهن والحياة بشكل عام_يحاول الأباء أن يعلموا أبنائهم هذه الدروس المصيرية، كم من مرة وقعت تحت رحمة تأثير ما حدث عن غير قصد. 

 

ان مفهوم السببية في التفكير المنظومي هو القدرة على فك طريقة تأثير الأشياء على بعضها البعض في النظام. فهم السببية يؤدي الى منظور اعمق للذات وحلقات التغذية الراجعة و الترابط والعلاقات، والتي تعد جميعها أجزاء أساسية من رسم خرائط الانظمة. 

 

6.رسم خرائط الأنظمة 

 

يعد رسم خرائط الانظمة احد الأدوات الرئيسية للتفكير المنظومي. هنالك العديد من الطرق لرسم الخرائط، بداءً من رسم الخرائط العنقودية التناظرية إلى تحليل الملاحظات الرقمية المعقدة. و مع ذلك فأن المبادئ والتطبيقات الأساسية لرسم خرائط النظم تعتبر عالمية. تحديد ورسم عناصر “الأشياء” داخل النظام لفهم طريقة ترابطه واتصاله وعمله في هذا النظام المعقد، ومن هنا يمكن استخدام رؤى واكتشافات نادرة لغرض تطوير التدخلات او التحولات او قرارات سياسية التي ستغير النظام بشكل كبير، وجعله اكثر فعالية. 

 

هذه هي المفاهيم الستة الرئيسية والمهة لتطوير مفهوم مفصل عن كيفية عمل العالم من منظورالانظمة والذي سوف يعزز قدرتك على التفكير بشكل مختلف وابداعي لتضع بصمتك الإيجابية في هذا العالم. 

 

لقد قادني العمل والتعليم في نظام التفكير المنظومي إلى تطوير أدوات جديدة اضافية، بالإضافة إلى توضيف هذه المفاهيم العريقة المأخوذة من علماء ورواد عالميين. 

 

 لتضع بصمتك الإيجابية، يجب عليك اولاً كفرد ان تطور من نفسك. وحتى يتسنى لك فعل ذلك، يجب أولاً ان تدرس المفاهيم الأساسية، ان اردت معرفة كل هذه الامور زور صفي على الإنترنت. 

 

سأتطرق في الفصل التالي من هذه السلسلة إلى المزيد من التفاصيل لفهم ديناميكيات النظم، والتي تعتبر جزء اساسي من التطبيق. 

ان اردت التعمق اكثر في الموضوع راجع المجموعة الكاملة من البرامج التي انشأتها مع فريقي على الموقع Disrupt Design  و UnSchool.  صممنا هذه المواقع لنساعد الأفراد و المؤسسات للأرتقاء بقدراتهم و صنع التغيير من أجل اقتصاد دائري إيجابي ومتجدد. 

 

 

ترجمة: انوار ابراهيم

مراجعة وتعديل الصورة: Abilta E Zeus

 

المصدر : مجلة آفاق المعرفة