رسميًا: إعلان خلو إفريقيا من فايروس شلل الأطفال البري

أعلنت منظمة الصحة العالمية (WHO) يوم الثلاثاء أن إفريقيا خالية من فايروس شلل الأطفال البري، وهو علامة بارزة في حملة استمرت عقودًا للقضاء على المرض سيئ السمعة في جميع أنحاء العالم.
وقالت البروفيسورة روز جانا فومبان ليك (Rose Gana Fomban Leke) التي أقرت لجنتها أنه لم تحدث حالات شلل أطفال في القارة على مدى السنوات الأربع الماضية ، “اليوم هو يوم تاريخي لأفريقيا”.
قالت منظمة الصحة العالمية إن فيروس شلل الأطفال ينضم الآن إلى مرض الجدري في قائمة الفيروسات التي تم القضاء عليها في إفريقيا.
وقالت منظمة الأمم المتحدة (UN agency) إنه في حين أن العديد من الدول الأفريقية لم تشهد حالة من شلل الأطفال البري منذ سنوات، فمنذ عام 1996، فإن جهود القضاء على المرض “حالت دون إصابة 1.8 مليون طفل بالشلل مدى الحياة وأنقذت أرواح ما يقرب من 180 ألف شخص”.
الـ (Poliomyelitis) – وهو المصطلح الطبي لشلل الأطفال – هو فايروس شديد العدوى ومعدٍ يهاجم النخاع الشوكي ويسبب شللًا لا يمكن علاجه عند الأطفال.
كان المرض مستوطنًا في جميع أنحاء العالم حتى تم العثور على لقاح في الخمسينيات من القرن الماضي، على الرغم من أنه ظل بعيدًا عن متناول العديد من البلدان الفقيرة في آسيا وأفريقيا.
في عام 1988، عندما أطلقت منظمة الصحة العالمية (WHO) واليونيسيف (UNICEF) والروتاري (Rotary) الحملة العالمية للقضاء على المرض، كان هناك 350 ألف حالة على مستوى العالم. في عام 1996، كان هناك أكثر من 70000 حالة في أفريقيا وحدها.
بفضل الجهود العالمية والدعم المالي – حوالي 19 مليار دولار أمريكي على مدى 30 عامًا – لم تسجل سوى أفغانستان وباكستان حالات هذا العام: 87 حالة في المجموع.
الهجمات الجهادية (Jihadist attacks)
ينتشر فايروس شلل الأطفال عادةً في براز الشخص المصاب ويتم التقاطه من خلال الماء أو الطعام الملوث.
وبالتالي، فإن تلقيح الناس لمنعهم من الإصابة يكسر دورة الانتقال ويقضي في النهاية على الفيروس في البرية.
تم اكتشاف آخر حالة لشلل الأطفال في إفريقيا في عام 2016 في نيجيريا، حيث تمت معارضة التلقيح بعنف من قبل الجهاديين الذين ادعوا أنها كانت مؤامرة لتعقيم المسلمين. فقد أكثر من 20 عاملاً شاركوا في الحملة حياتهم.
وقال ماتشيديسو مويتي (Matshidiso Moeti) المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لأفريقيا: “هذا إنجاز بالغ الأهمية لأفريقيا. الآن يمكن لأجيال المستقبل من الأطفال الأفارقة أن تعيش خالية من شلل الأطفال البري”.
وقال مويتي: “كان هذا الإنجاز التاريخي ممكناً فقط بفضل قيادة والتزام الحكومات والمجتمعات والشركاء العالميين واموال فاعلي الخير ساهمت كلها في القضاء على شلل الأطفال “.
“إنني أشيد بشكل خاص بالعاملين الصحيين في الخطوط الأمامية والقائمين بالتلقيح، الذين فقد بعضهم حياتهم، من أجل هذه القضية النبيلة”.
تزامن الإعلان، الذي صدر في مؤتمر افتراضي على المستوى الوزاري حول القضايا الصحية في إفريقيا، مع إعلان في جمهورية الكونغو الديمقراطية (Democratic Republic of Congo) عن انتهاء وباء الحصبة الذي استمر 25 شهرًا وأودى بحياة أكثر من 7000 طفل، وذلك بفضل جهود التلقيح الهائلة.
في غضون ذلك، قالت توغو (Togo) إنها أصبحت أول دولة أفريقية توقف انتقال داء المثقبيات الأفريقي البشري (trypanosomiasis) – المرض الذي تنقله الحشرات والمعروف باسم مرض النوم.
الفرح في نيجيريا
ابتهج العاملون الصحيون في نيجيريا بإعلان شلل الأطفال.
قال تونجي فونشو (Tunji Funsho) ، الطبيب النيجيري والمنسق المحلي لمكافحة شلل الأطفال في منظمة الروتاري الدولية: “السعادة هي كلمة اقل من ان تصف ما نشعر به. لقد كنا في هذا الماراثون لأكثر من 30 عامًا”.
“إنه إنجاز حقيقي ، أشعر بالفرح والراحة في نفس الوقت”.
كانت نيجيريا، الدولة التي يبلغ عدد سكانها 200 مليون نسمة، لا تزال من بين بؤر التوتر التي تعاني من شلل الأطفال في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.
في المناطق الشمالية ذات الأغلبية المسلمة، اضطرت السلطات إلى وقف حملات التطعيم في عامي 2003 و2004 من قبل المتطرفين الإسلاميين.
لقد تطلب الأمر جهدًا كبيرًا جنبًا إلى جنب مع الزعماء التقليديين والزعماء الدينيين لإقناع السكان بأن اللقاح آمن.
وقال غريما موندوبي (Grema Mundube) أحد قادة المجتمع في بلدة مونجونو (Monguno) في أقصى شمال نيجيريا: “يثق الناس في قادتهم التقليديين المحليين الذين يعيشون معهم أكثر من القادة السياسيين”.
وقال لوكالة فرانس برس (AFP) “بمجرد ان تحدثنا اليهم ورأونا نقوم بتلقيح اطفالنا قبلوا اللقاح تدريجيا”.
ومع ذلك، تسبب ظهور جماعة بوكو حرام (Boko Haram) الإسلامية العنيفة في عام 2009 في حدوث انقطاع آخر في البرنامج. في عام 2016، تم اكتشاف أربع حالات جديدة في ولاية بورنو (Borno) في الشمال الشرقي في قلب الصراع.
قال الدكتور فونشو: “في ذلك الوقت، لم نتمكن من الوصول إلى ثلثي أطفال ولاية بورنو – 400 ألف طفل لم يتمكنوا من الحصول على اللقاح”.
في المناطق “التي يمكن الوصول إليها جزئيًا” ، عملت فرق التلقيح تحت حماية الجيش النيجيري وميليشيات الدفاع الذاتي المحلية.
بالنسبة للمناطق التي يسيطر عليها الجهاديون بشكل كامل، سعت منظمة الصحة العالمية وشركاؤها لاعتراض الأشخاص الذين يدخلون ويخرجون من السوق وطرق النقل في محاولة لنشر المعلومات الطبية وتجنيد “المرشدين الصحيين” الذين يمكنهم إخبارهم بأي حالات شلل أطفال.
اليوم، تشير التقديرات إلى أن 30.000 طفل فقط ما زالوا “يتعذر الوصول إليهم” ، لكن العلماء يعتبرون هذا الرقم منخفضًا للغاية بحيث لا يسمح بانتشار الوباء.
تتمثل الخطوة التالية في ضمان حماية إفريقيا من أي حالات شلل أطفال من باكستان أو أفغانستان ومواصلة تلقيح الأطفال لضمان سلامة المجتمعات.
ترجمة: حسن خنجر
مراجعة وتعديل الصورة ونشر: تبارك عبد العظيم
المصدر: هنا