قوة جديدة وغير إعتيادية في الكون أصبحت أكثر غرابة

بحثٌ جديدٌ يتوسع في إكتشاف ظاهرة غريبة تسمى قوة الجسم الأسود (blackbody force)، تُظهر أن تأثير الإشعاع على الجسيمات المحيطة بالأشياء الضخمة يمكن أن يُضخَم بواسطة الفراغ المحيط بها.
وهذا الإكتشاف يمكن أن يؤثر على طريقة عرضنا للنجوم والكواكب، وحتى أنه قد يساعدنا أخيرًا في كشف شكلٍ نظري للإشعاع يسمح للثقوب السوداء بأن تتبخر.
في 2013 أعلن الفيزيائيون عن شعاعٍ ينبعث من أشياء تسمى “الأجسام السوداء” لا تقوم فقط بدفع الجسيمات الصغيرة بعيدًا بل يمكن أن تسحبهم بقربها أكثر.
وما هو أكثر من ذلك، قوة الدفع للأشياء الساخنة بشكلٍ كافٍ وذات الكتلة البسيطة يمكن أن تكون أقوى من قوة جذبها الساحبة.
والجسم الأسود هو أي شيء مبهم يمتص الضوء المرئي ولا يعكسه أو يوصله، وتقنيًا الأجسام السوداء تصف نظريًا الأشياء المثالية التي لا تستطيع عكس أي ضوء على الإطلاق، ومن الأمثلة المادية على ذلك مواد أنابيب الكربون النانوية التي تستعمل لصناعة طلاء مادة (Vantablack) * الغريبة الشكل.
سيكون من الخطأ التفكير بكل الأجسام السوداء بنفس الطريقة. إن الأجسام السوداء تبعث إشعاعات عند اهتزاز جزيئاتها وهذا ما يجعلها طريقة ممتازة لوصف الخصائص الحرارية للأشياء.
قبل أربع سنوات فريق من باحثين نمساويين اكتشفوا أن الإشعاع المنبعث من الأجسام السوداء يجب أن يكون له تأثير فضولي على الذرات القريبة.
لفهم هذا الأثر علينا معرفة أن الذرات تستطيع التحرك وتغيير الاتجاه عندما تكون الفوتونات التي امتصتها تسبب تغيير في قوة دفعها.
في حالة الظروف الصحيحة ، الأشياء بحجم الخلية يمكنها أن تُهَز بوساطة شعاع من الضوء وهي ظاهرة تستعمل بشكل شائع في هيئة تقنية تسمى ملقاط بصري.
وقد عرف الفيزيائيون منذ ما يقارب القرن أن الأشعة الإلكترومغناطيسية تستطيع أن تغير خصائص الذرات الغريبة من خلال التأثير الصارم (Stark effect) والذي يغير موضع إلكتروناته لتصل إلى مستوى طاقة أقل، وهذا يجعلها أكثر قدرة للتحرك باتجاه الأجزاء الأكثر إشراقًا من الحزمة الضوئية.
لقد وضع الباحثون النمساويون اثنان واثنان معًا، ليظهروا بأن أشعة التسخين لا تستطيع فقط أن تدفع الجزيئات بعيدًا عن بعضها؛ فبفضل التأثير الصارم فهي أيضًا من الممكن أن تنجذب إلى الشيء.
إن التفاعل بين هاتين القوتين – قوة الجذب المنحدرة النموذجية ضد ضغط الأشعة التنافري – مع الأخذ بعين الاعتبار معامل الكم البصري، ولكن تم التغاضي عن أن هذا أيضًا يظهر مع مصادر الضوء الحرارية – كما قال الباحث الرئيسي ماتياس سونليتنر (Matthias Sonnleitner) من جامعة (Innsbruck) في 2013.
على الرغم من أن القوى ضعيفة بشكلٍ مدهشٍ لكنهم أظهروا أن شبكة قوة جذب الأشعة في الواقع من الممكن أن تكون أعظم من كمية الجاذبية القليلة التي تنتج عن الاشياء الساخنة الصغيرة والتي لها آثار على جسيمات أصغر من حبة غبار.
وقد قال سونليتنر: “هذه الحبات الأصغر من الميكرون في الحجم تلعب دورًا مهمًا في تركيب الكواكب والنجوم أو في الكيمياء الفلكية”. وأكمل: “كما يبدو أن هناك بعض الأسئلة المفتوحة عن كيفية تفاعلهم مع غاز الهيدروجين المحيط أو مع بعضها البعض. حاليًا نحن نستكشف كيف قوة الجذب الإضافية هذه تؤثر في ديناميكية الذرات والغبار”.
وفي الوقت الحالي، هناك فريق آخر من الفيزيائيين اكملوا من حيث توقف سونليتنر وزملاؤه باستكشاف أثر كل شكل من أشكال الجسم الأسود و تأثيره على انحناء الزمكان المحيط به في هذا الجذب والتنافر البصري.
وبالتحديد فقد حسبوا الفضاء المحيط –أو البنية- حول جسم أسود كروي أسطواني وقاسوا كيف أن الفروقات يمكن أن تؤثر على قوة اشعاع الجسم الاسود.
فوجدوا أن انحناء الجسم الأسود الكروي وبنية الفضاء المحيطة به لها تأثير كبير على قوى الجذب نتيجة الجاذبية والزاوية التي يصيب الإشعاع فيها الجسيم.
وهذا لم يكن نفس الوضع مع الاسطوانة، مع سطحه المنبسط والفضاء المحيط به حيث تأثير الجسم الأسود لم يكبر. بالرغم من أن التأثير لن يكون قابلاً للكشف في المعامل أو حتى لأشياء بحجم شمسنا.
أما الأجسام السوداء الضخمة مثل النجوم النيوترونية أو الأشكال الأكثر غرابة من فيزياء الفضاء المنحني، فإن هذا الأثر قد يصنع فرقًا مهمًا وقتها.
كما وضح الباحث الرئيسي سيلو مونيز (Ceilo Muniz) من جامعة (Ceara State) في البرازيل: “نحن نظن أن تكثيف قوة الجسم الأسود نتيجة المصادر فائقة الكثافة من الممكن أن يؤثر بطريقة قابلة للكشف عن الظاهرة المرتبطة بها مثل انبعاثات جسيمات نشيطة جدًا وتكوين الأقراص المتزايدة حول الثقوب السوداء”.
الفريق ايضًا طبق الاكتشافات السابقة عن قوة الجسم الأسود لمفهوم يعرف بالاحتكار الشامل –نقطة نظرية مماثلة لشحنة كهربائية والتي تؤثر في شكل الفضاء المحيط بدون جاذبية- فضلاً عن نظرية التواء فضاء أخرى تسمى الخيط الكوني.
ويقول مونيز: “هذا العمل يضع قوة الجسم الأسود المكتشفة عام 2013 في سياق كلامٍ أوسع والتي تشمل مصادر الجذب القوية والأجسام الغريبة مثل الخيوط الكونية فضلا عن الأجسام العادية الموجودة في المادة المكثفة”.

* Vantablack هي مادة مصنوعة من ألواح أنابيب الكربون مصفوفة عموديا وهي أكثر المواد الصناعية المعروفة سوادًا.

 

 

 

 

 

ترجمة: Rabab Alhamdan
تدقيق لغوي: Inst.Zaineb Hashim

تصميم: Tabarek A. Abdulabbas

المصدر: هنا