لقاحاتٌ للسرطان قد تقود أجسادنا لمحاربة الأورام

هل يمكن أن تكون لقاحات السرطان الجديدة والتي قد تقود أجسامنا لمحاربة هذا المرض الخبيث هي التقدم الذي كنا ننتظره دائماً في هذا المجال؟ إنَّ لقاحات السرطان والتي يمكن أن تحفز الجهاز المناعي للشخص لقتل الورم كانت ومنذ فترة طويلة هدفًا للباحثين، وقد تحققت الآن طريقتان مختلفتان عن بعضهما قليلاً للقيام بذلك وقد أعطت كل منهما نتائجَ واعدةً.
إنَّ هذه العلاجات يجب أن تُطبَق في تجارب ومحاولاتٍ واسعةٍ، وتشير النتائج الأولية بعد تجارب أُجريت على عددٍ قليلٍ من الناس والذين يعانون من سرطان الجلد الى أنَّ هناك تقدمًا كبيرًا في هذا المجال. ويقول كورنيليس ميليف (Cornelis Melief) من المركز الطبي لجامعة ليدن في هولندا: “قد يكون هذا الأمر هائلاً”.

إنَّ هذا النظام المناعي يتعرف على البكتيريا والفيروسات كغزوٍ أجنبي بواسطة جزيئات البروتين المختلفة على سطحها، وعندها يقوم بمهاجمتها، ولكن وفي بعض الأحيان، ولأن الخلايا السرطانية التي لها القدرة على القتل ولها طفرات تجعلها تبدو مختلفة، فإنَّها وبطريقةٍ أو أخرى تفلت من هذا الهجوم.

وعلى مدى عقود، والباحثون يحاولون إيجاد سبل لزيادة الاستجابة المناعية ضد الأورام، وعادةً يتم ذلك عن طريق حقن الناس بالأدوية المضادة التي تحفز الجهاز المناعي كالجزيئات الموجودة على سطح الخلية السرطانية، ومع ذلك لم تؤدِ هذه الطريقة ما هو مطلوب منها بشكلٍ جيدٍ حتى الآن، وجزء من هذه المشكلة هو أن للسرطان أنواعٌ مختلفةٌ فورم كل شخص يمكن أن يحتوي على المئات من الطفرات، كذلك فإن دفع الجهاز المناعي لاستهداف جزيء معين يمكن أن يفشل لأن الأورام يمكن أن تتحور مرة أخرى مما يمنع التعرف عليها.

“وما هو مثيرٌ حقًا في هذه الطريقة هو أن العمل هنا ينطوي على ضرورة تتبع الورم بلقاحٍ مفصلٍ وحسب الطلب”.

وتشمل التقنيات الجديدة صنع لقاح شخصي يستهدف العديد من جزيئات السرطان في وقتٍ واحدٍ، وكلا الطريقتين تبدأ بنفس الآلية، وذلك من خلال أخذ عيناتٍ من ورم شخصٍ ما، وتُسَلْسَلُ جيناته وتتم مقارنتها مع تلك التي في الخلايا السليمة لنفس الشخص ليتم الكشف عن الطفرات السرطانية، ثم يتم إستخدام برنامجاً للتنبؤ عن أي جزءٍ من جزيئات البروتين المتحولة هي الأكثر احتمالاً أن تكون مرتبطة بقوةٍ ضد الخلايا المناعية، مما يمثِّلُ هدفاً تَتِمُّ مهاجمته بنجاحٍ تامٍ.

وقد ظهر أنَّ هناك إختلافاً سيحصل فيما بعد في كلتا الطريقتين، إذ قامت كاثرين وو (Catherine Wu) من معهد دانا فاربر للسرطان في بوسطن وزملاؤها بحقن ما يصل إلى 20 من جزيئات البروتين المتحولة في جلد ستة أشخاص مصابين بالسرطان، أربعة منهم لم يتكرر ظهور السرطان لديهم لمدة عامين.

وفي الطريقة الثانية، فإنَّ أوغور شاهين (Ugur Sahin) مِنْ بيونتيش، وهي شركة التكنولوجيا الحيوية الألمانية، قام بحقن المصابين بالحمض النووي الرايبي RNA بدلاً من جزيئات البروتين، ومن الطبيعي ان الخلايا التي تصنع البروتينات باستخدام تعليمات الحمض النووي الريبي RNA، تقوم هنا بتحويل الحمض النووي الرايبي الذي حُقِنَتْ به إلى بروتينات. وفي المُحَصِّلة النهائية كانت النتيجة مُتَطابِقةً لكلا الطريقتين: تم الكشف عن بقايا من جزيئات السرطان لجهاز المناعة. ومع طريقة الحمض النووي الرايبي RNA، لم تتكرر الأورام في ثمانية من أصل 13 شخصًا ولمدة عامين.

في بعض الأشخاص وفي كلتا المحاولتين حصل نموٌ ثانويٌ للورم. وفي الطريقة الثانية التي تُعْرَفْ بالمُثَبِّط (الحاجز المانع) والتي أوْجِدَتْ للقضاء على (النمو الثانوي للورم)، فيقوم هذا المُثَبِّط بغلق المسارات الخاصة بتوقف هجمات الجهاز المناعي، إذ مِنَ المنطقي أنْ يتِمَ “وضع لقاح السرطان جنبًا إلى جنبٍ مع المُثَبِّط”، هذا ما أكَّدَتْ عليه كاثرين وو.

ويقول كيفن هارينغتون (Kevin Harrington) من معهد أبحاث السرطان في لندن: “إن ما يثير الدهشة حقًا في هذا النهج هو أنه ينطوي على تتبع الورم وصنع لقاح شخصي حسب الطلب”.

ويضيف: “ففي المحولات السابقة قدمنا اللقاحات بصورةٍ عامةٍ (غير شخصية) وقد حققت ضرباً من النجاح ثُمَّ اضمحلت”.

وعلى الرغم من أن هذا الأسلوب قد يعمل مع أي نوعٍ من أنواع السرطان، وإنَّ أورام الجلد قد تكون أكثر عرضةً للهجوم المناعي، إلاّ أنَّه حسب قول هارينغتون: “هذه الطريقة العلاجية سيتم إستخدامها لكل انواع الاورام، ولكن البعض سيكون استجابته اكثر من غيره”.


ترجمة : Banen Adel 
تدقيق علمي : Ayaat KH
تدقيق لغوي : علي لفتة البازي

تصميم: Tabarek A. Abdulabbas

المصدر: هنا