علماء يثبتون إن مادة الكريستال تمتلك خاصية المرونة مما يقلب الكيمياء رأسًا على عقب

أظهر الباحثون ان مادة الكريستال تمتاز بخاصية المرونة وبالامكان شدها وعقدها مراراً وتكراراً، مُصلحين لفهمنا عن هيكلية هذه المادة، وتعريفنا الدقيق لها.

وقد تعلمنا في المدرسة ان هذه المادة صلبة وغير مرنة، فانك اذا حاولت ثني بلورات الكريستال المتكونة من الملح الصخري او الكوارتز على سبيل المثال، فأنها ستنكسر. ولكن يُظهر هذا البحث الجديد انه يمكن ثني مادة الكريستال، مما يفتح المجال لظهور فئة جديدة من المواد التي يمكن ان تحدث ثورة في مجال الالكترونيات والتكنولوجيا.

وقد سبق وان قام العلماء بمراقبة البلورات القابلة للثني، ولكن هذه هي المرة الاولى التي يدرس فيها الباحثون هذا الامر على المستوى الذري، والتأكيد على ان هذ المادة مرنة حقاً في حين انها لا تزال تحتفظ بخصائصها التقليدية، ويقلب هذا الامر جميع ما متفق عليه بشأن هيكلية هذه المادة رأساً على عقب.

ويقول احد الباحثين الرئيسيين من جامعة كوينزلاند للتكنولوجيا (Queensland University of Technology) جون ماكموروتري (John McMurtrie): “هذه البلورات هي شيء نستخدمه كثيراً، فهي عادة ما توضع بشكل قطع صغيرة، وتكون صلبة وهشة، وعندما تضرب او تتعرض للثني فأنها تتصدع وتتكسر”.

“بينما لوحظ سابقاً ان هناك بعض من هذه البلورات يمكن ثنيها، وهذه هي اول دراسة لاختبار هذه العملية بالتفصيل. نحن وجدنا ان هذه المادة لا تظهر الخصائص التقليدية كمادة صلبة وحسب، وانما لمادة لينة ايضاً مثل النايلون”.

تعتبر بلورات الكريستال هشة بسبب طريقة ترتيب جزيئاتها، فهي هياكل مرتبة بدقة كبيرة من عناصر جزيئية لا متناهية.
هذا يعني انه مهما حاولت النظر لهذه المادة من منظور مختلف فأنه سيبدو بنفس الشكل والترتيب من كل النواحي.

ان هذه الخاصية تجعل هذه المادة مفيدة جداً في مجموعة من التقنيات الحديثة، من الهواتف الذكية الى اجهزة الكومبيوتر. ولكن ايضاً تجعلها صلبة، وسهلة التحطيم، لذا فهي ليست مفيدة في التكنولوجيات الناشئة، مثل الالكترونيات المرنة والاجهزة البصرية.

ولكن اظهر هذا البحث الجديد انه من الممكن زراعة الكريستال المرن والذي يمكن ثنيه لعدة مرات، بشكل سريع قبل ان يعود لشكله الاصلي، تمامًا مثل النايلون.

تمكن فريق البحث من زراعة هذه الكريستالات وكانت بحجم عرض خيط الصيد وبطول 5 سنتيمترات.

والأهم من ذلك، ان هذه البلورات المرنة لا تزال تحتفظ بخصائصها التقليدية للبلورات التي نعتمد عليها في التكنولوجيا، مما يجعلها نوعًا جديدًا كلياً من المواد.

وكتب الباحثون الرئيسيون على موقع ذا كونفيرسيشن (The Conversation): “ان البلورات التي اعددناها تقع خارج حدود ما اعتبرناه مادة صلبة ولينة”.

كون الباحثون الكرستالات المرنة من مركب معدني شائع يعرف بأسم اسيتيلاسيتونات النحاس الثنائي (copper (II) acetylacetonate). وتم صنع هذا المركب لأول مرة في أواخر القرن التاسع عشر، ولكن تم تغيير طريقة ترتيب جزيئاته داخل الكريستال مما اعطاه خاصية المرونة الجديدة.

وباستخدام الاشعة السينية التي ولدها مركز التوليد الاشعاعي الاسترالي (the Australian Synchrotron)، تمكن فريق البحث من دراسة الترتيب الجزيئي للكريستال بهيئته اللينة، مما اظهر ان الجزئيات الفردية تتحرك بشكل عكسي مما يعطي للمادة مرونتها.

وقال رئيس الفريق المتعاون من جامعة كوينزلاند، جاك كليج (Jack Clegg): “عند تعرض هذه المادة للضغط، فإن جزيئاتها تتحرك بشكل عكسي وتعيد تنظيم ترتيبها للسماح بالضغط والتوسع المطلوبين للمرونة، ومع هذا تحتفظ بسلامة التركيب البلوري”.

وبمجرد ما فَهم الباحثون كيفية عمل هذا الامر، فقد تمكنوا من كشف ان البلورات مصنوعة من ستة مركبات معدنية مماثلة في الهيكلية ولها خاصية المرونة ايضاً.

وقال مكمورتري: “يُعتبَر هذا اكتشافًا مثيرًا للاهتمام، نظرًا لوجود الملايين من الانواع المختلفة من البلورات المعروفة مسبقاً والكثير من الانواع غير المكتشفة بعد”.

واضاف: “مرونة الكريستال تغير من خصائصه البصرية والمغناطيسية، وخطوتنا التالية هي اكتشاف هذه الاستجابات البصرية والمغناطيسية بهدف التعرف على تطبيقاتها في التكنولوجيا الحديثة”.

الآن وبعد ان تعرفنا على كيفية عمل هذه البلورات المرنة، فإن التحدي القادم لنا سيكون محاولة معرفة ما يعنيه هذا الاكتشاف لتعريفنا الحالي للكريستال، او في حال اكتشفنا نوعًا جديدًا كليًا من المواد.

وكتب كليج ومكمورتري في موقع ذا كونفيرسيشن: “على سبيل المثال، فقدان التماثل في الكريستالات عندما تكون في حالتها المرنة يعني انها لم تعد صلبة كما يقال في التعريف التقليدي للمادة”.

يمكن ان يكون لهذا الاكتشاف آثار كبيرة على التكنولوجيا، اي انه مع وجود الكرستال المرن يمكن تكوين مواد هجينة وذكية جديدة يمكن ان تستجيب للتغيرات البيئية.

وقال كليج: “بلورات مرنة مثل هذه يمكن ان تؤدي الى تكوين مواد هجينة جديدة للعديد من الاستعمالات، من اجزاء الطائرات والمركبات الفضائية الى اجزاءٍ من اجهزة الحركة او اجهزة استشعار الضغط والاجهزة الالكترونية”.

 

 

 

 

 

 

 

ترجمة: Jazmin Al-Kazzaz

تدقيق وتصميم: Tabarek A. Abdulabbas

المصدر: هنا