إمكانية تأخر اللقاحات الواعدة لفيروس نقص المناعة البشرية دون بحث منسق

تُظهر العديد من اللقاحات والادوية التي تمنع من انتشار فيروس نقص المناعة (HIV)، وبعد ثلاثة عقود من بدء العلماء بالبحث، مؤشرات ناجحة في التجارب السريرية. لكن بعض الباحثين يخشون تأخر التقدم دون استراتيجية مُنسقة لضمان فوز معظم العلاجات الواعدة والمانعة لانتشار العدوى بدعم الزعماء السياسيين والوصول الى الاشخاص الذين يحتاجونها.

يهدف اجتماع عقدته منظمة الصحة العالمية (WHO) في جنيف (Geneva)، سويسرا بتأريخ 28 فبراير/شباط الى 1 مارس/آذار، الى معالجة النقص في التفكير طويل الامد حول العوامل، مثل التكلفة وسهولة الاستخدام، التي تحدد ما اذا كان اللقاح او العلاج الوقائي ينجح في الحد من المرض. يقول بعض الباحثين في مجال فيروس نقص المناعة بأن عليهم دراسة هذه المشكلات الان، في حين استمرار التجارب السريرية للقاحات والادوية المحتملة لمنع الاصابة بالفيروس، ولتجنب التأخير في تقديم العلاجات الفعالة للاشخاص المعرضين لخطر العدوى. يأمل الكثيرون بان يؤدي هذا الاجتماع الى اجراء مناقشات اوسع حول كيفية دعم بحوث كهذه في ضوء الموارد المحدودة، وكيفية تحديد اولويات العلاج في مجال التنمية.

ان انتظار اجراء هذه الدراسات بعد الانتهاء من التجارب السريرية يطيل وقت وصول العلاج الوقائي للاشخاص المصابين وبالتالي سينتشر الوباء. حيث اصيب حوالي 1.8 مليون شخص من جميع انحاء العالم بالمرض عام 2016. يقول رئيس مبادرة لقاح الايدز الدولية (the International AIDS Vaccine Initiative) في مدينة نيويورك، مارك فاينبيرغ (Mark Feinberg) :”تحتاج الى فكرة جيدة عن المكان الذي تريد الوصول اليه وكل الخطوات التي تحتاجها للوصول الى هناك.”

لكن ليس واضحاً من سيتخذ القرارات بشأن المشاريع التي تحدد اولوياتها، او متى ستُتخذ هذه الخيارات.

يشارك حوالي 25,000 شخص من حول العالم في التجارب السريرية للعلاجات الوقائية لعدوى الفيروس. وتختبر اثنتا عشرة تجربة في مراحلها الاخيرة اللقاحات التجريبية، وتشمل 2600 شخص في جنوب افريقيا يدرسون لقاح مصمم لعرقلة سلالات متعددة من الفيروس. واخرون يقومون بتقييم امكانات البروتينات المسماة بالاجسام المضادة المعادلة بصورة عامة، والتي قد تمنع الفيروس من اصابة الخلايا المناعية للشخص. ادرج 7700 شخصًا في زوج من الاختبارات في مرحلتها الثالثة لاختبار ما اذا كان حقن عقار كابوتجرافير (Cabotegravir) يمكن ان يمنع الاصابة بالفيروس لمدة شهرين في كل مرة.

– مخاوف توصيل العلاج

سيناقش الباحثون والزعماء السياسيين وناشطون في مجال فيروس نقص المناعة في الاجتماع العقبات التي تحد من استخدام اللقاحات والعلاجات القوية ضد الامراض الاخرى، مثل التكاليف المرتفعة ومتطلبات التسليم الشاقة. يواجه المنظمون، وبسبب عدم وصول اي علاج لنسبة حماية تصل الى 100% ضد الفيروس، قرارات صعبة عند النظر في تكلفة والجهد المبذول لتقديم العلاج للاشخاص المعرضين للخطر. وجدت دراسة عام 2009، على سبيل المثال، لاختبار في مرحلة ثالثة لاكثر اللقاحات الواعدة التي تم تعيينها حتى الان ان يقلل من خطر اصابة الشخص بفيروس نقص المناعة بنسبة ثلث فقط. ولم تنصح السلطات الصحية باستخدامها على نطاق واسع.

يجري اختبار نسخة مطورة من هذا اللقاح الان على 5400 شخص في جنوب افريقيا، ويأمل الباحثون ان يقلل هذا اللقاح من فرص اصابة الاشخاص بالفيروس بنسبة %50 على الاقل. ولكن حتى لو نجحت التجربة، فإن التكلفة وصعوبة اداء اللقاح، والتي يجب ان تعطى بشكل ست جرعات على مدى 18 شهر، يمكن ان تجعل بيعها صعباً الى الزعماء السياسيين والممولين. يكافح العاملون في الرعاية الصحية حول العالم في اقناع الناس الاصحاء باخذ حقنة واحدة تكون فعالة للغاية ضد الامراض الفتاكة الاخرى.

مخاوف مماثلة تحيط الاجسام المضادة المطورة، لانها تُعطى بشكل حقن في الوريد، وليس واضح كم سيستمر العلاج ليمنع فيروس نقص المناعة. تصنيع الاجسام المضادة مكلف للغاية. يقول ميتشل وارن (Mitchell Warren) المدير التنفيذي لمنظمة تأييد لقاح الايدز (AVAC) وهي منظمة دفاع للوقاية ضد فيروس نقص المناعة في مدينة نيويورك، يجب ان يكون العلماء مستعدين لاختيار اي المشاريع ستتأخر، وايها تزود بدراسات تهدف الى تطوير طرق ارخص واسهل للتحكم بالعلاج المعطى.

المال محدود، ومجموعة الاشخاص المتوفرون للتجارب السريرية كذلك، مما يجعل الامر اكبر واكثر تعقيداً كلما تقدم اللقاح او العلاج بالاجسام المضادة نحو السوق. يقول وارن :”سنحتاج الى تحديد الاولويات، ويجب ان يكون هذا الرأي مدفوعاً الواقع العلمي والمالي، ويجب ان تكون عملية اتخاذ القرار واضحة وشفافة.”

يواجه الباحثون مشكلة اخرى وهي كيفية تحسين احتمالية اخذ الناس المعرضين للاصابة بالفيروس للعلاج الوقائي. النجاح غير مضمون: فلم يقلل اخذ حبة من دواء تروفادا (Truvada) للوقاية من عدوى فيروس نقص المناعة عدد حالات الاصابة الجديدة بالفيروس عالمياً منذ اقرار الهيئات التنظيمية بذلك قبل ست سنوات. ففي شرق وجنوب افريقيا، على سبيل المثال، نادراً ما تتناول النساء الشابات الدواء، على الرغم من انهم يسجلون نسبة %26 من الاصابات الجديدة في المنطقة. يقول مؤسس المنظمة الافريقية للوقاية من فيروس نقص المناعة البشرية في مدينة جوهانسبرغ (Johannsberg) في جنوب افريقيا، تيان جونسون (Tian Johnson) لم يفكر الباحثين في كيفية تأثير الفقر، والحمل، والتمييز، وسوء المعاملة على ما اذا من المرجح ان تسعى الشابات المعرضات للخطر الى دواء تروفادا. ويقول ايضاً :”اذا تجاهلت تعقيدات وواقع الحياة اليومية للمرآة، فإنك تخاطر بملايين الدولارات التي تستثمرها في تطوير منتج ما.”

يقول فاينبيرغ انه على الرغم من التحديات المقبلة، فإن حقيقة اجراء مناقشات كهذه هو خطوة مهمة للامام.
ويقول :”لا يمكنك البقاء في المجهول، انت بحاجة الى المضي قدماً والتفكير في طرق يمكننا كمجتمع لتطوير الابحاث استخدامها في حل هذه المشكلات، وهي يمكن حلها بالفعل.”

 

 

 

 

 

ترجمة: Noor A Muhsin

تدقيق: Jazmin Al-Kazzaz

تصميم ونشر: Tabarek A. Abdulabbas

المصدر: هنا