الحصبة تعود حول العالم والأسباب يجب أن تجعلنا نخجل من أنفسنا

لم يعمل العالم بما فيه الكفاية ليطور التغطية بالتطعيم، وتشهد الحصبة الآن طفرة جديدة في جميع أنحاء العالم تقريباً. وفقاً لتقرير جديد من منظمة الصحة العالمية WHO ومراكز الولايات المتحدة لمكافحة الأمراض والوقاية منها فإن في السنة الماضية وصلت حالات الحصبة الشائكة المبلغ عنها إلى أكثر من 30 بالمئة على الصعيد العالمي.

ولقد حذر الخبراء لسنوات أن شيئا مثل هذا يمكن أن يحدث بالرغم من أن الحصبة يسهل الوقاية منها بجرعتين من اللقاح وبذلك نحتاج تغطية 90 بالمئة لإيقاف حدوث التفشي. حالياً لايزال الهدف بعيداً جداً. ولقد فشلنا بالحصول على تلقيح تغطية علامات 85 بالمئة للعشر سنوات الماضية تقريباً. وبعد سنوات من المعاناة، الثغرات في التلقيح بالنهاية تأثيرها كبير. في عام 2017، وجد التقرير الجديد لمنظمة الصحة العالمية WHO خمسة من أصل ست مناطق جربت زيادة سريعة في تفشي الحصبة وخاصة في الأمريكتين وأوروبا وشرق البحر الأبيض المتوسط. فقط في غرب المحيط الهادئ كانت أعداد حالات الإصابة بالحصبة تنخفض.

تحذر سوميا سواميناثان نائبة المدير العام للبرامج في منظمة الصحة العالمية WHO من أنه بدون الجهود الملحة لزيادة نسبة التطعيم وتحديد السكان بموجب مستويات غير مقبولة أو الأطفال غير المطعمين نخاطر بإهدار عقود من التقدم لحماية الأطفال والمجتمعات. وليس أمامنا سوى أن ننظر لأجيال قليلة لنفهم حقاً ما يعني هذا للعالم.

وقد شهد العالم تفشي إصابات كبيرة بوباء الحصبة كل عدة سنوات حيث لم تكن هناك لقاحات قبل عام 1963. بعد مضيّ خمسة عقود العالم اقترب أكثر من أي وقت مضى للقضاء على هذا المرض شديد العدوى الذي يمكن أن يكون مميتاً.

في الحقيقية، البلدان مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأستراليا ونيوزيلندا واليابان قامت بذلك بالفعل والعديد من الدول الأخرى على وشك القيام بذات الشيء.

لقد كان تأثير مثل هذه التدابير استثنائيا فمنذ مطلع القرن الحالي قد أنقذت لقاحات الحصبة حياة حوالي 21 مليون شخص، وتضاءلت حصيلة الوفيات في العالم حوالي 80 بالمئة فقط بـ 17 سنة . لكن بعد سنوات من التقدم بدأت الأمور تتجه نحو الأسوأ ويرجع السبب في ذلك إلى حد كبير في قلة التمويل وحدوث زيادة بالمعلومات المضللة.

قالت سواميناثان: “إن عودة الحصبة يثير قلقا شديدا مع حالاث التفشي المنتشرة عبر الأقاليم وخصوصاً في البلدان التي قد حققت أو كانت مقتربة من تحقيق القضاء على الحصبة،… . كمجتمع عالمي، لدينا وسيلة فعالة وآمنة للقضاء على الحصبة في أيدينا وحتى الآن نستمر بالسقوط باستخدام السلاح في اليد. بدلاً من ذلك نجري على سلالم المرض مرة أخرى”.

في عام 2017، وجد تقرير أن 20.8 مليون مولود حول العالم عجز عن الحصول على أول لقاح حصبة. ويصرح سيث بيركلي الرئيس التنفيذي للتحالف العالمي للقاحات والتحصين أن الارتفاع في حالات الحصبة يثير قلقاً بالغا. لكنه ليس مفاجئاً بل متوقعاً؛ لأن معظم خبراء الصحة العامة قد تبينوا حدوث هذا منذ سنوات.

وقد حذرت منظمات مثل منظمة الصحة العالمية WHO وشركائها في مبادرة مكافحة الحصبة والحصبة الألمانية من أنه إذا لم يتم تعزيز معدلات التطعيم فإن هذا المرض الذي يمكن الوقاية منه يمكن أن يرجع.

ولأن الحصبة تحدث تهديداً أقل بكثير اليوم، قد أصبحت العديد من الدول غير مبالية في محاولاتها لضمان القضاء عليها، بالإضافة إلى ذلك، فإن الشائعات الكاذبة والمفاهيم الخاطئة والخرافات حول اللقاح لم تؤد إلا إلى زيادة تفشي الحصبة مؤخراً، وخاصة في أوروبا، حيث تظهر المعلومات المضللة بشأن لقاح الحصبة أن تغطية التحصين في بعض المناطق يقل عن 70 بالمئة.

ويوضح بيركلي أن الرضا عن هذا المرض وانتشار الأكاذيب حول اللقاح في أوروبا وانهيار النظام الصحي في فنزويلا وضعف الدعم المالي وانخفاض تغطية التحصين في أفريقيا جميعها تحضر طفرة جديدة من الحصبة بعد سنوات من التقدم.

ويدعو مؤلفو التقرير إلى اتخاذ إجراء عاجل. يقولون أننا بحاجة إلى استثمار مستمر حتى يمكن تعزيز خدمات التطعيم الروتينية، خاصة بين المجتمعات الأكثر فقراً والأشد تهميشاً . وفي الوقت ذاته، يناقشون بأننا نحتاج أيضاً إلى ضمان الدعم العام للتحصينات ومكافحة التضليل والتردد حول اللقاحات قدر الإمكان وفي أقرب وقت ممكن .

كما يقول بيركلي: “إن تغيير الاستراتيجيات الحالية يحتاج المزيد من الجهد لزيادة التغطية بالتلقيح الروتيني وتقوية الأنظمة الصحية وإلا فإننا سنواصل مطاردة التفشي واحدا بعد الآخر”.

ترجمة: Sara Ibrahim
تدقيق لغوي: سيرين منذر
تصميم: Hasan Alaa
نشر: Mariam Ismail
المصدر: هنا