كيف نستمع الى الكون ؟

كما في المقولة القديمة، في افلام المخرج ريدلي سكوت :” في الفضاء لا يمكن لأحد ان يسمع صراخك” . ولكن في الحقيقة ، ما تسمعه او لا تسمعه في الفضاء هو مسألة تتعلق بالتكنولوجيا , فالصوت هو موجة ميكانيكية ولكي تتولد فهي تحتاج الى وسط مادي ولا يمكنها أن تنتشر في الفراغ . ونحن نعلم أن الفضاء فارغ بنسبة كبيرة جدآ ، ولكنه ليس فارغآ تمامآ , فالكون مليء بالجسيمات . نعم، هناك مساحات شاسعة لا يملأها اكثر من نصف كتلة بروتون واحد لكل متر مكعب ! ولكن النظم الكواكبية والسدم تكون اكثر كثافة و بامكانها ان تنقل الاصوات . إن هذه الاصوات ليست مُتاحة في نطاق السمع للاذن البشرية ، ولكن يمكن قياسها وتحويلها الى شيء ممكن ان نستمع اليه . ومن بين الاصوات الفضائية الاكثر شهرة ( والمخيفة نوعآ ما ) ، هناك تسجيل من مكان بعيد جدا يعود الى تسجيلات المركبة ( فوياجير ) للامواج البلازمية بين النجوم , وهذه التسجيلات مدتها 12 ثانية وواضحة بشكل مدهش . لقد قمنا بإرسال آلة من صنع الانسان ، وهي المركبة ( فوياجير 2 ) لمسافة بعيدة عن كوكبنا بحيث اصبح بامكانها ان تلتقط امواج ناتجة عن حركة جسيمات في الفضاء بين النجوم . إن الموجات الميكانيكية تلعب دورآ مهمآ في تكوين النجوم , فإنهيار الغازات الى داخل النجم يعتمد على سرعة الصوت , وحتى التشكيلات الجميلة التي نراها في بقايا ال( السوبر نوفا ) لها علاقة بالصوت . إن المواد التي يقذفها النجم تتحرك بسرعات تفوق سرعة الصوت وتصطدم بالوسط المادي بين النجوم ، لترفع حرارته الى ملايين الدرجات المئوية ولتتكون في النهاية مناظر مثل (سديم السرطان) . وكذلك فإن العلماء يستمتعون بانتاج الاصوات للاشياء اللتي لا تصدر صوتآ بطبيعتها , فالموجات الراديوية على سبيل المثال , لقد أخذ العلماء تردد الاشارة الراديوية ( 3 كيلو هرتز الى 300 گيگا هرتز ) وحولوها الى صوت مسموع بتردد محدث (20 هرتز الى 20 كيلو هرتز ) , لذلك وبالرغم من ان الاشارات الراديوية هي نوع من الضوء ، فأنه من المفيد اكثر ان نستمع لها كصوت من أن نراها خريطةً ضوئيةً لمصدرٍ ما . إن بإمكاننا أن نستمع الى صوت الاتصالات الراديوية على الارض ، وصوت البرق على المشتري وكذلك بإمكاننا سماع صوت الانبعاثات الراديوية من كوكب زحل . ولكن ليس فقط كموجات راديوية , بل كأيِّ موجةٍ يمكن تحويلها الى صوت . لقد تمكن الفيزيائيون من تحويل موجات الجاذبية (المكتشفة في العام الماضي) الى تغريد جميل . وهذه الأصوات لا تُسْتَخْدَمُ للاغراض العلمية فقط ولكن للفن أيضآ , فجامعة (الملكة ماري) تقيم حاليآ مسابقة الأفلام القصيرة للاصوات الفضائية . نحن نعتمد بشدة على حاسة السمع لدينا ، فأحيانا تكون للمتعة وفي أحيان أُخرى من أجل الفائدة , وبفضل ألفية كاملة من الموسيقى ، فنحن نبرع بتمييز النغمات وأنماط الأصوات , وكما بواسطة هذه الحاسّة يمكننا ان نستمِع لأشياء لا يمكننا ايجادها بسهولة في البيانات التي نقرأها , كذلك فبالتكنولوجيا الصحيحة ، نستطيع أن نستمع الى موسيقى (الزمكان) نفسه , أي الى الأصوات بالكيفية التي صدرت بها في زمانها ومكانها .

 

 

 

ترجمة : Ahmed Shareef

تدقيق لغوي : علي لفتة البازي

المصدر : هنا