يمكن لموجات الجاذبية أن تُظْهِرَ أشاراتٍ من الأبعاد الإضافية

يمكن لموجات الجاذبية أن تُظْهِرَ أشاراتٍ من الأبعاد الإضافية التي لا تؤثر عادة على الأبعاد الأربعة والتي يمكن أن نتبينها من خلال تشويهها للتموجات الزمكانية (الزمان_المكان) , إن للثقوب السوداء أبعاداً إضافيةً خَفيّة . وهنا يُمْكِنُ لهذه الأبعاد الخفية أن تتسبب بتموجات من خلال الواقع وذلك عن طريق تعديل موجات الجاذبية . إن إكتشاف مثل هذه التوقعات عن الأبعاد الإضافية يُمْكِنُ أن يساعد في حل بعضٍ من أكبر أسرار الكون. لقد تساءل الفيزيائيون منذ فترة طويلة عن سبب ضعف الجاذبية مقارنة بالقوى الأساسية الأخرى. قد يكون هذا لأن بعض منها يتسرب بعيدا إلى أبعاد إضافية تتجاوز الأبعاد المكانية الثلاثة التي نعيشها. إنَّ بعض النظريات التي تسعى لشرح الجاذبية وآثارها الكيفية والكمية معا- بما في ذلك نظرية السَلْسَلة – فإنَّ ذلك يتطلب أبعاداً إضافيةً ، وفي كثيرٍ من الأحيان مع انتشار الجاذبية من خلالها . ومن ثَمَّ فإن العثور على أدلة على مثل هذه الأبعاد الغريبة يمكن أن يساعد على تمييز الجاذبية، أو إيجاد وسيلة لتوحيد الجاذبية والميكانيكا الكميّة، بل يمكن أن يشير إلى تفسير الأمر التالي وهو ( لماذا يتسارع توسع الكون؟) . هذا وإنَّ اكتشاف الأبعاد الإضافية يمثلُ تحدياً فعلياً . وأي شيء موجود حولنا يجب أن يكون صغيرا جدا من أجل تجنب الآثار الواضحة على حياتنا اليومية.

لقد كانت الآمالُ عاليةً (ولا تزال) وأنها سوف تظهر في مصادم الهادرون الكبير، لكنه لم تَظْهَرْ بعد أيُّةُ علامةٍ على الفيزياء وراء أبعادنا الأربعة تلك . ومع ذلك فقد ظهر في العامين الماضيين أمل جديد . لقد تم الكشف عن موجات الجاذبية ، (التموجات الزمكانية) الناجمة عن حركة الأجسام الضخمة، لأول مرة في عام 2015. وبما أن الجاذبية من المرجح أن تحتل كل الأبعاد الموجودة ، فإنَّ موجاتها هي الوسيلة الواعدة بشكل خاص للكشف عن أي أبعاد تتجاوز تلك التي نعرفها . يقول (غوستافو لوسينا غوميز) من معهد ماكس بلانك لفيزياء الجاذبية في بوتسدام بألمانيا: “إذا كانت هناك أبعاد إضافية في الكون، فإن موجات الجاذبية يمكنها السير على طول أيٍّ مِنْ تلك الأبعاد، حتى الأبعاد الإضافية منها”. وقد حدد (لوسينا غوميز) وزميله (ديفيد أندريوت) كيفية التمكن من حساب التأثيرات لتلك الأبعاد الإضافية المحتملة على موجات الجاذبية التي نستطيع مراقبتها , وقد وجدوا تأثيرين غريبين وهما : 1. الموجات الإضافية أثناء الترددات العالية . 2. إمكانية التعديل لكيفية إمتداد موجات الجاذبية. وبينما تنتشر موجات الجاذبية من خلال بعد إضافي صغير، وجد فريق البحث أنه ينبغي أن يُوَلِّدَ “البُرْجُ” موجاتِ جاذبيةٍ إضافيةً وبترددات عالية ذات أبعاد توزيعٍ مُنْتَظِم . ولكن يبدو أنَّ المراصد الحالية لا تستطيع الكشف عن تلك الترددات العالية ، وكذلك فإنَّ مِعْظَمَ المراصد المخطط لها تركِّز فقط على الترددات المنخفضة , وبما أن هذه الموجات الزائدة قد تكون في كل مكان، فسوف يكون من الصعب معرفة ذلك على الفور, وهذا فيما يتعلق بالتأثير الأول , أمّا التأثير الثاني للأبعاد الإضافية فقد يكون أكثر قابلية للكشف، لأنه يعدل موجات الجاذبية “الطبيعية” التي نلاحظها بدلا من إضافة إشارة لها .

يقول (لوسينا غوميز) : «إذا كانت الأبعاد الإضافية في عالمنا، فإن ذلك من شأنه أن يُمَدِّدَ أو يُقَلِّصَ الزمكان بطريقة مختلفة لن تؤديها موجات الجاذبية القياسية أبدا». وكما إنَّ موجات الجاذبية تسبح خلال الكون، فإنها تمتد وتسبرُ أغوارَ الفضاءِ بطريقةٍ محددةٍ جدا. إنها مثل السَحّابٍ على الشريط المطاطي , فإنَّ القَطْعَ غير المُنْتَظِم له يَتَسَبَّبُ في أنْ يكونَ أحدُ الإتجاهينَ أطولَ مِنَ الآخر، ومن ثم يعود إلى شكله الأصلي عندما يتم إبعاده عن الشريط المطاطي . ولكن الأبعاد الإضافية تضيف طريقة أخرى لموجات الجاذبية تعمل على تحوير شكل الفضاء ، ويدعى وضع التنفس . إنَّها مثل الرئتين عندما تتنفس ، فإنَّ الفضاء يتوسع وتكثرُ تعقيداته فكما إنَّ موجات الجاذبية تمر، فكذلك يحدث التمدد والسحق . يقول لوسينا غوميز: “مع المزيد من أجهزة الكشف سنتمكن من معرفة ما إذا كان هذا الوضع يحدث أم لا”. ويقول إميليان دوداس من مدرسة البوليتكنيك في فرنسا: “لقد تمت مناقشة أبعاداً إضافيةً ولفترةٍ طويلةٍ جداً ومن وجهات نظرٍ مختلفة”. “ويمكن أن تكون موجات الجاذبية هذه تطورا جديدا للبحث عن أبعاد إضافية أخرى”. وتبقى هناك مفاضلة : وهي إنَّ الكشف عن بُرْجٍ من موجات الجاذبية عالية التردد من شأنه أن يشير – إلى حد ما- وبشكل قاطع إلى وجود أبعاد إضافية أخرى ، ويمكن تفسير وضع التنفس (الذي أُشيرَ إليه سابقا) بواسطة عدد من النظريات غير القياسية الأخرى من الجاذبية وكما يقول (دوداس) : “ربما لا يكون هذا التوقع فريداً , ولكنَّ الأمر سيكون مثيرا جدا”.

 

 

 

 

ترجمة : ‎Banen Adel‎

تدقيق لغوي : علي لفتة البازي 

التصميم : Ali Alburky

المصدر : هنا