فيزيائيون وجدوا أنه يمكن لثلاثة ثقوبٍ سوداء تدور في مدارات أن تكسر التناظر الزمني

تخيل مشاهدة كوكب يدور حول مسار معين. وتخيل بأنه يمكنك تسريع الوقت، لمشاهدة الكوكب يدور بسرعة نوعاً ما. نظرياً، من مشاهدتك لحركة الكوكب، لا يمكنك معرفة إذا كان الزمن يمشي للوراء أم للأمام. وذلك لأن قوانين الفيزياء لا تبالي بأتجاه الزمن، فهو يعطي نفس النتائج. هذه الخاصية تسمى بالتناظر الزمني في الفيزياء. التناظر الزمني يفسر كيف تعمل قوانين الفيزياء بالصورة نفسها بغض النظر عن أتجاه الزمان، سواء أكان للخلف أم للأمام.

في الحقيقة، لا يمكن كسر التناظر الزمني من أجل الرجوع إلى الماضي. مثلاً، القدح المكسور لا يمكن أن يرجع إلى أصله من تلقاء نفسه. حتى الآن، شرح العلماء هذه النظرية بالنظر إلى أشياء كبيرة، فيجب أن تترتب جسيمات عديدة في القدح المكسور بشكل منظم لكي يرجع إلى أصله.

هذا العجز في إرجاع الزمن إلى الوراء يعود إلى مشكلة الجسم ن (n-body problem). تهتم الدراسات في هذه المشكلة بتوقع الحركة المستقبلية لعدد معين من الأجسام الفضائية الذي يؤثر أحدهُ على الآخر بالقوى الجاذبية.
مثالٌ على هذا ما يمكن أن يرى في مجموعتنا الشمسية. فإذا أردت معرفة حركة القمر بالنسبة إلى الشمس، يجب عليك أولاً أن تأخذ بنظر الأعتبار المكان النسبي للشمس والأرض والقمر، بالأضافة إلى تأثير جاذبية بعضهم على البعض الآخر. لإننا نأخذ بنظر الأعتبار ثلاثة أجسام، ويمكن أن يعرف هذه بمشكلة ٣-أجسام (3- body problem).

وقد وجد أنه إن كان هناك أكثر من جسمين في المشكلة، فلا يوجد حل لها بدقة – حركة أكثر من جسمين لا يمكن توقعها بدقة مئة في المئة.بالأضافة إلى ذلك، عندما قام العلماء بتحليل مشكلة الجسم ن للوراء، تعجبوا من النتيجة التي أظهرتها، فالأجسام لم ترجع إلى نقطة التي بدأت منها. إلى حد الآن، لا أحد يعرف أن كان هذا بسبب الطبيعة الفوضوية لتلك الأجسام، أم بسبب وجود خلل في الدراسة والرياضيات المتبعة.

أما الآن، ثلاثة فلكيين أظهروا حقيقة إستحالة الرجوع في الزمن، وحقيقة أنه يتطلب ثلاثة أجسام لكسر التناظر الزمني. قادَ الفلكي جاردا بوكهولت فريقاً من جامعة أفييروا في البرتغال لدراسة ذلك، ووجدوا أن التناظر الزمني يمكن كسره بثلاثة أجسام متفاعلة مع بعضها بقوة الجاذبية.

أستطاع الفلكيون أن يحسبوا كيف أن دوران ثلاثة ثقوب سوداء يمكنه التأثير على دوران بعضها البعض، بإستخدام محاكاتين.
في كل محاكاة، غير الباحثون مواقع الثقوب السوداءَ لمعرفة كيف يؤثر هذا على حركتهم بمرور الزمن.
في المحاكاة الأولى، بدأت الثقوب السوداء من موقع ثابت وتحركت نحو بعضها البعض بمدارات معقدة. قبل أن يفترق واحد من الثقوب السوداء عن الأثنين الآخرين. تبدأ محاكاة ثانية عند أنتهاء الأولى، وتتم محاولة إرجاع الزمن للوصول إلى الموقع الأصلي الذي بدأت منه المحاكاة الأولى.

وجد الباحثون أن في 5% من الزمن، لا يمكن للمحاكاة أن ترجع الثقوب السوداء إلى مواقعها الأصلية. كل ما تطلب أن يحدث هو تغيرٌ بسيط في النظام بحجم طول بلانك الذي هو أصغر وحدة للطول, بقياس 1.6 * 10 ^ -35 متر.
وضح بوكهولت النتائج بالقول: “حركة ثقوب السوداء الثلاثة يمكن أن تكون عشوائية بشكل هائل بحيث شيءٌ بصغر طول بلانك يؤثر على حركة مساره. وأضطرابات بحجم طول بلانك لها تأثير عظيم ويمكنها أن تكسر تناظر الزمن. ”
هذه الدراسة مهمة للغاية، لإنها تظهر أن المحاكاة ليست على خطأ في عجزها عن حل مشكلة الجسم ن، أو في إرجاع الزمن إلى الوراء. ويبدوا أننا لا يمكننا أبداً معرفة أي جزء من المحاكاة يدخل في هذه الـ 5%، والأستنتاج على أن أنظمة الجسم ن “غير متوقعة مبدئياً”.

 

المصدر: هنا

 

ترجمة: محمد كريم
تدقيق وتصميم: تبارك عبد العظيم
نشر: Abilta E Zeus