كم الساعة الأن؟

 

 

السؤال المتكرر

رُبما يُطرح هذا السؤال البسيط في وقتنا الحالي أكثر من أي وقت مضى. إذ تستغرق الإجابة عنه في عصر الهواتف المدرجة فيها الساعة إلى مجرد نظرة سريعة وبذلك يمكننا تقسيم أيامنا بهدوء إلى أوقات إضافية قصيرة لجدولة المهام بإحكام، ونكون على ثقة أن المهمة ستكون الساعة 6:03 مساءاً.

لكن الكشف العلمي الحديث عن الوقت يجعل السؤال مُحبطاً إلى ما لا نهاية. إذا بحثنا عن معرفة دقيقة بالوقت، فإن اللمحة اللامحدودة لـ(الأن) تتلاشى في حزمة مشتتة من النانو ثانية.إن تصوراتنا للحاضر، على الرغم من تقيدها في سرعة الضوء وسرعة النبضات العصبية، ترسم العالم كما كان منذ لحظة، على الرغم من كل ما يدعي وعينا به خلاف ذلك، إذ لا يمكننا اللحاق بالوقت الصحيح أبداً.

حتى من حيث المبدأ، فإن التزامن المثالي يهرب منا. تفرض النظرية النسبية أنه مثل شراب غريب، يتدفق بوقت أبطأ في القطارات المتحركة من المحطات وأسرع في الجبال منه في الوديان. إن الوقت في ساعة اليد أو الشاشة الرقمية ليس نفسه في رأسنا. إذاً يكون حوالي الساعة 6:04 مساءاً.

إن حدسنا متناقض للغاية. يمكن للوقت أن يشفي كل الجروح، لكنه أيضاً يعد المدمر الكبير. إن الوقت نسبي ولكنه متواصل. هناك وقت لكل هدف على الأرض، ولكن لا يوجد ما يكفي منه أبداً. الوقت يطير ويزحف ويسابق. يمكن للثانية أن تنقسم وتتمدد، مثل المد والجزر، لا ينتظر الوقت أحد، ولكن في اللحظات الحاسمة يبدو وكأنه يتوقف. إنه شخصي مثل سرعة ضربات قلب شخص ما ولكن عام مثل برج الساعة في ساحة البلدة. نحن نبذل قصارى جهدنا للتوفيق بين التناقضات. يبدو أن الساعة الأن 6:05 مساءاً.

الوقت ثمين. فهو شريك التغيير وخصم السرعة والعملة التي نهتم بها. هو سلعتنا الغالية التي لا يمكن الإستغناء عنها. مع ذلك نقول أننا لا نعرف إلى أين يذهب، ونقضي ثلثه بالنوم، ولا يمكن لأي منا أن يحسب مقدار ما تبقى منه لدينا. يمكننا إيجاد 100 طريقة لتوفير الوقت، لكنه سيبقى يتناقص بشكل ثابت. إنها بالفعل الساعة 6:06 مساءاً.

يشكل كل من الوقت والذاكرة تصوراتنا لذاتنا. قد نشعر بأننا تحت رحمة التاريخ، لكننا نرى أيضاً أنفسنا كعملاء ذوي إرادة حرة للمستقبل. يتعارض هذا المفهوم بشكل غريب مع أفكار الفيزيائيين والفلاسفة، لأنه إذا كان للوقت أبعاد مثل أبعاد الفضاء، فإن الأمس واليوم وغداً تكون كلها محددة ومصممة بالقدر نفسه. إن المستقبل موجود والماضي كذلك، ولكنه في مكان ما لم نزره بعد، الساعة الأن 6:07 مساءاً.

كتب الكاتب الأرجنتيني خورخي لويس بورخيس (Jorge Luis Borges) :” الزمن هو المادة التي أنا مصنوع منها، والزمن نهر يجرفني، لكنني أنا النهر، وهو نمر يفتك بي لكنني أنا النمر. وهو نار تحرقني لكنني أنا النار”. يلخص هذا العدد الخاص من مجلة العلماء الأمريكييون (Scientific American) ما إكتشفه العلم حول كيفية تغلغل الوقت وتوجيه كل من عالمنا المادي ودواخلنا. يجب أن تثري هذه المعرفة الخيال وتوفر مزايا عملية لأي شخص يأمل في التغلب على الساعة أو على الأقل مواكبة ذلك. الساعة الأن 6:08 مساءاً، إضبط ساعتك.

 

المصدر: هنا

 

ترجمة: داليا نبيل
تدقيق: ياسمين القزاز
تعديل الصورة ونشر: Abilta E Zeus