هذه المورثة (الجين) يمكنها جعل الفيروسات، الى حد ما، غير مرئية بالنسبة للجهاز المناعي

جهاز المناعة لدينا عظيم في حمايتنا من الجراثيم التي تحيط بنا كل يوم __ لكن في كل آلة، توجد مكامن للخلل.

مورثة واحدة تحمي الجسم من اضطرابات المناعة الذاتية ( حيث يهاجم الجسم نفسه ) كما تساعد، بصورة خفية، على دخول الفيروسات بجعلها غير قابلة للكشف. لكن كيفية انتهاء القصة يعتمد على مقدار محاولة الفيروس في التوغل الى الداخل. وفقا لدراسة جديدة نُشرت في (29 تشرين الثاني 2018) في مجلة (PLOS Biology).

وجد العلماء ان هذه المورثة تدعى (الادينوسين النازع لجزئية الأمين ) (adenosine deaminase) وتعمل على الحمض النووي الريبوزي (RNA 1 ) او (ADAR 1 ) وتعني (Adenosine deaminase acting on RNA) أي الادينوسين النازع للامين الذي يعمل على الحامض النووي الريبوزي ويحمي الجسم من كميات كبيرة من الفيروسات ولكنه يسمح بدخولها فقط في حالة كون الفيروسات باعداد قليلة.
ADAR 1 و البروتين المشفر له يحمي الجسم من مهاجمة نفسه عن طريق إيجاد وتفكيك الشريط المزدوج للـ (RNA) وهو مقارب وراثيا للحمض النووي الريبوزي منقوص الاوكسجين ( DNA) في شريط واحد. RNA يمكن ان يكون بأشكال مزدوجة او مفردة، ويؤدي وظائف متعددة في الجسم.

قال المؤلف الكبير روبروتو كاتانيو، أستاذ الكيمياء الحيوية و علم الاحياء الجزيئي في مايو كلينك في روشستر في ولاية مينيسوتا الامريكية؛ في المقام الأول، من غير الواضح لماذا يقوم RNA المزدوج بتنشيط الجهاز المناعي، لكن ذلك قد يعود الى أصول الحياة المبكرة للغاية على هذا الكوكب.

تقول احدى النظريات ان الخلايا البدائية تحمل الـ RNA كمادة وراثية. في النهاية، بدأت الخلايا باستخدام DNA، بينما بدأت اغلب الفيروسات بتشفير المعلومات الوراثية في RNA. ( ليست كل الفيروسات تخزن معلوماتها الوراثية في الـ RNA، إذ أن البعض منها يخزن المعلومات في DNA. )

لذلك، قال كاتانيو لـموقع Live Science” بدأت الخلايا بإنشاء نظام المناعة الفطري للدفاع عن نفسها و للتعرف على RNA المزدوج كمتطفل. عندما يكون الجين ADAR1 ناقصا، فانه لا يستطيع تحويل بعض RNA المزدوج المنتج من قبل الجسم الى RNA مفرد. بعدها تقوم الأجزاء الصحيحة من الشريطين المزدوجين بتنشيط الجهاز المناعي.

وهذا يمكن ان يؤدي الى مرض مناعي ذاتي يصيب الأطفال الرضع يطلق عليه متلازمة Aicardi-Goutiéres. هذا الاضطراب الحاد يسبب مشاكل في الدماغ، الجهاز المناعي، و الجلد، وفقا للمعهد الوطني للصحة.

لكن قال كاتانيو ” المرضى الذين لديهم خلل في هذا البروتين … في الواقع، يقاومون الفيروسات بشكل جيد جداً”. استخدم الفريق في المختبر أداة تعديل الجينات القوية CRISPR-CAS9 لحذف ADAR1 في الخلايا البشرية، مع ترك الخلايا الأخرى سليمة. بعدها قاموا بإصابة الخلايا التي تحتوي على الجين العامل – السليم – او الجين المحذوف بكميات مختلفة من فيروس الحصبة. ( فيروس الحصبة يخزن معلوماته الوراثية في RNA بدلا من DNA.
وعلى الرغم من ان الفيروس يصنع، عادة، RNA مفرداً، الا انه يمكن ان يرتكب أخطاء ويصنع بعض السلاسل المزدوجة أيضا). قام الفريق بإصابة الخلايا بفيروس حصبة متحول يحمل المزيد من RNA المزدوج وراقبوا ما حدث فوجدوا أنه في الخلايا المحذوف منها ADAR1، حتى الكمية القليلة من RNA المزدوج الفيروسي قامت بتنشيط الجهاز المناعي.

أما الخلايا ذات ADAR1 العامل فقامت بالتعديل على RNA المزدوج، كما هو متوقع. في هذه الخلايا، وجدوا ان نقطة البداية ( العتبة ) لتفعيل الجهاز المناعي هي حوالي 1000 قطعة من RNA المزدوج الفيروسي.
وفي حال الزيادة لاكثر من هذا العدد، فان الجهاز المناعي يكتشف الفيروس.

قال هاتشونع تشونغ، باحث ما بعد الدكتوراه خريج من جامعة روكفلر في مدينة نيويورك، والذي لم يشارك في البحث، انه من المهم الان معرفة الاليات التي تستخدم من قبل الاشكال المختلفة من جين ADAR1 لتحويل DNA المزدوج الفيروسي.

الحصبة ليس الفيروس الوحيد الذي يمكنه – اختطاف – الجهاز المناعي. وقال كاتانيو انه يأمل ان يحدد بدايات (عتبات ) التنشيط للفيروسات الأخرى، مثل فيروس الحمى الصفراء وفيروس شيكونغونيا ( وينتشر كلاهما بواسطة البعوض ). وقال كاتانيو، ان تحوير نقطة البداية (العتبة ) قد يؤدي الى إمكانية وجود خيارات لعلاجات مضادة للفيروسات.

ترجمة ونشــر : Abilta E Zeus
تدقيــق : مهند هادي
تصميــم : Hussam Ajeel

المصدر: هنا