استبدال خلايا بيتا بخلايا ألفا لعلاج داء السكري

 

 

صرح فريق في جامعة تكساس ساوث ويسترن (UT Southwestern) في دراسة جديدة عن نجاح إحباط مستقبلات الخلايا المنتجة للجلوكاغون- وهو هرمون مقابل للأنسولين- تكلل بشفاء نماذج الفئران من داء السكري، وذلك بواسطة تحويل الخلايا المنتجة للجلوكاغون إلى خلايا منتجة للأنسولين. إن هذه النتائج يمكن أن توفر سبيلاً جديداً لعلاج مصابي داء السكري بنوعيه الأول والثاني.
يتجاوز عدد مرضى السكري 34 مليوناً في الولايات المتحدة الأمريكية، وهو مرض يوصف بفقدان خلايا بيتا في البنكرياس. تنتج خلايا بيتا الأنسولين، وهو هرمون مهم يساعد الخلايا على امتصاص الجلوكوز واستعماله، الجلوكوز هو نوع من السكريات يتوزع في الدم و يشكل وقوداً للخلايا. في النوع الثاني لداء السكري، تطورُ أنسجة الجسم مقاومة للأنسولين، مما يدفع خلايا بيتا الى الموت من الإجهاد نتيجة الأفراز المفرط للأنسولين في محاولة للسماح له بامتصاص الجلوكوز.
أما في النوع الأول للسكري، الذي يلحق الضرر بنسبة 10% من السكان، تموت خلايا بيتا بفعل هجمات المناعة الذاتية. يؤدي كلا النوعين إلى الارتفاع الهائل في نسبة السكر في الدم، ويسبب في النهاية كثيراً من التعقيدات المحتملة، بما فيها بتر الأطراف، وفقدان البصر، و الفشل الكلوي، وغيبوبة السكر، والموت.
تقول قائدة الدراسة ماي- يون وانغ البروفيسورة والأستاذة الجامعية في قسم الطب الباطني بجامعة تكساس ساوث ويسترن، أن أدوية السكري تركز على توفير الأنسولين، لكن نظيره هرمون الجلوكاغون الذي تفرزه خلايا ألفا في البنكرياس لا يلقى الإهتمام المماثل. يرتبط الجلوكاغون بالمستقبلات الموجودة على الخلايا في الكبد، ويحث الكبد لإفراز الجلوكوز. تشير بعض الدراسات الحديثة أن استنفاد الجلوكاغون أو إحباط مستقبلاته يمكن أن يساعد الحيوانات أو البشر في تنظيم مستويات الجلوكوز في دمهم بصورة أفضل.
ولكن كيف حدثت هذه الظاهرة الفريدة؟
للإجابة عن هذا السؤال، أستخدمت وانغ وزملائها أجساماً مضادة أحادية النسيلة، وهي بروتينات بشرية الصنع تؤدي عمل الأجسام المضادة في جسم الإنسان، وتساعد جهاز المناعة في التعرف على كل ما يرتبط به، و إبطال مستقبلات الجلوكاغون.
سمي أحد نماذج ( PANIC- ATTAC) أي: موت جزر لانكرهانز لخلايا بيتا بالتنشيط المستهدف لأنزيمات كاسبيز8 (Caspase8). تسببت طفرة جينية بموت خلايا بيتا بصورة انتقائية عند تلقي الفئران العلاج الكيميائي، وما أن استُنزفت جميع خلايا بيتا، وجه الباحثون الأجسام المضادة أحادية النسيلة ضد مستقبلات الجلوكاغون.
ساعد العلاج الأسبوعي والأجسام المضادة على خفض نسبة السكر في دم القوارض، واستمر هذا التغير في النسبة لأسابيع بعد وقف العلاج.
أظهر بحث آخر أن عدد الخلايا في البنكرياس لدى هذه الحيوانات قد ارتفع بصورة ملحوظة، بما فيها خلايا بيتا. والبحث عن مصدر هذا التأثير، استخدم الباحثون تقنية تسمى تتبع النَسب (lineage tracing) لتحديد خلايا ألفا. وجد الباحثون أن العلاج بالأجسام المضادة أحادية النسيلة دفع بعض خلايا ألفا المنتجة للجلوكاغون للتحول لخلايا بيتا المنتجة للأنسولين، وذلك بعد تتبع خلايا ألفا عبر جولات من الأنقسامات الخلوية.
ومع تشارك نموذج PANIC- ATTAC فقدان خلايا بيتا التي تحدث في كلا نوعي السكري، يختلف هذا النموذج في هجوم المناعة الذاتية الذي يسبب الإصابة بالنوع الأول للسكري.
ولملاحظة مدى فعالية إعادة تشكل خلايا بيتا عبر خلايا ألفا في مثل هذه الظروف، فحص الباحثون نموذج فأر آخر من النوع المسمى (فئران غير مصابة بداء السكري).
في هذه الحالة، تُستنزف خلايا بيتا عبر رد فعل مناعي. عندما حقنت هذه الحيوانات بالأجسام المضادة أحادية النسيلة، استرجعت خلايا بيتا رغم وجود خلايا المناعة النشطة.
وفي نموذج حيواني آخر يحاكي الجهاز المناعي البشري إلى حد كبير، حقن الباحثون خلايا ألفا وبيتا في أجسام الفئران غير المصابة بالسكري (NOD mice) منخفضة المناعة، كمية من الخلايا تكفي لإنتاج كمية كافية من الأنسولين لتكتسب هذه الحيوانات داء السكري. عندما تلقت هذه الفئران أجساماً مضادة أحادية النسيلة ضد مستقبلات الجلوكاغون، زاد عدد خلايا بيتا البشرية لديها لتحميها من المرض. تشير هذه النتيجة إلى إمكانية تأثير هذا العلاج أيضا على البشر.
يشير البروفيسور المساعد في الدراسة وليام هولاند أن القدرة على تحويل خلايا ألفا إلى خلايا بيتا له نتائج واعدة خصوصاً لمصابي النوع الأول للسكري. وحتى بعد عقود من هجوم المناعة الذاتية على خلايا بيتا، سيظل لدى مصابي النوع الأول للسكري كميات وفيرة من خلايا ألفا، وهي الخلايا التي لا تموت، ويضيف: إذا تمكنا من تسخير خلايا ألفا وتحويلها إلى بيتا فقد يكون العلاج قابلاً للتطبيق لجميع مصابي النوع الأول للسكري.
ويردف قائلاً: مع أن مرضى السكري بنوعيه يبذلون قصارى جهدهم في التحكم بنسبة الجلوكوز، غير أنه يتقلب بشكل كبير على مدار اليوم، حتى مع استخدام أفضل مضخة على أحدث طراز. إن استعادة هؤلاء المرضى لخلايا بيتا يمكن أن يساهم في استعادة التنظيم الطبيعي بطريقة أفضل وتحسين تنظيم الجلوكوز ونوعية الحياة بشكل كبير.
ترجمة: طيبة حمد
مراجعة وتعديل الصورة: تبارك عبدالعظيم
المصدر: هنا