تلميحات واعدة في التجارب الابتكارية أظهرتها أدوية جديدة لمرض الزهايمر

 

في البحث عن دواء لعلاج مرض الزهايمر، حتى نفحة من النجاح يمكن أن تكون مسكرة. يفسر هذا سبب ظهور عقار تجريبي يسمى BAN2401، والذي بدى قبل عدة أشهر أنه قد ينضم إلى مجموعة متزايدة من العقارات الفاشلة المرشحة لعلاج الزهايمر، والذي أثار ضجة واسعة في مؤتمر الجمعية الدولية لمرض الزهايمر في شيكاغو، إلينوي.

في تجربة من المرحلة الثانية، فشل الدواء بالفعل في إظهار مستوى الفائدة التي اشار اليها مطوريه (شركة Biogen Inc. في كامبريدج، ماساتشوستس. وشركة Eisai Co. Ltd. في طوكيو) وقد تم تعيينها كنقطة نهاية أولية للدراسة. ولكن بالأمس قدمت الشركات سلسلة من التحليلات الأخرى من نفس التجربة التي توحي بأن BAN2401 قد يبطئ وتيرة التدهور المعرفي لمرضى الزهايمر، وتعكس عملية تراكم البروتين في المخ والتي يعتقد أنها تقود الى التنكس العصبي للمرض. لكن مجموعة المرضى الذين أظهروا هذه الفوائد كانت صغيرة نسبيًا — 161 شخصًا — والتغيير غير المتوقع في الطريقة التي تم بها اختيار الدراسة بشكل عشوائي، ألقت بعض الشكوك حول النتائج. بالنسبة للكثيرين، فإن النتائج أولية كانت مرحلة تمهيد للاحتفال.

يقول كيث فارجو (Keith Fargo)، مدير البرامج العلمية والتوعية في جمعية ألزهايمر في شيكاغو: “إذا كانت هذه النتائج التي رأيناها اليوم في مرحلة التجارب السريرية للمرحلة الثالثة، فانت تبحث عن دواء معدِّل للأمراض، وهو الأول من نوعه لمرض الزهايمر، لكنك لا تعرف ما إذا كانت ستنجح حتى تجري فعليًا تجربة المرحلة الثالثة”.

مثل العديد من أدوية الزهايمر الأخرى قيد التطوير، يستهدف عقار BAN2401 الـ β-amyloid وهو جزء البروتين الذي يشكل لويحات لزجة حول الخلايا العصبية. يعتقد العديد من العلماء أن الـ β-amyloid هو السبب الرئيسي في مرض الزهايمر، مما يمنع التواصل بين العصبونات ويقتلهم في النهاية. ان عقار BAN2401 عبارة عن جسم مضاد يرتبط بالهيكل النسيجي للاميلويد والمعروف باسم protofibrils والتي تكون في طور التكتل الى لويحات.

شملت التجربة 856 مريضًا يعانون من شكل خفيف ومبكر من مرض الزهايمر، واعتمدوا على مقياس جديد للوظيفة الإدراكية – وهي نتيجة مرض الزهايمر المركب (ADCOMS) – تم تصميمها لاكتشاف التغيرات الطفيفة في الأشخاص المصابين بمرض الزهايمر في مرحلة مبكرة. قررت الشركات أيضًا تصميم دراسة مبتكرة ومعقدة. ستكون التجربة “متكيفة”؛ بدلاً من تعيين مشارك وارد عشوائياً إلى واحدة من خمس مجموعات معالجة، يحصل كل منها على جرعة مختلفة من الدواء، وقد زاد نظام التعيين من احتمال حصول المريض على الجرعة التي يبدو أنها تعمل أفضل في الوقت الذي دخلت فيه الدراسة.

اعتمد الباحثون أيضًا على طريقة إحصائية – تعرف باسم إحصائيات بايزي (Bayesian statistics) – لتحليل كيفية استجابة مجموعات مختلفة من المرضى للدواء أثناء إجراء التجربة، بدلاً من الانتظار حتى اكتمالها لإجراء التحليل الإحصائي. وكان الهدف من هذا النهج هو إعطاء الباحثين تلميحًا سابقًا حول ما إذا كان الدواء سيعمل على الأرجح. كان هذا أول استخدام لإحصاءات Bayesian في تجربة مرض الزهايمر.
يقول Fargo: “أعتقد أن الشركة متفائلة جدًا بشأن هذا الدواء، واعتقد أن التحليل Baysesian قد يمكِّن من اتخاذ قرار أسرع حول ما إذا كان سينتقل إلى المرحلة الثالثة أم لا”.

لكن يبدو أن الإستراتيجية جاءت بنتائج عكسية. كان من المفترض أن يكشف هذا التحليل المبكر، بعد 12 شهراً من المعالجة، عن احتمال بنسبة 80٪ على الأقل بأن عقار BAN2401 قلل من معدل الانخفاض المعرفي لمرضى الزهايمر بنسبة 25٪ أو أكثر، مقارنةً بالدواء الوهمي. لم يشرح الدواء هذا الشرط . وبدلاً من ذلك، تم الحكم على أن نسبة الاحتمالية هي 64٪، كما أوضح لين كرامر Lynn Kramer، المسؤول السريري في قسم الأعصاب في Eisai، في عرض يوم أمس – حيث قال انه “قريب نسبيًا”.

ولكن بعد متابعة المرضى لمدة 6 أشهر أخرى، كانت الشركات أكثر تفاؤلاً. حيث أعلنوا في وقت سابق من هذا الشهر أنه في بعض المرضى، كان للدواء آثار كبيرة بعد كل ما حصل. وكان عرض اليوم هو أول لمحة عن حجم تلك الآثار: بعد 18 شهرًا ، حيث اظهر الـ 161 مريضًا الذين حصلوا على أعلى خمس جرعات تم اختبارها في التجربة انخفاضاً معرفياً ابطأ بنسبة 30٪ من أولئك الذين تلقوا علاجًا وهميًا، كما تم قياسه من خلال ADCOMS. وشهدت تلك المجموعة انخفاضًا أبطأ بنسبة 47٪ مقارنة مع الدواء الوهمي، وذلك عن طريق مقياس إدراكي آخر أكثر تقليدية، يعرف باسم مقياس تقييم مرض الزهايمر المعرفي. وكشف التصوير الدماغي أن الدواء قلل من مستويات لويحات الأميلويد في جميع مجموعات الجرعات، وأن 81٪ من المشاركين تم اعتبارهم “سلبيي الاميلويد “amyloid negative” في مسح الدماغ بعد 18 شهرًا من العلاج.

لكن كرامر Kramer وصف أيضًا تغيرًا غير متوقع ويحتمل أن يكون مشكلة في التجربة. قام الباحثون بمراقبة المرضى لملاحظة تورم المخ ، وهو خطر محتمل للسلامة من هذه الاجسام المضادة للامايلويد ، خاصةً في المرضى الذين لديهم جين يسمى APOE4، مما يزيد من خطر الإصابة بمرض الزهايمر ويرتبط بتدهور معرفي أسرع. في يوليو 2014 ، طلبت وكالة تنظيمية خارج الولايات المتحدة – لم تحدد الشركات أيًا منها – أن تتوقف التجربة عن تعيين مشغلات APOE4 هذه إلى اعلى جرعة (وبالتالي نسبة خطر اعلى) من صلب التجربة. امتثلت الشركة لهذا الطلب.

هذه الحركة لم تخفض فقط حجم مجموعة الجرعات العالية، ولكنها خلقت متغيراً محتملاً مفاده: هل أظهرت تلك المجموعة انخفاضاً عقلياً أبطأ لأن الدواء كان يعمل؟، أم لأنه احتوى على عدد أقل من الأشخاص المعرضين جينيًا للانحدار بسرعة؟

ويرجع ذلك جزئياً إلى هذا التغيير، يقول لورنس هونيغ (Lawrence Honig)، طبيب الأعصاب في كلية فاجيلوس للأطباء والجراحين بجامعة كولومبيا، عن العرض الذي قدم يوم أمس: “أعتقد أن الناس ربما لم يكونوا متحمسين كما كانوا سابقاً”.
هو لم يشارك في الدراسة، ولكنه محقق في دراسات أخرى للأدوية التي طورها كل من Eisai وBiogen. يقول هونيغ إن التغيير الذي طرأ على التوزيع العشوائي للدراسة “يؤثر على التفسير قليلاً” ، على الرغم من أنه “حتى بدون هذه التحذيرات، لن تكون [التجربة] قاطعة”. فقد لاحظ أن الادوية المرشحة الاخرى لمرض الزهايمر بدت واعدة في المرحلة الثانية وفشلت في الدراسة ألاكبر.

لم يتضح بعد نوع الدراسة التي سيحتاج إليها Biogen و Eisai لإثبات فعالية الدواء في إدارة الغذاء والدواء الأمريكية. وستكون متابعتها واحدة من عدد قليل من الجهود التي تتم متابعتها عن كثب في هذه الفئة المرشحة للادوية. كما تقوم الشركات أيضًا بتطوير جسم مضاد مختلف مستهدف للأميلويد، وهو aducanumab، والذي وصل مباشرة إلى دراسة كبيرة في المرحلة الثالثة في عام 2015 بعد ظهور مؤشرات واعدة على 125 مريضًا فقط. من المتوقع أن تسفر هذه الدراسة عن نتائج في عام 2020.

ترجمة: Banen Adel 
تدقيق: Sara Al-Nooh
تصميم ونشر: Tabarek A. Abdulabbas
المصدر: هنا