ولادة العصر الذري: ٧ مواقع للتجارب النووية مهجورة في وقتنا هذا

بدأ العصر الذري في صحراء نيو مكسيكو في ١٦ حزيران ١٩٤٥، عندما نفذ مشروع مانهاتن أول تفجير ناجح لسلاح نووي. وبعد شهر واحد فقط، أُلقيت قنبلتان ذريتان على اليابان، مما أدى إلى تدمير هيروشيما وناغازاكي، والذي بدوره أنهى الحرب العالمية الثانية.

أما الآن، فنحن نعيش في ظل القانون الجزئي لمعاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية، التي تم التوقيع عليها في عام ١٩٩٦ لمنع إجراء جميع التجارب. ولكن قبل تلك المعاهدة، تم إجراء أكثر من ٢٠٠٠ تفجير تجريبي نووي في الجزر النائية والجزر المرجانية في جميع أنحاء العالم من قبل قوى عالمية مختلفة.

اليك بعض المواقع التي تم إستخدامها للتجارب النووية وتكون عادة مفتوحة للزوار تعمل كتذكير صارم بنتائج الحرب الباردة وضرورة هجر هذه الأماكن:

١. ترينيتي، نيو مكسيكو، حيث بدأ كل شيء:
ولد العصر النووي بتفجير مايسمى “بالأداة،” وهي قنبلة نووية تحت الاسم الرمزي “الثالوث أو ترينيتي”. كانت القنبلة عبارة عن جهاز بلوتونيوم ذو ١٣ رطل التي أطلقت كرة نارية ذات قطر ٦٠٠ قدم، أهلكت الأشجار وفجرت النوافذ على بعد ٢٠ ميلا (١٩٣ كم)، وحولت الرمل إلى قطع زجاج.

The Birth of the Atomic Age: 7 Nuclear Test Sites Abandoned Today
اليوم، تم إنشاء مسلة تذكارية في “موقع الثالوث”، النقطة التي تم فيها تفجير أول قنبلة نووية في العالم. على الرغم من أن المنطقة عادة ما تكون مغلقة أمام الجمهور، إلا أنها تُفتح للجمهور في أول يوم سبت من آذار من كل عام.

٢. أرض المحيط الهادئ
أرض المحيط الهادئ هو الاسم الذي أطلقته الحكومة الأميركية لامتداد المحيط الهادئ الذي خصصته للتجارب النووية بين عامي ١٩٦٢ و ١٩٦٤ . وقد استخدمت الولايات المتحدة الجزر المرجانية في جنوب المحيط الهادئ في أكثر من مائة تجربة نووية خلال هذه الفترة.
على الرغم من أن الحرب الباردة، لحسن الحظ، لم تصل قط إلى نقطة الانهيار، فإن العديد من المواقع في هذه الجزر تمثل آثار واقعية في وقت كانت فيه القوى العالمية تفكر بجدية في الحرب النووية.

The Birth of the Atomic Age: 7 Nuclear Test Sites Abandoned Today
في السبعينيات، شرعت الحكومة الأميركية في تنظيف الحطام المشع الواسع النطاق الذي خلفته العديد من الانفجارات على أرض المحيط الهادئ. تم حفر حفرة على نطاق ١١ الف ياردة مكعبة في جزيرة رونت من أجل ردم هذه النفايات. وبعد الانتهاء من عملية التنظيف، تم بناء قبة خرسانية ضخمة، تبلغ سماكتها قدم ونصف وبمساحة ١٠٠ ألف قدم مربع، على الحفرة. تُعرف هذه القبة بأسم قبة الصبار ، ويشبه بناءها قليلا الساحة 02 في لندن ولكن وظيفته أقرب إلى هيكل تشيرنوبيل الجديد للحبس الآمن. في عام ٢٠١٥، حذر العلماء من أن ارتفاع مستويات سطح البحر بسبب تغير المناخ قد يتسبب في تسرب الحطام النووي من القبة إلى المحيط.

٣. سيميبالاتينسك، موقع الاختبار الرئيسي للاتحاد السوفيتي

هناك كمية هائلة من الحفر، الكثير منها مملوءة جزئيا بالماء، وهي دليل على التجارب النووية البالغ عددها ٤٥٦ تجربة أجريت في مدينة سيميبالاتينسك السوفياتية السابقة بين عامي ١٩٤٩ و ١٩٨٩.
من هذه التجارب، ٣٤٠ تفجير تحت الأرض، و ١١٦ انفجارا في الغلاف الجوي، أجريت جميعها في المنطقة المحيطة بالمدينة المعروفة اليوم باسم سيمي في كازاخستان.
على عكس أراضي المحيط الهادئ في الولايات المتحدة، تقع سيميبالاتينسك بالقرب نسبيا من المستوطنات الرئيسية. والواقع أن سيميبالاتينسك لديها إرث مروع بسبب الطريقة التي أجرى بها الاتحاد السوفياتي التجارب النووية دون سابق إنذار لسكان المنطقة البالغ عددهم٢٠٠ ألف نسمة.

The Birth of the Atomic Age: 7 Nuclear Test Sites Abandoned Today
ومنذ ذلك الحين ربط العلماء ارتفاع معدلات الإصابة بالسرطان في المنطقة، وأكثر من مليون تشخيص لمشكلات صحية بالتداعيات النووية للتجارب. وكانت الحركة المناهضة للأسلحة النووية في كازاخستان رد فعل مباشر على هذه التجارب النووية. وقد تشكلت في عام ١٩٨٩ من قبل المؤلف أولزهاس سوليمينوف، وأدت إلى إغلاق سيميبالاتينسك في عام ١٩٩١.

The Birth of the Atomic Age: 7 Nuclear Test Sites Abandoned Today

٤. القيصر بومبا، أكبر انفجار ذري في العالم
فجّر الاتحاد السوفياتي أكبر تفجير نووي في العالم، المعروف باسم القيصر بومبا، في عام ١٩٦١. تم تحديد المنطقة كموقع للتجارب النووية في عام ١٩٥٤، وشهدت إجراء ٢٢٤ تجربة نووية على مدى السنوات ال ٣٥ التالية.

The Birth of the Atomic Age: 7 Nuclear Test Sites Abandoned Today
كانت كرة النار التي خلفتها قنبلة القيصر بومبا على ارتفاع حوالي ٥ أميال (٨ كم) ووصلت إلى ارتفاع ٦،٥ ميل (١٠،٥ كم)، مما يعني أنها وصلت إلى نفس مستوى طائرة تو-٩٥ التي قذقتها. كانت منطقة الدمار الكلي ٢٢ ميلا (٣٥ كم) ، مما يعني أنها ستكون قادرة تماما على تدمير مدن بأكملها.

٥. موقع الأمن القومي في نيفادا
من المرجح أن يتذكر القراء أنهم شاهدوا لقطات في مرحلة ما من حياتهم للعائلة الأميركية المثالية التي ترتدي زيا موحدا يجري سحقها بأنفجار نووي تجريبي في صحراء نيفادا. خلال العديد من التجارب النووية التي بدأت في عام ١٩٥٥ ، تم بث المشهد في نشرات الأخبار في جميع أنحاء العالم وتم إعادة تمثيلها في أفلام مختلفة، بما في ذلك إنديانا جونز ومملكة الجمجمة البلورية. من بين التجارب التي اجريت قي هذا الموقع، ١٤ انفجارا يعرف بأسم “إبريق شاي العمليات”. كما تم بناء بيوت بتصاميم معينة وعلى بعد محدد لتحديد مقاومتها للإنفجارات، عُرف هذا المكان بأسم بلدة الموت.

The Birth of the Atomic Age: 7 Nuclear Test Sites Abandoned Today

٦. تجارب جزيرة كيريتيماتي من قبل ثالث قوة نووية في العالم
على الرغم من أن الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي سوف يدخلان التاريخ، أو العار، باعتبارهما أكبر قوتين نوويتين، فإن قوة العالم الثالث عندما يتعلق الأمر بترسانة نووية تاريخية، هي المملكة المتحدة – ولديها أيضًا إرث مدمر خاص بها. وفي أيار ١٩٥٧، أجرت المملكة المتحدة أول تجربة ناجحة للقنبلة الهيدروجينية في جزيرة مالدن. وكانت هذه أول تجربة من بين عدة اختبارات أجريت في جزيرة مالدن وفي جزيرة كيريتيماتي من قبل القوات البريطانية والأمريكية. توقفت التجارب بحلول عام ١٩٦٩، ولكن لاتزال آثارها محسوسة الى يومنا هذا.

The Birth of the Atomic Age: 7 Nuclear Test Sites Abandoned Today

٧. لوب نور، موقع التجارب في الصين
جرت أول تجربة للقنبلة النووية للصين في لوب نور في عام ١٩٦٤ وأطلق عليها اسم “596.” وتبعتها جمهورية الصين الشعبية بتفجيرها لأول قنبلة هيدروجينية في ١٧ حزيران ١٩٦٧. وتبلغ مساحة لوب نور ١٠٠ ألف كيلومتر مربع، وهي أكبر موقع للتجارب النووية في العالم، بمعامل يبلغ حوالي عشرين.
وبين عامي ١٩٦٤ و ١٩٩٦، أجريت ٥٤ تجربة نووية. وكما هو الحال في العديد من أنحاء العالم الأخرى، قوبلت الاختبارات التي أجريت في الموقع بانتقادات من السكان المحليين وكذلك من الجمهور العالمي.

The Birth of the Atomic Age: 7 Nuclear Test Sites Abandoned Today
في عام ٢٠٠٩، قام عالم ياباني يدعى جون تاكادا، الذي عارض التجارب وأطلق عليها اسم “سلوك الشيطان”، بإجراء محاكاة حاسوبية قدرت أن ١٩٠ ألف شخص ربما لقوا حتفهم في الصين بسبب أمراض ذات صلة بالمجال النووي سببتها التجارب.

واليوم، وبفضل معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية، نعيش في عالم توقفت فيه الدول إلى حد كبير عن اختبار الأسلحة القادرة على القضاء على مجموعات سكانية بأكملها، ويمكن أن تؤدي تجاربها ذاتها إلى عواقب مدمرة على مجتمعات كبيرة.
وعلى الرغم من أن العديد من البلدان تتبع السلوك الذي حددته المعاهدة، فإنها لم تنفذ بعد تنفيذا كاملا. وذلك لأن الصين ومصر وإيران والولايات المتحدة وقعت على المعاهدة ولكنها لم تصدّق عليها، في حين أن الهند وكوريا الشمالية وباكستان لم توقع أساسا.

 

 

 

ترجمة: زينب عبد الكريم

مراجعة وتصميم ونشر: تبارك عبد العظيم

المصدر: هنا